مروة الغميان و كشف المستور

د.هشام الشامي

مروة الغميان أو الحرة الدمشقية ( كما سمت نفسها على الفيس بوك )

من من أحرار سوريا لا يعرف هذا الاسم العلم ؟؟

إنها أول متظاهرة ظهرت متوشحة بعلم الوطن في سوق الحميدية وسط دمشق في 15 آذار 2011 يوم انطلاق ثورة الكرامة في سوريا و هي تهتف حرية 00حرية ، فتهافت عليها عصابات الأسد الأمنية من كل حدب و صوب لاعتقالها ، فلم تلين و لم تخف بل استمرت في هتافها و هي تشتمهم و تحتقرهم بكل عزة و كبرياء 00

15 آذار ذلك اليوم التاريخي المجيد الذي أصبح علامة فارقة في تاريخ سوريا الحديث هو و من صنعه من نساء و رجالات سوريا الأحرار

كلما شاهدتُ فيديو تلك المظاهرة الشرارة أشعر بالفخر و الاعتزاز أنه في سوريا بعد أكثر من أربعة عقود من حكم الأسود المشين و الذين ظنوا أنهم حولوها لمملكة الخوف و الرعب و الصمت وإذا بهؤلاء الشباب و الصبايا قد فرضوا رأياً آخراً لم تحسب حسابه كل فروع الأمن المتغولة على المجتمع السوري بحكم القانون الأسدي الذي جعل عناصر المخابرات فوق المساءلة و أهم من القانون و صرفت لهم كل الهبات و العطايا و أعطوا كل الصلاحيات ، لكن كل هذا القهر و الكبت و الإرهاب الأسدي البغيض لم يقتل عند السوريين الأحرار روح الأمل و لا عنفوان العزيمة و لا بريق الحرية و لا عبير الياسمين الشامي الأصيل

و أقرأ في عنفوان و جرأة مروة العزيمة و الإصرار و التحدي و الشموخ و الإباء و كل المعاني العظيمة التي اتصفت بها المرأة السورية على مدى الأيام و العصور

و عندما قرأت ما كتبته هي نفسها عن حماسها و انتظارها ليوم الثورة و عما حدث معها قبل و بعد الاعتقال اغرورقت عيناي بالدموع و شعرت أنني قرأت قصتها بتفاصيلها الدقيقة حتى قبل أن تكتبها ، قرأتها في وقفتها ، و في عزتها و في جرأتها و تحديها

لا أريد أن أتكلم أكثر عن تلك المهرة الشامية الأصيلة الآن , لكنني أدعو كل شبابنا و فتياتنا و كل أحرار سوريا بل كل الذين ما زالوا خائفين و مترددين أن يقرؤوا بأنفسهم ما كتبه هي عن تجربتها ، ليعرفوا أن هذه الثورة المباركة قد تفجرت من عزيمة هؤلاء الشباب الأبطال و ليست مؤامرة كونية !!! كما يريد أن يوهمنا بها أبواق النظام و أزلامه

و أريد هنا ان أقف عند خبر إعلان انسحابها من هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي، حيث أوضحت مروة في بيانها أنها أمرت من قبل الأمن أن تنتسب لهيئة التنسيق هذه بل و أن تقرأ بيان اجتماعها الختامي وذلك مقابل الإفراج عنها فما دلالات هذا الخبر

1- لا يخفى على أي سوري طبيعة هذا النظام الأمني الأسدي و أساليبه الخبيثة و الماكرة و المخادعة التي تحاول أن تغطي عورة هذا النظام القبيحة عن العالم ، فهذا النظام هو الذي اخترع فيما مضى أكذوبة الجبهة التقدمية ليقدمها أنها معارضة تشاركه الحكم و الكل يعرف أن هذه الجبهة  لا تحل و لا تربط من أمر الحكم شيئا ، و اليوم وبعد انطلاق ثورة الكرامة يريد النظام القفز إلى الأمام و مسابقة الأحداث السريعة في اختراع معارضة على مقاسه الجديد و تلائم اامناخ الجديد الذي خلقته الثورة على أرض الواقع ، و ذلك قبل أن تفرض عليه معارضة وطنية شريفة لا قبل له بها

 2- نحن نعلم أن الكثير من الأخوة في هيئة التنسيق الوطنية هم من أبعد الناس عن الشبهة و لا يستطيع أحد أن يشكك في وطنيتهم و تاريخهم و نضالاتهم ، فالأستاذ ميشيل كيلو و الأكاديمي عارف دليلة و الأساتذة حسن عبد العظيم و محمد منجونة و عبد العزيز الخير و حسين عودات و حازم نهار  و غيرهم و غيرهم ، أمضوا أعمارهم ( الطويلة ) في المعارضة ، و هم أدرى الناس بأساليب النظام الأمني الأسدي ، و قدرته على اختراق التنظيمات ، و إغراءته و تهدبداته ، و خصوصاً أن أكثرهم دخل سجون الأسد – و ما أدراكما سجون الأسد – و عانى من  هذا النظام ما عانى

3- نحن لا نبرأ المعارضة الخارجية و المجلس الوطني السوري بالذات من قدرة النظام الأمني على اختراقهم و إن كان ذلك أصعب بسبب وجودهم بالخارج ، و هذا الاختراق يثقل كاهل المعارضة سواء الخارجية أو الداخلية و يحتّم عليهم أخذ الحذر الشديد و الحيطة من حدوث مثل هذا الاختراق و خطره

4- الشعب السوري و الثوار على الأرض قادرون بعفويتهم و حدثهم و خبرتهم أن  يميزوا الغث من السمين ، و الصح من الخطأ ، و المتظاهرون ليسوا غوغاء و لا جهلة ، فهم من يدفعون الثمن من دمائهم و عذاباتهم ، و شعبنا الواعي سيفضح الخونة المندسين ، و سيدعم من يدافع عن مطالبهم المشروعة في نيل حريتهم من هذا النظام المجرم القاتل

5- المتظاهرون و الثوار على الأرض سيسقطون كل من يفتت المعارضة و يسعى إلى بث الفتنة و الانقسام و التخاذل ، و سيدعمون كل خطوة تدعم وحدة المعارضة التي تمثلهم بمواقفها و تحركاتها ، و هذا ما ظهر واضحاً في لافتاتهم و شعاراتهم و تسمية أيامهم و جمعهم

6- أما عن اختيار البطلة الماجدة مروة الغميان لقراءة النيان الختامي لهيئة التنسيق ، فلا يخفى على أحد أنه محاولة  من النظام الأمني  لإعطاء شرعية لهذه الهيئة ، لأن النظام قبل غيره يعرف أن الشرعية هي من الثوار على الأرض ، و أي شرعية لا ثورية لا معنى لها 0 و إلا فما معنى الطلب من شابة في مقتبل العمر أن تقرأ البيان الختامي و الهيئة مليئة بالشيوخ الستينيين و السبعينيين بل و الثمانيين المخضرمين 0 و لكن مروة ببراءتها و خبرتها القليلة فشًلت و أحبطت هذه المؤامرة ، فهل يستطيع المخضرمون تفشيل النظام الأمني في دق أسفين التفرقة و التشرذم بين أطياف المعارضة و حرفهم عن هدفهم العظيم في إسقاط هذا النظام اللا شرعي

هذا ما نأمله

مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية