الصليب الأحمر في سجون الأسد الترفيهية!؟

د. هشام الشامي

[email protected]

أخيراً و بعد طول انتظار قامت لجنة من الصليب الأحمر العالمي بزيارة للسجن المدني المركزي بعدرا قرب دمشق  وأطلعت عن كثب على أحوال السجناء هناك ...

و كان في استقبال اللجنة عند باب السجن مجموعة من الضابطات و الضباط الشباب الذين رافقوها في هذه الجولة على أقسام السجن المختلفة

كان ملاحظاً وسامة و جمال و نظافة و بهاء و بشاشة و ذكاء  و هدوء و خلق و ثقافة  و كرم و نبل هؤلاء الضباط و الضابطات

فالبسمة لا ترافق وجوههم النيرة ؛ وحديثهم هادئ ؛ و صوتهم خافت ؛ و كلامهم درر ، و كأنهم ملائكة رحمة يمشون على الأرض هونا...

كان كل شيء في السجن نظيفاً و مرتباً ، و كانت رائحة الفل الشامي و الياسمين الدمشقي تفوح في كل مكان من أرجاء السجن الفسيح

و في ساحات السجن العامة شاهدت اللجنة الملاعب الرياضية المتنوعة التي كان السجناء يقضون أوقات فراغهم  فيها كل حسب هوايته

كما دخلت اللجنة المطبخ و أطلعت على طبيعة و كيفية تحضير الطعام الذي كان يحضَر بطريق صحية و مدروسة و بيد أمهر الطهاة و بإشراف أطباء السجن

و زارت اللجنة مستوصف السجن و أطلعت على ملفات المرضى و طرق العناية الصحية و لاحظت وجود أطباء من كافة الاختصاصات ، حتى أطباء العلاج الفيزيائي و التدليك و الدعم النفسي أما الصيدلية فكانت مليئة بالأدوية المختلفة و من كافة  الأنواع حتى الفيتامينات و المقويات

أما المكتبة فكانت تحتوي على آلاف الكتب الأدبية و الثقافية و العلمية و السياسية و الدينية  إضافة إلى كل المجلات و الصحف اليومية و الأسبوعية و الشهرية و من كل اللغات العالمية

كما زارت اللجنة قاعة الاجتماعات والمسرح وصالة العرض السينمائي و المسجد

ثم دخلت اللجنة غرف السجن جميعها ؛( مهجعاً مهجعاً و قاووشاً قاووشاً ) ؛ كانت تلك الغرف واسعة مشمسة نظيفة مهواة مكيفة صحية و عدد الأسرة كاف و تحتوي كل غرفة على جهاز تلفاز كبير مسطح و لاقط هوائي ( ريسيفر ) بحيث يسمح للمساجين متابعة البرامج و الأخبار كما يشاءون

و زارت اللجنة غرف الزيارة التي كان يجتمع بها السجناء مع أهاليهم أثناء الزيارة الدورية بكل خصوصية و أريحية بحيث ينفرد كل سجين مع أهله بغرفة خاصة تحتوي مجموعة من الكنب المريح والفرش الوفير

كان كل شيء في السجن يوحي بالعفوية و البراءة و الراحة و الطمأنينة

قابلت اللجنة معظم السجناء و استمعت إلى مشاكلهم و مطالبهم التي كانت كلها تهتم بالخصوصيات و الكماليات و مع ذلك فقد وعدت إدارة السجن بتلبيتها فوراً ؛ و كان عتب الإدارة على السجناء و بحضور اللجنة لماذا لم تبلغونا بهذه الطلبات من قبل ؟ و خصوصاً أن صناديق الاقتراحات و الشكاوي موزعة في كل أرجاء السجن و أن باب مدير السجن و معاونيه مفتوحة في كل وقت لاستقبال السجناء و سماع طلباتهم و اقتراحاتهم

سألت اللجنة أحد السجناء عن التهمة المعتقل من أجلها ؛ فأجاب بوجه مبتسم و كلام هادئ :

 التظاهر غير المرخص .

و هل اعترفت بهذه التهمة ؟

نعم ؛ و لماذا لا أعترف ؟

هل مورست عليك ضغوط أثناء التحقيق .

أبداً ، فقد اعتقلت أثناء المظاهرة من قبل أفراد الشرطة المدنية بالجرم المشهود ، و حولت إلى محكمة مدنية ، و حضر محامي الدفاع معي ،  و اعترفت للقاضي بالتهمة ، و حكم علي حسب القانون ، و ها أنا أقضي فترة حكمي كما ترون هنا.

هل استعمل المحققون معك أساليب الضرب و الإهانة ؛ أو استخدموا أي أدوات و طرق لانتزاع الاعترافات ..

أبداً .. أبداً.. لم يشتموني أو يضربوني ، لم يستخدموا العصي أو الكرابيج أو الدواليب أو بساط الريح أو الكرسي الألماني

هل أنت نادم على فعلتك ؟

نعم أنا نادم لأنني لم أتقدم بطلب ترخيص للمظاهرة و خصوصاً أن الأمر سهل و لا يحتاج إلا لتقديم طلب خطي و دقائق للموافقة  فقط

و ما كانت مطالبكم في المظاهرة ؟

بسيطة جداً : فرصة عمل أحسن ، شقة أكبر ؛ سيارة أحدث ، عروس .. شيء من هذا القبيل فقط

سألت اللجنة معظم السجناء ؛ و لاحظت تشابه الإجابات ؛ و استدلت بذلك على صدق هذه الشهادات بالإجماع و التواتر

و كان لافتاً جواب أحد السجناء الذي قال :  لقد سجنت في بريطانيا و فرنسا و إسرائيل و سويسرا من قبل و قضيت فترات متعددة في السجون هناك لكني لم أجد أبداً أفضل من سجون سوريا من كافة النواحي و أطلب من اللجنة أن تذهب و تشاهد بنفسها و تقارن . و قد وعدت اللجنة بذلك

و لاحظت اللجنة أن معظم السجناء يلبسون قمصان مزينة بصورة الرئيس بشار الأسد و  مكتوب أسفل الصورة ( منحبك )

و عندما سألت السجناء : هل وزعت إدارة السجن هذه القمصان عليكم ؟ و أمروكم أن تلبسوها ؟. رفض السجناء هذا الطرح المغرض و قالوا : بل نحن نطلب من أهلنا أن يشتروها لنا ، و هذا أقل واجب علينا تجاه هذا الرجل التاريخي و الاستثنائي لنعبر له عن حبنا و امتناننا له ؛ لما نجده من كرم الضيافة العربية ؛ و حسن المعاملة الإنسانية و نبل الأخلاق السامية التي نلقاها في سجونه و التي لم نر مثلها في بيوتنا و بين أهلينا ...

و أثناء وجود اللجنة انطلقت مسيرة في إحدى باحات السجن و رفعت صور الرئيس المفدى و نادت : الله بشار سوريا و بس ...

لخصت اللجنة تقريرها و ذيلته بالعبارة المعبرة التالية :

                            (( إذا لم تستح فاصنع ما شئت ))!!!...