مخاطر الذهاب لموسكو من الناحية القانونية

مخاطر الذهاب لموسكو من الناحية القانونية

المحامي محمد صبرا

إن الدعوة للقاء موسكو ,أيا كان باعثها وسببها وجدول أعمالها فإنها تحمل ضمنا خطرا أساسيا ربما يكون هو الهدف من وراء هذه الدعوة .

فطريق الحل السياسي والذي اصبح شبه قاعدة متفق عليها بالحد الأدنى هو وثيقة جنيف الصادرة بتاريخ /30/5/2012 هذه الوثيقة التي تحولت من مجرد إعلان سياسي لقرار دولي ملزم بعد تبنيها بالكامل بقرار مجلس الأمن رقم 2118 تاريخ 27/9/2013 .

في الحقية فإن المشكلة الأساسية في بيان جنيف كانت تتمثل بالتالي : 

يفترض في أي حل سياسي أن يكون لدينا طرفان متعينان ومحددان بذاتهما , ومن يقرأ وثيقة جنيف يجد أن النظام محدد وواضح ومتعين باعتباره الطرف الأول ,بينما الطرف الثاني والذي يفترض أن يكون هو الشريك في العملية السياسية غير متعين بذاته ,بل متعين بصفته , وهنا الخطورة ,فالفقرة (أ) من المادة 9 من النص العربي لوثيقة جنيف تقول أن هيئة الحكم الانتقالي تؤلف بالموافقة المتبادلة بين الحكومة الحالية وبين المعارضة .

كلمة المعارضة هنا جاءت دون تعيين بالذات وبالتالي كل من يحمل صفة المعارضة أو يدعي حمله لها ,فإنها تشمله ,خاصة وأن الوثيقة قد صدرت في وقت لم يكن الائتلاف قد تشكل في حينها ,كذلك المجلس الوطني الذي كان قائما لم يشارك بصفته هو المعارضة ,ما يعني أن الطرف الآخر المفترض به أنه سيقود المرحلة الانتقالية هو طرف مجهول بذاته معين بصفته , وهنا مكمن الخطورة لأن هذه الصفة أي " المعارضة تشمل طيفا واسعا يستغرق مثلا الأحزاب التي تم ترخيصها في ظل قانون الأحزاب الذي صدر مؤخرا " وهذا أمر خطير .

التطور البارز الذي حدث هو صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 262/67 تاريخ 15/5/2013 , في هذا القرار ورد في الفقرة 26 منه " الترحيب بإنشاء الائتلاف باعتباره يضم المحاورين الذين يمثلون فعليا تلك القوى اللازمين لعملية الانتقال السياسي ..." 

هذا النص مهم للغاية لأنه عرف من هي المعارضة الواردة في بيان جنيف ونقلها من التعريف بالصفة للتعريف بالذات .

لكن مشكلة هذا القرار أنه صادر عن الجمعية العامة , وقرارات الجمعية العامة هي مجرد توصيات وليست قرارات ملزمة ,فضلا عن أن لغة هذا القرار لم تكن حاسمة بل رحبت بإنشاء الائتلاف , وهذا موضوع فيه بحث طويل يخرج عن سياق ما نتحدث به .

التطور الآخر المهم جدا والذي يجب أن نلحظه جميعا ,هو رسالة الدعوة التي وجهها السيد بان كي مون للائتلاف الوطني للمشاركة في مؤتمر جنيف ,وعلى الرغم من عدم ذكر كلمة الائتلاف في متن الرسالة إلا أن توجيهها وترويسها باسم رئيس الائتلاف , وورود كلمة الطرفين التي تكررت بالرسالة ,يفيد بشكل واضح أننا إزاء طرفان هما النظام والائتلاف الوطني ..وليس المعارضة وهذه قضية أساسية ومهمة للغاية .

وعلى الرغم من ملاحظاتي الكثيرة على أداء الائتلاف وسياسته وعلى الرغم من استقالتي من عملي في الائتلاف , فإنني مازلت مؤمنا بضرورة الحفاظ عليه لأنه هو الضمانة الوحيدة لتحقيق عملية انتقال سياسي متوازنة وتفضي إلى نتائج حقيقية .

إن اجتماع موسكو الهدف منه هو كسر هذه الثنائية بين الائتلاف والنظام ,بحيث نعود للفكرة الأولى وهي وجود طرف أول متعين , وهو النظام , وطرف ثاني غير متعين وهو المعارضة بالوصف وليس بالذات ,الأمر الذي قد يؤدي لاحقا لإبرام اتفاق بين النظام وأطراف من المعارضة على تنفيذ بيان جنيف وفق رؤية النظام وتفسيره وساعة ذاك لن يجدي الائتلاف أي احتجاج أو رفض ,لأن مجرد انعقاد موسكو هو تكريس لنقل مفهوم المعارضة من حيز المعلوم المتعين إلى حيز المجهول المفترض .ويزيد الأمر خطورة حضور أي طرف أو عضو في الائتلاف لهذا الاجتماع تحت أي صفة أو مسمى .

مع أمنياتي لكم بالتوفيق 

المحامي محمد صبرا 

رئيس حزب الجمهورية 

30/12/2014