نبيل العربي... يا حصرماً؟
راجح الخوري
في النهاية سيقول نبيل العربي: "يا حصرماً رأيته في حلب". ذلك انه بعدما انتظر مدة اسبوع موافقة سوريا على استقباله،
تم ابلاغه في اللحظة الاخيرة إرجاء الموعد الى يوم السبت المقبل تعبيراً عن استياء دمشق من مهمته.
فبعدما تعمدت دمشق الاستمهال للموافقة على الزيارة، اعلنت انها ستستقبله كأمين عام للجامعة العربية، وليس لأنه يحمل اليها "المبادرة العربية" التي وضعها وزراء الخارجية في اجتماعهم الاخير لحل الأزمة الدموية المتفاقمة في سوريا. وهذا يوحي بأنه اذا كان يريد القيام مثلا بزيارة سياحية الى درعا وحماه ودير الزور فأهلا وسهلاً ولو تأجل الموعد ثلاثة ايام، اما اذا كان يحمل المبادرات والوساطات، فان دمشق ترفض استقباله وتعتبر أي مبادرة بمثابة تدخل في شؤونها الداخلية!
كان في وسع سوريا ان تستقبله من قبيل المناورة وان تعتبر المبادرة "وكأنها لم تكن" تماما كما سبق ان اعتبرت القارة الاوروبية وكل دولة حاولت دفع النظام في اتجاه استجابة مطالب الشعب الاصلاحية. لكن يبدو ان العربي ارتكب "الخطأ المميت" عندما استقبل عشية زيارته وفدا من المعارضة السورية ضم المحامي هيثم المالح بصحبة وفد مصري.
ولم يصدر أي بيان او تصريح بعد اللقاء، لا بل ان العربي حرص على القول ان اللقاء "لم يكن رسميا"، وانه يأمل في ان تتم الزيارة بعد ان يوضح لدمشق ظروف لقائه مع المعارضين ويبدو ان التوضيح قد قبل. امام هذا الكلام كان من الطبيعي طرح السؤال: اذا كان سعادة الامين العام يرى فعلا انه في حاجة الى تبرير "جريمة" لقائه مع وفد المعارضة السورية، فما هي اصلا الفائدة من زيارته؟ ثم ان تاريخ الجامعة السعيدة ليس فيه الكثير من النجاحات، ونحن في لبنان ادرى بحال الجامعة وبؤسها!
في الاساس تعاملت سوريا بازدراء واضح مع اجتماع الجامعة فلم يحضر الوزير وليد المعلم، ثم قالت ان المبادرة تشكل تدخلا مرفوضا في شؤونها الداخلية. وعندما تسربت بنود المبادرة المؤلفة من 13 مطلباً، كان واضحا ان النظام السوري الذي يغلق الابواب امام كل الوساطات والمبادرات لحل الازمة ووقف العنف ويصر على ان ما يجري هو "مؤامرة" وليس حركة احتجاجية تنادي بالاصلاح، لن يتوانى في رفضها وصفق الابواب في وجه من يحملها اليه.
صحيح ان بنود المبادرة وضعت من خلال مضمون خطابات بشار الاسد، التي كررت دائما الوعود الاصلاحية، لكنها تنطوي على التزامات تغييرية واضحة وعلى جدول زمني للتنفيذ، ولهذا سرعان ما وجدت ابواباً مغلقة في دمشق. واذا كانت سوريا تتعامل مع اوروبا وكأنها غير موجودة على الخريطة، ومع تركيا وغيرها من الدول وكأنها مجرد صوت صارخ في البرية، فهل من المستغرب ان تتعامل مع نبيل العربي والجامعة العربية المسخرة بأقل من الازدراء؟!