سورية... والربيع العربي

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

سورية : إنها عقدة المنشار وتراجيديا  الثورات العربية وأصعبها على الإطلاق ، وأكثرها تداخلا وتشعبا وتشابكا وتعقيدا ، لأسباب كثيرة : أهمها تلك العصابة الفاشية المستبدة ، التي تحكم بقبضة حديدية وحزب شمولي يتحكم به ويستغله عائلة طائفية ، ربطت مصيرها بحلف طائفي إقليمي يخالف معتقدات الغالبية الساحقة من أبناء شعبها ، وأقامت تمييزا عنصريا وأحدثت شرخا رأسيا عميقا بين مكونات أبناء الشعب السوري ، وزرعت الأحقاد والضغينة بين مكونات الشعب السوري وإثنياته ، وقسمت الشعب إلى طبقات وفئات ومواطنين درجة أولى ... ودرجة عاشرة ...  ومواطنين بلا درجة ، يقودها إلى ذلك  رئيس ورث الحكم عن أبيه في نظام جمهوري ، ويحكم باسم حزب يرفع الوحدة العربية شعارا ، يقود هذا الحاكم بلده إلى مخطط طائفي إقليمي يعادي القومية والعروبة ، وأطلق في بلده  يد إيران لتنفيذ هلالها الصفوي على حساب المسلمين السنة من أبناء وطنه وبلدان الجوار، ومنحها صلاحيات مذهبية وطائفية داخل الوطن ، يحكم مخابراته وأجهزة أمنه  ونظامه على من يمارسها من أحرار شعبه بالإعدام ! .

في نفس الوقت آثرأن  يسير على عهد أبيه وسياسته المعادية لشعبه ومعتقداتهم ودينهم  وحربه عليهم ، مقربا إليه علماء السوء من المنافقين والفاسدين ، ليشرعنوا له حربه الآثمة ، ويباركوا له خطواته المشبوهة ، في كتم صوت الحق وتغييب رجاله ، ففي عهده أرتكبت مجزرة صيدنايا بقيادة أخيه ماهر سابقا ، واليوم بعد هبوب رياح الربيع العربي نفذ بشار وعصاباته وشبيحته المجازر في جميع أنحاء سورية الجريحة ، من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ، في القرى والمدن والبوادي والأرياف ، وكما ارتكبت في عهد أبيه مجزرة تدمر بقيادة عمه رفعت ، فقد قام هذا الإبن أيضا بإقالة أو تحويل المدرسات المنقبات من سلك التعليم إلى جهات أخرى ، على خطى أبيه الذي قام في عام 1979 بتحويل وتسريح جميع المدرسين في سلك التربية الذين يحملون أي صفة أو مسحة التزام أو تدين ، ثم تلا ذلك في عام 1980 إبان الأحداث التي اندلعت ضد الأب ، بقرار منع الحجاب وخلعه عن رؤوس النساء بما فيهن العجائز، عنوة  داخل المدارس والجامعات والدوائر الحكومية والمؤسسات والشركات الخاصة ... والشوارع بواسطة ما سمي حينها ( المظليات ) أي الشبيحة النسائية في عهد الأب ، بما يحاكي شبيحة بشار اليوم . 

أغض بشار الطرف – إن لم يكن مشجعا – عن نهج الفساد المالي والإداري والأخلاقي بكافة ألوانه وأنواعه ، لإطلاق يد أتباعه وعصاباته وملحقاتهم لتعيث فسادا ، تنهب الأموال وتنتهك الحرمات وتخرب الأوطان ، وعلى رأسهم شريكه ... لا بل مدير أعماله رامي مخلوف إبن خاله ، وهو من النخبة الحاكمة كما يدعي ويزعم ، ولا يستبعد ذلك أو يستغرب ، فهو نظام حكم العائلة لمزرعة قد توارثوها عن الطاغية الأكبر ، ومخلوف هذا هو صاحب التصريحات الحمقاء ، والرسالة البتراء التي  فضحت دعوى مقاومة النظام وممانعته المزعومة ، وكشفت أمام المخدوعين والعوام من أبناء الأمة الارتباط السري لهذا النظام  مع العدو الصهيوني ، وعمله حارسا لحدوده .

كل هذا في خضم كبت وعسف وقمع وإذلال واستعباد للمواطن من قبل هذا النظام المستبد الفاسد ، إضافة للأوضاع الإقتصادية المتردية لغالبية أبناء الوطن .

