(وليد) المتوهًم بضربة (معلم)
د.هشام الشامي
خرج علينا وليد المعلم بالأمس بمؤتمر صحفي جديد – بعد أن تحول لناطق رسمي باسم النظام - ليرغي و يزبد و يطبًل و يزمر بخفة دمه المعهودة!! و على مدى 90 دقيقة بتمامها و كمالها ، وليفوز أخيراُ بالضربة الفنية القاضية (بشفافية لا مثيل لها كما أدعى )على الدبلوماسية العربية جمعاء بكل ممثليها ، و على قنوات الفتنة الفضائية بكل إمكانياتها، والتي تتجاهل وجود عصابات مسلحة إرهابية تروًع و تقتل المدنيين ( لكن من المعارضين للنظام فقط !!) و العسكريين ، وليعرض فيديوهات دقيقة و واضحة و موثقة تظهر مسلحين ملتحين في أحياء جسر الشغور السورية و هم يروعون المدنيين و يطلقون النار عليهم ، و فيديو آخر لمدني مسكين تم تعذيبه بوحشية و قتله بصورة مروعة وإعدامه من قبل العصابات المسلحة الإرهابية بطريقة لا يمكن تصوًرها , و خرج وقد نفش ريشه و رفع إشارة النصر وليعلن أن وقت المفاوضات قد انتهى بعد إعلان العقوبات الاقتصادية على نظامه من قبل الجامعة العربية و ما على الجامعة إلا أن تصدًق رواية النظام و ترفع العقوبات وتعتذر على تسرعها و ظلمها ، و الأفضل أن تصطف مع النظام و تحارب الإرهابيين الذين عرضهم أمام أعينهم ، ليكفًروا عن ظلمهم و سوء ظنهم بالنظام البريء و المسالم أمام شعبه ، و المقاوم أمام الصهيونية و الإمبريالية !!
نحن السوريون نعرف أن هذا المؤتمر الصحفي ليس موجهاً لنا بل للخارج و ذلك لسببين :
1-لأن النظام يعلم علم اليقين بأننا لا نصدقه بكامل أركانه و إعلامه حتى في أخبار الطقس، فكيف سنصدقه في هذه التمثيلية المخابراتية الممًلة ، و نحن نعلم من يقتل و يروع أهلنا المتظاهرين السلميين و المعارضين للنظام بكافة اتجاهاتهم و مشاربهم ، فقط لأنهم يطالبون بحريتهم و انعتاقهم من النظام الأمني الأسدي الجاثم على صدورنا منذ أكثر من أربعة عقود
2- والأهم من ذلك أننا لا نعني لهذا النظام أي شيء ، حتى يعقد أحد أركان النظام _ و لو كان طبلاً أجوفاً و من الدرجة الثانية – مؤتمراً صحفياً لأجلنا ، و يضيًع وقته الثمين معنا ،فنحن و كما قال المعلم نفسه بالأمس : مقدور علينا 00
فبعد ثلاثة عقود من حكم الأسد الأب ، و توريث السلطة للأسد الابن بمسرحية هزيلة الإخراج أيضاً ، وعدنا هذا الأخير في خطاب القسم عام 2000للميلاد ، بجملة إصلاحات و تعهدات ، جعلت شعبنا الطيب المكلوم يسامح و يضغط على الجرح و يتناسى مآسي و جرائم الأب ، و يتطلع إلى المستقبل ، لكن شيئاُ مما وعد به الأسد الابن لم يحدث ، بل استمر تغوًل الأجهزة الأمنية و تسلطها على كافة مناحي الحياة ، و أعدم ربيع دمشق في صباه ، و ما تزال أبواق و إعلام النظام و المصطفين معه طائفياً و مصلحياً، و منذ انطلاق ثورة الكرامة قبل أكثر من ثمانية شهور ، يريدون أن يخدعوا شعبنا الثائر مرة أخرى ، و يقولوا : دعوا بشار الأسد ينفذ وعوده و إصلاحاته ، أعطوه فرصة ، إذا كان هدفكم العدالة و الإصلاح فها هو قد ألغى قانون الطوارئ ، و وعد بالتعددية الحزبية و إلغاء المادة الثامنة من الدستور و وو و ،
لكن جوابنا لهم : أن شعبنا لم يعد يثق بهذا النظام الكاذب و المراوغ و المخادع ، فقد مضت عشر سنين قبل اندلاع الثورة المباركة و لم ينفذ أي شيء من وعوده الكثيرة ، و يبرر و يتذرع بالظروف الخارجية ، فتارة بحرب العراق ، و أخرى بحرب لبنان ، و من ثم بحرب غزة ، و قبل اندلاع الثورة أعلن الأسد الابن أن الشعب السوري غير جاهز الآن للديمقراطية . و ربما بعد جيل آخر ( و في عهد حافظ الثاني ) سيتم دراسة الموضوع ثانية و في حال كانت الظروف و الشعب جاهزين سيتم تطبيق الديمقراطية بدون تسرع ، و ها هو اليوم و بعد الثورة يتذرع بالظروف الداخلية و لم يطبًق أي قرار من جملة القرارات التي أصدرها و رحم الله الأول حين قال : من جرب المجرب عقله مخرب
