ما الفرق بين المظلوميتين
محمد علي الخطيب ( محمد العلي ) – دمشق
ظهور حسن نصر الله زعيم حزب الله العلني والمباشر لمخاطبة جماهيره الحاشدة في لبنان، وليس عبر شاشة تلفزيونية كما جرت عادته طوال السنوات الماضية ، يريد من وراء ذلك توجيه عدة رسائل ، بعضها لحزبه وجمهوره ، تسكن من قلقهم وتوترهم ، وتزيل هواجسهم وخوفهم من المستقبل المجهول ، وتؤكد لهم أنه وحزبه ما زال في قوته وقادراً على التحدي والمواجهة ، وهي الرسالة نفسها لخصومه في الداخل اللبناني ، ورسائل أخرى إلى حلفائه في سورية ، لتطمئنهم بأنه ما زال يقف في خندقهم ، ويشاركهم المعركة رغم قذارتها والمصير رغم قتامته .
لم يكن مفاجئاً، أن يصبَّ نصر الله جام غضبه على د . برهان غليون ، رئيس المجلس الوطني السوري ، الذي صرح بأنه سيقطع علاقة سورية بحزب الله وإيران بعد الإطاحة بالنظام السوري الحاكم ، لكن المفاجئ أن يتخذ نصر الله من تصريحات غليون مع الاعتراف بمجافاتها للغة الدبلوماسية وربما يشفع له قصر باعه في السياسة ، ذريعة لإعلان حرب مفتوحة ضد الثورة السورية وكيل الاتهامات لها بالتآمر والأمركة والخيانة والعمالة ، وأنها لا تريد الإصلاح ولا الحرية ولا محاربة الفساد لكنها مؤامرة لخلق نظام خيانة واستسلام وتوقيع على بياض في سوريا !. هكذا على المكشوف دون تمييز ولا مداراة ، ولا حتى كلمة واحدة فيها مواساة للشعب السوري الذبيح أو دعوة لحلفائه في سورية إلى رفع المظلومية عنه والتجاوب مع مطالبه المشروعة المتمثلة بالكرامة والاحترام والديمقراطية أو على الأقل الحد الأدنى من حقوق الإنسان ، خاصة أن زعيم حزب الله كان يختطب بمناسبة عاشوراء رمز المظلومية التي وقعت على أبي عبد الله الحسين وآله رضوان الله عليهم ، فما الفرق بين المظلوميتين ؟.
بل على العكس تماماً مدح النظام السوري الداعم للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية ، بينما جميع الأنظمة العربية تتآمر عليها بحسب تعبيره !!. ولربما نميل إلى تصديقه في الشطر الثاني من كلامه دون أوله الذي بات مشكوكاً فيه أو فاقد المصداقية في أوساط الكثيرين .
وبذلك يكون نصر الله قد وضع نفسه وحزبه وورط معه أيضاً حلفاءه اللبنانيين من سائر الطوائف ، في مواجهة الشعب السوري ، وفي صف النظام السوري المجرم الذي ما فتئ يرتكب مجازره ضد المدنيين دون تمييز بين صغير وكبير ، وهذا قرار في غير محله وخيار وإن كان يحلو للبعض وصفه بالشجاعة لكنه وضع كل المبادئ الأخلاقية والقيم النضالية التي كان يتشدق بها سنين طويلة وراء ظهره في سبيل مصالحه الموهومة ، وهنا يتساءل كثير من السوريين وغيرهم مستغربين ؛ كيف لحزب وطني مقاوم إسلامي أن يشارك ديكتاتوراً مجرماً مجازره البشعة ضد شعبه بتسليم المطلوبين والجرحى ؟!. وهل نسيَ أو تَناسى َموقف الشعب السوري خلال عقود مع حزبه ، وجحد المعروف الذي للسوريين في عنقه عندما قاسموا المهجرين اللبنانيين وجلهم من طائفته قاسموهم السكن والرغيف على شدة فقرهم وحاجتهم !؟. وكيف يساند حسن نصر الله كل الثورات العربية في مصر وتونس وسواها إلا السورية خاصة فإنه يعتبرها مؤامرة !؟. ثم معضلة أخرى هي الأدهى ؛ كيف تلتقي مصالح حزب الله مع إسرائيل في الحفاظ على نظام بشار الأسد الحامي لحدود إسرائيل أشد مما يحمي به حدوده كما يقول معارضوه !!؟.