المدن السورية ورايات العز فيها

المدن السورية ورايات العز فيها

وهي ترفرف شامخة بشموخ أبنائها

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

لو قارنت بمنظر قد علق في الزهن منذ قرون واستمر حتى ولو قبل شهور , لوجدت فارقاً شاسعاً بين ماكان وما هو كائن وإحساس في داخلك ماذا سيكون

في الماضي هدوء وسكون وحياة راكدة لاجديد فيها , ولا أمل في ساكنيها ولا حتى حلم شخص في أول معركته في سبيل الحياة , يمكن أن يراوده , لعلمه أن ذلك الحلم سيجد سبيله للتحقيق , وقد تعود الناس على طمث أمانيهم وأحلامهم بفتات وطرق ملتوية , ونصب ورشوة وفساد , وليس المهم إلا الغاية وبغض النظر عن الوسيلة (فالغاية تبرر الواسطة ) وهي سياسة النظام , وعمت لتكون على المجتمع قاطبة

والآن توجد ثورة وتوجد معركة حامية , بين جيل قديم لايريد للركود في الحياة أن يتحرك من مكانه مهما كان بسيطاً , ولو موجة صغيرة في بحيرة صغيرة ناتجة عن نسمة خفيفة , وعندما هبت أو لى النسائم تلك من درعا , هب الجيل القديم ليمنع مصدر تلك النسائم العطرة , وتحولت تلك النسائم بيد الجيل الجديد إلى رياح عاتية من درعا الأبية

وخرجت من الساحل من اللاذقية وأخواتها , والدير عروس البادية ومن جاورها , ودمشق وحور عيونها وسحر غوطتها , واجتمعت قوتها وتكاتفت قوتها في مركز قل نظيره , يمثل القلب والوسط والصدر , لتصبح أمانة عند حمص العدية , وكانت حمص وأهلها ومازالت هي القلب لها والمحرك لها لتتشابك مع جارتها حماه ويهل عليها ريف حلب الشهباء , وأعمدة ثورية تترابط معها من القامشلي والرقة والحسكة

في كل أروقة الشوارع وعلى منارات المآذن وفي كل بيت منها , هناك روح شهيد ترفرف فوق هؤلاء الرجال الأشداء , وفي كل مكان ابتسامة الشهيد ولون جرح المجاهد , وقلب أم الشهيد يخفق عالياً وداعياً للثائر بالنصر ولإبنها بالثأر من القاتل

وفي المقابل هناك الأنزال والخونة والمجرمون , فذك الجندي يفتخر عندما يقنص بطلاً , ويتلذذ الآخر بإطلاق النار على ذلك الجريح , ويفتخر الثاني بعبوديته التي جعل من حياته رهنا لأولئك المجرمين , فلو كان يمتلك ذرة من شرف أو ذرة من حياء , أو أنه ينتمي لفصيلة اسمها الإنسان , لما رقص على ظهر أسير , فحتى الكلب إن هاجم بشراً وتمكن البشر من الجلوس على الأرض قبل أن يصل إليه , لتصرف الكلب بأن يعوف البشر , لآنه عرف بغريزته أن هذا لايشكل خطراً عليه , ولكن أين هؤلاء من ذلك ؟ حتى الكلب مهما كان شرساً , يستطيع أن يظهر كبرياؤه أمام هؤلاء من الشبيحة والجنود والضباط وما يسمى بالأمن وهم أزلام هذا النظام والذي لم يبق برصيده من الانسانية شيء إلا فقدها إن كان قد ملكها بالصدفة من قبل

فيااهلنا في حمص لاتعتبوا على إخوانكم فهمهم همكم وهمكم همهم , ولولا صمود أهل مصراته القوي والشجاع لبقيت  الثورة الليبية  تراوح في مكانها , وصمودكم الرائع والشجاع ومركزكم في القلب قولاً وفعلاً , ورايات النصر تتشابك في كل المدن الثائرة مع راياتكم , فعدوكم بدأت ركائزه تزول وتنمحي , وجرائمه جعلته يتخبط في الظلام الدامس , وأصبح بنظر العالم أجمع قاتل ومجرم وسفاك دماء , وحتى الداعمين له بدأوا بارسال النصائح له للرضوخ لصوتكم

فجيلكم جيل ثورة وجيل قيادة أمة جديدة , ولن تصلوا لذلك إلا بهذه النفوس الأبية ودماء الشهداء الزكية وطهارة أيديكم وصدقية أهدافكم , وسلمية وسائلكم لتحقيق الغاية النبيلة في الخروج من عبادة العباد ‘لى عبادة الواحد الديان والذي جعل الانسان خليفة له في الأرض.