عندما كان المعلم يتحدث بشفافية !! (كما وصف حديثه )، و عندما عرض الفيديوهات التي ستفحم و تخرس كل الوزراء العرب و كل قنوات الفتنة المضللة كما يظن ، و ستكون هذه الضربة القاصمة التي ستفضح كل المؤامرات الكونية على سوريا المقاومة ، و ستكون بحق ضربة المعلم (و لو كان وليداً ) ضحكنا من هذه التمثيلية الفاجرة المفبركة ، و سرعان ما ظهر الحق و زهق الباطل ، و خرج (أبطال الفيلم الحقيقيون ) أصحاب الفيديوهات المزعومة من الإرهابيين بشحمهم و لحمهم ، ليعًرفون عن أنفسهم بأسمائهم و أشكالهم و لحاهم ، خرجوا من طرابلس لبنان ليقولوا : كفى كذباً ، كفى خداعاً ، كفى تلفيقاً ، أنا داني دلش و هؤلاء أخواني أبو علاء و أبو عمر نحن من صوُرنا هذا الفيديو للذكرى ، نحن لبنانيون ، و لم نزر سوريا في حياتنا ، و هذا الفيديو صورناه عام 2008م أثناء أحداث حي التبانة مع جبل محسن
أما فيديو تعذيب و قتل المواطن بطريقة وحشية و لا إنسانية فلم يكن في درعا و لا حمص و لا إدلب و لا حماة ولا دير الزور و لا دمشق و لا في أي منطقة سورية أخرى بل كان في كترمايا في لبنان و كل أهل هذه القرية شهود عيان على هذه الحادثة التي حصلت عام 2010 ، بل كل لبنان شاهد هذه الجريمة المروعة التي انتقم بها أهل كترمايا من هذا العامل المصري بهذه الطريقة البشعة بعد اتهامه أنه قام بقتل عائلة لبنانية من تلك القرية ، أنه العامل المصري محمد سليم مسلم بشحمه و لحمه يا أيها الطبل الأجوف
فمسلسل الكذب و الخداع و التلفيق و المراوغة هو السياسة الوحيدة التي يتقنها النظام الأمني الأسدي ، و التطور الوحيد الذي حصل في الدولة الأسدية الثانية أن المسؤولين لم يكونوا مضطرين للكذب بهذا الشكل الفاضح و أمام العالم في عهد الأسد الأب ، لأن الإعلام الناطق باسمهم كان يقوم بهذا الدور على أكمل وجه ، أما اليوم فقد تطور النظام و أصبح الجميع يكذب من الرئيس الطبيب الشاب !! إلى أصغر بوق رخيص في النظام
سألني أحد الأصدقاء العرب : - ما تفسيرك لفبركات المعلم هذه ؟ - لماذا يضع نفسه في هذا الموقف المشين ؟
أجبته: إما أنه شريك في فبركة هذه المسرحية مع النظام المخابراتي الحاكم في سوريا ، و بالتالي فهي مصيبة كبرى ، و نحن نعلم أن كل سياسيي النظام و إعلامه و أبواقه هم من خريجي أقبية المخابرات المظلمة ، أو أنه – إذا ما أحسنا الظن به رغم أنه أساء الظن بشعبه و جعلهم إرهابيين مجرمين – ضحية لعبة مخابراتية و بالتالي فقد أقنعوه أن هذه الصور فعلاٌ حصلت في سوريا على يد عصابات مسلحة و هذه مصيبة أكبر من سابقتها
فسألني صاحبي : و هل سيستقيل بعد هذه الفضيحة ؟
أجبته : إذا ما بقي عنده فضلة من كرامة ، فسيفعلها ، و لو أنني أشك في ذلك ، لأن نظامنا المخابرااتي الحاكم في سوريا لا يسمح بوصول مسؤول لمركز متقدم في النظام إلا بعد أن يكون قد أجري له مسح كرامة وغسيل دماغي و أصبح حاقداً على شعبه و عبداً من عبيد آل الأسد
و لكن و بعد أن كشف أمرك يا معلم و فضحت على رؤوس الأشهاد ، هل ستخرج مرة أخرى لتجمع الصحافيين و تتكلم بشفافيتك المفضوحة ؟؟
أم أنك ستستحيي و تستقيل و تعتذر ليس من الجامعة العربية و الساسة العرب و قنوات الحقيقة فحسب ، بل و من شعبك المقهور الثائر الذي يقول لك : عش و سترى
مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية