ستة أشهر انتخابات برلمانية.. لماذا
بدر محمد بدر
هل من المنطقي أن تعيش مصر في أجواء الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما تحويه من مشكلات ومتاعب وأزمات، لمدة ستة أشهر كاملة، من أكتوبر الحالي وحتى مارس 2012، وهي في هذه الحالة السيئة من ضعف الإنتاج القومي وزيادة حالة الفوضى وكثرة الإضرابات والمطالب الفئوية وانهيار الأمن؟
وهل هناك صعوبة في إجراء حوار صريح مع الشعب وقواه الوطنية والسياسية، فيما يتعلق باستحقاقات المرحلة الحالية، وصولا إلى التوافق على خطوط وبرنامج المرحلة المقبلة، حتى يتسلم المدنيون الحكم، وتعود الأمور إلى طبيعتها؟ لماذا تزداد المرحلة الانتقالية بدون سبب وجيه أو حوار مع الشعب؟ كما أن اللهجة التي تحدث بها أعضاء من المجلس العسكرى في الأسبوع الماضي خلت من أي حكمة، وظهر فيها لأول مرة أسلوب التهديد والاستبداد والاستخفاف بإرادة الشعب.
إن هذا الأسلوب في التعامل مع الشعب، الذي قام بثورة رائعة ضد الاستبداد والفساد والتهميش، ينطوي على مخاطر جسيمة، ويفتح الباب أمام استمرار حالة عدم الاستقرار والفوضى، وهي نفس الأسباب التي ثار عليها المصريون الشرفاء ضد النظام السابق، كما أن إصدار الإعلان الدستوري الأخير، الذي خلا من أي توافق وطني واضح، وصدر سريا قبيل إعلانه على الملأ، يوحي بأن هناك أمورا رتبت بليل، يخشى البعض من عواقبها الوخيمة، فهل هذا الانطباع صحيح؟
ثم ما هي المشكلة في الاستجابة للإجماع الوطني بضرورة إلغاء حالة الطوارئ قبيل إجراء الانتخابات ليطمئن الجميع أنه لن يستخدم لأسباب سياسية؟ لماذا يصر البعض على عدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؟ ولماذا نخالف الإعلان الدستوري الذي صدر في مارس الماضي بنص صريح ينهي حالة الطوارئ في سبتمبر؟ إن أزمة العهد البائد أنه كان يفتقد الرؤية الإستراتيجية، ويتجاهل اتخاذ القرار في الوقت المناسب حتى يضج الناس، فهل نسير الآن على نفس المنوال؟!
إن المدة التي ألزم المجلس العسكري نفسه بها كانت ستة أشهر لتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة، وهذه المدة انتهت في الثالث عشر من أغسطس الماضي، والآن تسير الأمور باتجاه استمرار الحكم العسكري لمدة عامين أو أكثر، فإذا انتهت انتخابات الشورى في مارس، فربما تجتمع لجنة الدستور في أبريل، وربما يتعلل البعض بضرورة تحديد اختصاصات الرئيس وطبيعة النظام السياسي قبيل إجراء انتخابات الرئاسة، إذن الأمور مرشحة كي تمتد لنهاية العام القادم أو بداية 2013.
إنني أدعو الحكومة والمجلس العسكري إلى إلغاء حالة الطوارئ فورا، واللجوء إلى القوانين الطبيعية لمواجهة أي أزمات أو خروج على القانون، وإقرار إجراء انتخابات مجلس الشورى مع الشعب، لينتهي ذلك كله أوائل يناير المقبل، حيث تجتمع اللجنة المشتركة لإعداد الدستور الجديد، على أن تنتهي إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية القادم في فبراير المقبل على أقصى تقدير، ويعود الوطن من جديد إلى الاستقرار والإنتاج والأمن، ويعود الجيش إلى مهمته مشكورا مأجورا.
وأطالب السادة أعضاء المجلس العسكري المحترمين بالاحتماء دائما بإرادة الشعب المصري الحر، ورفض كل وسائل وأساليب الضغوط الخارجية، والتعبير الصحيح والواضح عن آمال الثورة وطموحات الثوار، والتشاور الفاعل والإيجابي مع القوى السياسية والقيادات الوطنية فيما يخص المرحلة الحالية، واحترام رأي الأغلبية في ضرورة الإعلان عن مواعيد الاستحقاقات المقبلة، حتى يطمئن الناس إلى المستقبل، وتعود عجلة الإنتاج إلى الدوران من جديد، وتشرق شمس الحرية.
أهلا بالانتخابات الحرة، التي تصنع مجدنا ونهضتنا، وتجسد حريتنا وكرامتنا، وتعيد هويتنا وأصالتنا، وتؤكد قدرتنا على النهوض من جديد، ومهما اشتد ظلام الليل، فلا بد من طلوع الفجر.