هل الربيع العربي ولوحت بشائره تزرع الأمل في نفوس أبناء الشعب السوري بعد أن دب فيها اليأس وتغلغل إلى سويدائها ، ودغدغت مشاعرهم التي حرموا من إظهارها ،  ليحلموا بحياة كريمة ويتنسموا  عبق الحرية ، ويتحرروا  من أغلال وقيود القبضة الحديدية ، ويشعر المواطن بإنسانيته التي اغتالوها تحت أقدام إستبداد الحزب الشمولي وأحقاد الطائفية ، ولعنات العائلة الملكية في ظل نظام جمهوري وراثي !

تصدى النظام من اليوم الأول لانظلاقة الثورة بطبيعة سادية وطريقة همجية وسياسة وحشية وسلوك يضج بالعجرفة والعنجهية  ضد أطفال درعا ، الذين خطت بنانهم الغضة الطرية خربشات على الجدران تترجم ما يجول في نفوس الكبار.

أصر هذا النظام المستبد الفاسد على الحل البوليسي ضد معارضيه المحتجين ، ولم يرسم له سقفا أويضع حدا لإجرامه ، كما لم يدع طريقا للصلح أو الإصلاح مع معارضيه وأحرار شعبه ، وأحرق القشة وقطع الشعرة بينه وبين مواطنيه ، ومارس كل أنواع الكذب والدجل والتضليل الإعلامي بشكل سافر مفضوح ، حتى أصبحت منابر إعلامه ، عنوانا للكذب ورمزا للدجل ومصدرا رئيسيا للتضليل الإعلامي .

إدعى الإصلاحات الكاذبة  وأطلق الوعود الهوائية  والأماني الخادعة ، في نفس الوقت الذي كان مصمما على نهجه البوليسي مع تطويره وتصعيده نحو الأقبح والأفظع والأشنع في طريق القمع والإجرام ، وقد أعمى عينيه وأصم أذنيه أمام نداءات شعبه وأبناء وطنه لوقف آلة القمع والكف عن القتل .    

طار صوابه وفقد رشده وتملكه سعار حيواني وشره فظيع نحو القتل والتنكيل بأشراف شعبه وأحرارأمته ، انتقاما من ثورتهم المباركة ومطالبتهم بالحرية والكرامة  والعدالة والانسانية . 

لم يرعو أو يعتبر بنهاية زملائه الطواغيت من الفاسدين والمستبدين والقتلة ، بين هارب مع زوجته هائم على وجهه ، لفظته بقاع الدنيا ورفض استقباله أصدقاؤه وخلانه من رفاق الأمس ، رغم ملياراته التي سرقها ومجوهرات زوجته التي نهبتها .

 وعجوز متمارض - كان بالأمس متصابيا -  يحاكم خلف القضبان ذليلا مع أبنائه ورموز حكمه وأعوان استبداده وفساده من حاشيته وأزلامه ، لا يقوى على مواجهة الكاميرا والظهور أما أبناء شعبه بعد أن كان يحشد لذلك الملايين .

 وبين مراوغ مخادع ينكث بالوعود ويحنث بالعهود ، نحيّ عن كرسيه وأجبر على السفر من بلده ، لينفد بجلده وينجو بنفسه من بطشة شعبه .

 ومجرم معتوه سفاح ، نعت قومه بالجرذان وتوعدهم بالخسف والتدميروتحويل بلده إلى جمرة حمراء ، فانتشلوه من مواسير المجاري وسط الجرذان ، ليلقى مصيره البائس ، كما توعد بذلك المصير أحرار شعبه الذين قضى على أيديهم .

ومازال على ربا الشام سفاحها يقتل ويقمع ويسفك ويسفح ويغتصب وينكل ويفعل كل الجرائم والموبقات ضد أشراف وطنه وأحرار شعبه الذين انتفضوا في وجهه ضد الظلم والطغيان .

 مازال هذا الطاغية السفاح سادرا في غيه كأنه مخدر أو مغيب لا يقرأ واقعه ولا يتعظ مما حوله ، يصر أن ينهي خاتمته بطريقة سوداء مفجعة ، أسوأ من نهايات جميع زملائه الذين  سبقوه في درب الظلم ومسيرة الطغيان ، ليرسم نهايته البائسة بإجرامه ويخطها بحماقاته ويدشنها بتجاهله وغبائه ، وقد تفوق على كل رفاقه وأقرانه الذين سبقوه في هذا النفق المظلم ، لينتظر نهاية تتناسب مع ظلمه وتليق بإجرامه ،  لينال مع طغمته جزاءه العادل على أيدي أبناء شعبه .