بيان المركز حول كذبة الصراع الطائفي في سوريا

بيان المركز حول كذبة الصراع الطائفي

في سوريا ولا سيما في حمص

 بدا واضحا في الأيام الأخيرة تداول السياسيين الغربيين بكثافة لمصطلح الحرب الأهلية وإقرارهم بإمكانية نشوبها في سوريا وكأن أحداث اليوم هي وليدة الأمس وليس بعد ثمانية أشهر من جرائم ضد الإنسانية. سمعنا هذا الأمر على لسان وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران، وأخيراً على لسان الدكتور برهان غليون وإن كان كل منهم قد ذكر الأمر بسياق ونبرة مختلفين.

إن هذا التوافق المفاجئ ليس وليد الصدفة، وتركيز وسائل الإعلام الغربية و العربية على عملية الجيش السوري الحر البطل ضد مقر المخابرات الجوية في حرستا والتضخيم من حجمها يدفعنا إلى التدقيق في خفايا المستجدات على ساحة الثورة السورية. ولكن قبل الخوض في هذا التدقيق يجب أن نؤكد على الحقائق الأتية:

- الثورة السورية انطلقت للمطالبة بالحرية والكرامة للشعب السوري ورفع الظلم عنه، بغض النظر عن طائفة أوعرق النظام السوري وأعوانه.

- إن إختزال الثورة السورية إلى حرب أهلية لأسباب طائفية هو تشويه متعمد للحقيقة وظلم بواح بحق الشهداء والجرحى والأسرى، وتمييع للقضية بما يخدم مصالح النظام، وهي مساواة مجحفة بين الضحية والجلاد، وبين الشريحة الأوسع المقموعة من الشعب السوري وفئة محدودة ومنتفعة من النظام.

- لقد قام النظام خلال عقود حكمه بتجنيد وتجييش الطائفة العلوية لخدمة مصالحه وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، هي حقيقة لا تدين الطائفة بالمجمل إذا ما فُهم الإطار التاريخي والإجتماعي للحدث، ونذكرها في هذا المقام من باب التوصيف للحالة لا التعريض أو الإتهام.

- عزز النظام من تجييشه الطائفي بعد بداية الثورة وراهن على نشوب حرب طائفية وذلك عن طريق شن حرب طائفية أحادية الجانب لم يقع في فخها الشعب السوري على الرغم من الحملة الإعلامية والأمنية-العسكرية المستعرة التي قام بها النظام.

- بناءً على النقطتين السابقتين، فأنه من المنطق أن تكون جُل الجهات التي تنفذ عمليات القتل والقمع في بعض المناطق (وعلى رأسها حمص) من الطائفة العلوية لا بسبب كونهم علويين ولكن بسبب كونهم أزلاما للنظام.

- لا يخفى على أحد ما عانته حمص من النظام الأسدي الذي ضاعف من جرعاته الطائفية في المدينة والتي تمكَّن الشعب الحمصي الأصيل من التصدي لها بوعي سياسي وفكري عالي جدا ولا سيما إذا أخذنا بعين الإعتبار المأسي والمظالم التي تعرضت لها حمص.

- إن ظهور بعض الحالات المنعزلة لإعتداءات على بعض أفراد الطائفة العلوية كانت محدودة جدا مقارنة بالإجرام الذي مارسه النظام، وكان نتيجة مباشرة لاختطاف الحرائر من الأحياء والمناطق الثائرة والإعتداء عليهن في بعض الحالات، مما دفع أبناء هذه الأحياء إلى احتجاز رهائن من الطائفة العلوية من الأحياء التي تم إخفاء الحرائر المخطوفات فيها بهدف المقايضة، وهذا ما تم بالفعل، وهكذا تم تحرير قريبة الدكتور برهان غليون التي تم اختطافها من قبل الشبيحة وعناصر الأمن.

إن هذه الحقائق التي يعرفها كل من يتابع الأحداث في سوريا وحمص بالذات عن كثب وعلى أرض الواقع لامن وراء المكاتب ومن العاصمات الأوروبية تؤكد أن الثورة السورية بريئة من أي طائفية، وأن الهدفين الوحيدين من تثبيت هذه التهمة الباطلة على الحالة السورية هما:

- رمي طوق نجاة جديد إلى النظام وذلك بتحويل الثورة إلى مواجهة طائفية تهدد كل الطوائف والأقليات وتقديم النظام كالطرف الوحيد القادر على حماية الأقليات.

- إعفاء المجتمع الدولي نفسه من التدخل المباشر في سوريا والاكتفاء بالعقوبات والإدانات. يجب أن نعي تماما أن العقوبات السياسية والإقتصادية لم تُسقط نظاما في التاريخ، والمجتمع الدولي ينأى بنفسه دائما عن صراعات داخلية طائفية أهلية ويكتفي بالمراقبة عن بعد. والأهم من كل ذلك، هو أن أكثر ما يخشاه النظام هو حظر جوي أوضربة عسكرية تكون بداية نهايته، وما دون ذلك فهو مقدور عليه بالنسبة له.

إن تصوير الثورة السورية على أنها صراع طائفي سيؤدي إلى قطع الطريق على أي مساعدة دولية فعالة وتقود البلاد إلى السيناريو الذي يحبذه النظام وهيئة التنسيق وهو المزيد من “الكفاح الديموقراطي” حتى نتمكن من “تغيير موازين القوى” في سوريا ومن ثم نسقط النظام الأمني للأسد.

وبينما لا نستغرب تصريحات النظام وحلفائه بشأن الحرب الأهلية والطائفية، فإنه لا يمكننا إلا أن نستهجن ونستنكر بيان الدكتور غليون حول الوضع في حمص والذي جاء متوافقا مع بيان هيئة التنسق والذي ساوى فيه بين الثوار الكرام والعصابة الطائفية المجرمة التي توغل في قتل شعبنا واستباحة أعراضه وممتلكاته.

ما هكذا تورد الإبل يا دكتور، و”الوفاق الوطني” الذي تدعو له لا يتم عن طريق مساواة الضحية مع الجلاد، وقد أثار حفيظتنا أن نجد بيانك على صفحتك الشخصية وصفحة هيئة التنسيق ولكن باسمك الشخصي وباسم المجلس الوطني، في حين خلت صفحة المجلس من إي إشارة لهكذا بيان، فهل كان البيان باسمك الشخصي أم أنك سيد المجلس الوطني تستعمل اسمه وقت ما شئت؟ ولماذا يَرِد البيان على صفحة هيئة التنسيق بدلاً من صفحة المجلس الوطني السوري؟

نرجو ألا يكون الدكتور برهان غليون قد حنَّ إلى ماضيه القريب في هيئة التنسيق، وننصحه بأن يستثمر المزيد من وقته في التعرف عن كثب لما يجري في مدينته البطلة المنكوبة والمظلومة حتى من الأقربين، بدلا من السفر إلى حلفاء النظام في مهام مستحيلة.

المركز الإعلامي لدعم ثوار حمص