نظام بشار بؤرة للإرهاب

وتصدير المرتزقة

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

ليس بمستغرب على نظام مستبد فاسد يقتل شعبه بطريقة إجرامية همجية ، ويمثل بأطفاله بطريقة سادية وحشية ، أن يصدر الإرهاب والمرتزقة لحكومات الطغيان والإستبداد من رفاق مدرسته وأصحابه وحلفائه ، ليشغل المجتمع الدولي بالجرائم والتوترات في أكثر من منطقة وعلى أكثر من جبهة ، لعل ذلك يخفف عنه من ضغط المجتمع الدولي ومراقبته لجرائمه ، فيسرح ويمرح متلذذا بقتل أبناء شعبه من الشباب الحر الثائر الذي رفض الخنوع ، واتخذ قراره الحاسم باستعادة كرامته المصادرة وانسانيته المسحوقة ولو كلفه ذلك  الغالي والنفيس .

لقد شاءت إرادة الله فضح هذا النظام وعلى جميع الفضائيات ، بتصدير الإرهاب والمرتزقة من الطيارين السوريين إلى نظام القذافي الذي ولى خائبا مخزيا ، ومنهزما مدحورا إلى غير رجعة ، بعد أن فر المجرم من قصره وقلعته في باب العزيزية هائما على وجهه ،  قبل أن تطاله يد الثوار الأبطال ويلقى مصرعه ونهايته الحتمية السوداء جزاء وفاقا على جرائمه الفظيعة التي يصعب حصرها والإحاطة بها ضد شعبه وأبناء وطنه .

لقد تم كشف هذا الحلف الشيطاني والتعاون الأثيم بين أنظمة الاستبداد والتوريث والفساد ، عندما أسقط ثوار ليبيا في راس لانوف طائرة كانت تقصف مواقع الثوار ، فعثروا على وثائق شخصية سورية لدى أحد الطيارين اللذين قتلا ، كما نقل عن الثوار أسر طيارين سوريين بعد إسقاط طائراتهم ، وكما تم تشييع الطيار العقيد أحمد الغريب في مدينة السلمية غرب حماة حيث سقطت طائرته في ليبيا وكانت جثته مشوهة المعالم ، كما ذكرت عدة مواقع ووكالات أنباء عن إرسال طائرتين عسكريتين سوريتين محملة بالطيارين السوريين حدد عددهم بخمسين طيارا ، مع باخرة محملة بالعتاد وعناصر جنود سوريين مرتزقة من الوحدات الخاصة  لدعم القذافي ، وذلك في بداية الثورة الليبية وقبل أن تنطلق الثورة السورية في سورية .

واليوم تكشفت فضيحة أخرى من تورط عصابات الأسد الإرهابية ، بتصدير طيارين مرتزقة من شبيحة الأسد إلى اليمن ، ليقوموا بقصف مواقع الثوار اليمنيين المعارضين للرئيس اليمني المخادع علي صالح  بطائرات (ميغ – 29 ) بعد أن رفض الطيارون اليمنيون فعل ذلك ، فقام الطيار البطل اليمني عبد العزيز الشامي ، والذي تطوع لنقلهم من مطار صنعاء إلى مطار العند في الجنوب ، يوم الأثنين الموافق ( 24/ 10 / 2011 )  وقام بتنفيذ ما عزم عليه وبلغ به زملاءه قبل  إقلاعه بأن هؤلاء المرتزقة لن يصلوا إلى العند ولن يتحقق لهم قصف أبناء الشعب اليمني ، فأقدم على تنفيذ عملية انتحارية بالطائرة التي يقودها ومن فيها قرب لحج ، فانفجرت الطائرة وقتل بها ثمانية طيارين سوريين مرتزقة من شبيحة الأسد وجرح الثلاثة الباقين وقد ذكرت أسماؤهم ، الإعلام السوري لم ينف الخبر بعد أن وثق بالأسماء إلا أنه حاول التمويه على الموضوع بادعائه بأن هؤلاء الطيارين هم فنيون وكانوا في مهمة تدريبية .  

 أن هؤلاء الطيارين المرتزقة من شبيحة عصابات الأسد الإجرامية ، قد درجوا وتدربوا وتشربوا على القتل والإجرام والإرهاب ، فهم الأجدر لتنفيذ عمليات القمع والإرهاب حتى من الإنسان الآلي والألة الصماء .

لقد رفض الكثير من طياري اليمن الشرفاء  قصف أبناء شعبهم وربما هربوا بطائراتهم إلى بلدان أخرى ، أو ألقوا بحمولاتها بعيدا عن أهدافها المزمعة من البشر والشباب الثائر ، كما فعل بعض الطيارين في ليبيا حين رفضوا قصف أبناء وطنهم ، وكما يفعل اليوم جنود وأبطال الجيش السوري الحر .

والسؤال :  لماذا يقدم النظام السوري هذا الخدمات الإرهابية لهذه الأنظمة الاستبدادية الفاسدة ؟

مع أن هذه الأنظمة  ساقطة لا محالة طال الزمن أم قصر،  ولا أظن أن النظام السوري يجهل هذه الحقيقة .

وتأتي هذه المساعدات والدعم الإرهابي ، رغم الخلافات العميقة والسابقة بين نظام صالح ونطام الأسد ، سواء في حرب الخليج حيث كانت سورية في المعسكر الأمريكي مع دول التحالف وكانت اليمن مع صدام حسين ، أو في معركة صالح ضد الجنوب قبل الوحدة في بداية ثمانينات القرن الماضي ، أو بعد الوحدة في حرب الإنفصال مع علي سالم البيض ورفاقه في عام (1994) ، أو في معارك علي صالح  الأخيرة مع الحوثيين المدعومين ، من قبل حلفاء نظام بشار من حزب الله وإيران .

إن سبب هذه الدعم الإرهابي بين منظومات الإستبداد رغم خلافاتها فيما بينها يمكن تلخيصه فيما يلي :      

أولا : العوامل المشتركة بين هذه الأنظمة التي تجمع بينها رغم الخلافات الإستراتيجية في السياسة والتوجه والإيدولوجيا ... والمرجعية ، ولكن من أهمها :

1 -  الاستبداد :  أهم العوامل المشتركة بين هذه الأنظمة هو عامل الإستبداد ، فالقذافي يحكم ليبيا من أكثر من أربعين سنة ، وعلي صالح  من ثلاث وثلاثين سنة ، وبشار مع أبيه من أكثر من أربعين سنة إذا عنينا بالإستبداد حكم الشخص أو العائلة ، أما إذا عنينا بالإستبداد حكم الحزب فإن الإستبداد في سوريا يقترب من نصف قرن .

2 - الفساد : عامل مشترك آخر يجمع بين هذه الأنظمة لأنه الطريق الحتمي لحماية هذه الأنظمة بشراء الذمم وما يحتاج ذلك لنهب الأموال من مستحقات الشعب ، وسرقة مقدرات الوطن وثرواته لإيداعها في حساباتهم الخاصة وحسابات أولادهم وعائلاتهم والمتاجرة أو المقامرة بها في الخارج ، ضمانا لحسابات المستقبل وتقلبات الزمان !

ولعل رصيد القذافي وعائلته في أعلى القائمة ، بحسب الوضع المادي لكل دولة وتعداد سكانها ، وعلى صالح وعائلته في أسفلها .

3 - التوريث : لقد كان النظام السوري هو القدوة السيئة الذي دشن هذا المشروع النكد بين الأنظمة الجمهورية ، وزاد على هذا النكد بتعديل الدستور في مجلس الشعب السوري ليصبح على قياس بشار ، لما يتمتع به من قدرات خارقة وابداعات خلاقة ومهارات أسطورية يستحيل وجودها في شخص غيره ... داخل سورية ... لا بل على الكرة الأرضية ! وقد هيأ بشار نفسه لتوريث جديد فسمى إبنه البكر حافظ  ، ليكون حافظ الثاني حاكما لسورية من بعده ، ومثله القذافي وولي عهده سيف الإسلام ، وعلي صالح وولي عهده أحمد علي ، وحسني مبارك وولي عهده جمال مبارك  .   

ثانيا : إشغال المجتمع الدولي وتشتييت جهوده على أكثر من دولة ومحور ، مما يطيل في عمرهذه الأنظمة الفاسدة المتهالكة ، وهذا ما حدا بنظام الأسد دعم نظام القذافي بالطيارين والعتاد ، كما دعم نظام علي صالح بالطيارين المرتزقة ، بل إن نظام بشار استطاع أن يغير موقف حليفه الإستراتيجي إيران وحزب الله بدعم القذافي ، وأرسلت إيران أسلحة لدعم القذافي كما أرسل حزب الله مقاتليه إلى ليبيا تضامنا مع الموقف السوري لتخفيف الضغط الدولي على نظام بشار ، بعد أن كان القذافي يمثل عدوا استراتيجيا لإيران وحزب الله بسبب قضية الإمام موسى الصدر الذي غيب واختفى في ليبيا  في آب ( أغسطس ) عام 1978 .

المطلوب من قادة الثورات المنتصرة في هذا الربيع العربي أن تشكل حلفا استراتيجيا وتتعاون فيما بينها ، ردا على تلك التحالفات الظالمة من المستبدين ضد الشعوب ومطالبها العادلة من الحرية والعدالة ، وقد تجلى ذلك بوضوح في موقف المجلس الليبي الإنتقالي من اعترافه بالمجلس الوطني السوري وعرض تقديم المساعدات اللازمة ، وتعاضد الشباب الثائر والمتظاهر بين سورية واليمن ، واجتماع المجلس العسكري المصري مع المجلس الوطني السوري  ، ولعلنا ننتظر قريبا موقفا مشرفا وقويا من الحكومة التونسية الجديدة بقيادة النهضة ، خاصة وأن تونس كانت منطلق شرارة ثورات الربيع العربي وفاتحة الثورات المنتصرة .

لعله يكون مقياسا لمصداقيه هذه الثورات المنتصرة ، ويعبر عن مدى تحالفها وتآلفها وتقديم يد العون والتنسيق فيما بينها ، وتعزيز المواقف القوية والشجاعة بمؤازرة الثورات العربية ، لتحقيق أهدافها وطرد الطواغيت والمستبدين ، وإنهاء عهود الفساد ونهج الذل والإستعباد ، ووأد التوريث والحكم العائلي أو حكم الحزب الشمولي المطلق ، لبناء دولة الحرية والعدالة والشورى والديموقراطية ... التي تعيد للمواطن كرامته المسحوقة ، وإنسانيته المسلوبة ، وترسم خريطة جديدة ... ومعالم جديدة ... وأجندة جديدة ... ومسارا جديدا ... وأهداف جديدة ... للمواطن العربي الحر الجديد .