هل تكتمل فرحة الشعب المصري

بدر محمد بدر

[email protected]

أتمنى أن أقدم التحية لأعضاء المجلس العسكري فردا فردا عقب انتهاء مهمتهم التاريخية بتسليم السلطة إلى المدنيين، عقب إتمام إجراء الانتخابات البرلمانية، وتشكيل لجنة إعداد الدستور، وانتخاب رئيس الجمهورية، والالتزام بما أعلنه المجلس عند توليه المسئولية، من أنها ستة أشهر أو إجراء الانتخابات.

وبما أن الأشهر الستة قد انتهت في 13 من أغسطس الماضي دون أن نتمكن من إجراء الانتخابات، فليس لنا إلا الانتظار حتى استكمال بناء أهم مؤسسات الوطن وهي مجلس الشعب وإعداد الدستور ورئيس منتخب لأول مرة في تاريخ البلاد.

مخاوفي تزداد من حجم وقوة وشراسة الضغوط التي يتعرض لها المجلس العسكري، سواء الداخلية أو الخارجية، لمنعه من استكمال بناء المسار الديمقراطي الذي وعد به، وإبقاء البلاد تتأرجح في حالة من الفوضى والانفلات الأمني والمغامرات السياسية وعدم الاستقرار، ولكن في المقابل أرى تأكيدا مستمرا من المجلس العسكري يدفعني إلى الاطمئنان قليلا، بالحرص على احترام إرادة الشعب، وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية، وترك السلطة للمدنيين في أقرب وقت.

بكل تأكيد هناك قوى وتيارات سياسية داخلية لا تريد أن يصل الوطن إلى بر الأمان، أو أن يكتمل بناء مؤسسات الدولة على أساس ديمقراطي حر، وهي نفس القوى والتيارات التي تقف خلف استمرار حالة الفوضي الأمنية والسياسية التي تحدث الآن، وتدفع لاستمرار الاعتصامات والتظاهرات والعبث الذي يجري الآن، بعد أن ضغطت كثيرا ولا تزال من أجل تأجيل الانتخابات، وإطالة أمد المرحلة الانتقالية، وحرمان الشعب المصري من حقه الطبيعي في ممارسة الديمقراطية.

وبكل تأكيد أيضا هناك قوى خارجية، إقليمية ودولية تساندها أجهزة مخابرات عالمية، وعلى رأسها الكيان الصهيوني الغاصب والولايات المتحدة الأمريكية، تريد استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد إلى أطول فترة ممكنة، لأن مصر الضعيفة المنهارة أكثر استجابة للضغوط والإملاءات، وأكثر ارتباكا في التعامل مع قضايا الأمن القومي المصري والعربي، وأكثر ضعفا في مواجهة القضايا والمشكلات والأزمات الداخلية، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية.

ولا شك في أن الأحداث الماضية التي بدأت في ميدان العباسية قبل شهرين، وبلغت ذروتها يوم الجمعة الماضي، في ما سمي زورا وبهتانا ب "جمعة تصحيح المسار"، لكنها رغم ضعفها حاولت الانحراف بمسار الثورة البيضاء، إلى التخريب وإتلاف السيارات والممتلكات الخاصة، ومحاولة اقتحام مبنى وزارة الداخلية وإحراق بعض ملحقاته، ثم اقتحام فوضوي غير مبرر لمبنى سفارة الاحتلال في القاهرة، كل هذا يصب في نفس الاتجاه الذي تريده هذه القوى الداخلية والخارجية.

وربما يتصور بعض هؤلاء المغامرين، الذين ينفقون المال ويحشدون الغوغاء ويستخدمون البلطجية، أن إثارة التوتر والاحتقان بين القوات المسلحة، ممثلة في المجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد، وبين جموع الشعب المصري، أو بين الشرطة والشعب من خلال الإحساس بعدم الأمان، ربما يدفع إلى اتخاذ قرارات حادة وعنيفة، تعصف برغبة الشعب في إقامة حياة ديمقراطية سليمة، وتؤجل المسار الديمقراطي إلى أجل غير مسمى، هؤلاء لا يدركون تاريخ ومكانة مصر.  

وأعتقد أن القرار الذي ينتظره كافة أبناء الشعب المصري الآن، بعد تأكيد المجلس العسكري على احترام إرادة الأمة، وعدم القفز على اختياراتها، أن يتم الإسراع بالإعلان النهائي، وفق جدول زمني واضح، عن موعد فتح باب الترشيح وإجراء الانتخابات البرلمانية، وعقد أولى جلسات مجلسي الشعب والشورى الجديدين، ومن ثم تشكيل لجنة إعداد الدستور، وكذلك الإعلان عن موعد إجراء انتخابات الرئاسة، وبذلك نقطع الطريق أمام هذه القوى، التي تضغط لمنع ذلك أو تأجيله لأطول فترة.