ماذا يعني رحيل نظام بشار؟

د. عطية الوهيبي

هذا موضوع طويل الذيل، تعجز عن إدراك شأوه عاديات الخيل، وتكتب فيه رسائل جامعية يواصل أصحابها النهار بالليل، ولا توفيه حقه بضعة سطور، ولكنه من باب المجاز المرسل، إذ يطلق الكل ويراد به الجزء كما يقول علماء البيان.

يحكم آل الأسد وأزلامهم سوريا منذ ما يربي على أربعة عقود، يدنسون أرضها وسماءها، وماءها وهواءها، ويقتلون رجالها وأطفالها ونساءها، ويغتالون شرفاءها و علماءها، ويسرقون نورها وضياءها، ويدنون الأشرار والسفهاء، ويقصون المفكرين والنبغاء، ويستلبون خيراتها وثرواتها، ويلبسون ثياب المقاومة والتصدي والصمود،والممانعة لمخططات يهود كذباً وبهتاناً، فأخرجوا شعب سوريا الأبي خارج التاريخ والزمان والمكان، بعد أن ساموه ألوان النكال والهوان.

وقد غدا إسقاط هذا النظام العتل الزنيم فريضة شرعية، ومصلحة وطنية، وضرورة بشرية لا تحتمل التسويف والتأجيل بعد أن أقام أسواق المجازر والمذابح للشعب السوري النبيل في كل مكان في هذه الأرض الطيبة المباركة، كما غدا رحيله مطلباً عربيا وإسلامياً وإنسانياً، ونجمل بعض الأمور التي يعنيها زواله تبصرة وتذكرة، وعند الصباح يحمد القوم السرى.

إن رحيله يعني رحيل فرعون من الفراعنة وطاغوت من الطواغيت يعبد من دون الله تعالى المحيي المميت، وقد رأينا ما كتبه أزلام مسيلمة الكذاب بشار:"أعز الله شعبي واصطفى منه حافظ الأسد" بعد أن صدروا مقالتهم بقول الله تعالى:"قل هو الله أحد الله الصمد". تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. و قد أسكرت خمرة القوة والتجبر والاستكبار أركان النظام الفجار، فقال ماهر السفاح وابن السفاح: "لقد سيطر والدي على السلطة

و الحكم  بالقوة ولن يسلبنا الحكم أحد ولو كان الخالق ذاته" وهذا كفر صراح بواح، لا يمتري فيه اثنان.

رحيل أسرة فاسدة مفسدة سفاكة للدماء، حولت سورية من نظام جمهوري إلى حكم جبري وراثي غشوم ظلوم، فأصبحت سوريا: المملكة الوراثية الأسدية القرمطية بدلاً من الجمهورية العربية السورية.

أن يستعيد الشعب السوري كرامته المهدورة، وإنسانيته المغدورة، وإرادته المقهورة، فقد استعبد هذا النظام الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، وعاد عهد الرق من جديد في عهد هؤلاء السفاحين القتلة المناكيد.

قطع دابر الطائفية البغيضة واجتثاثها من جذورها المريضة، فقد سعى النظام الأسدي جاهداً بكل الوسائل والسبل والطرق والحيل إلى انفراد طائفته بالحكم وإدارة شؤون البلاد، وعزف على قيثارة الطائفية كل ألحان الإلحاد والإضلال والإفساد، وأقصى الشعب السوري عن ميادين الحياة كافة، وأذاقه ألوان العذاب، وزين لطائفته أن رحيله يعني رحيلها والقضاء على امتيازاتها التي حصلت عليها، وتمتعت بها خلال نصف قرن من الزمان.

إنهاء هيمنة حزب البعث، وهو حزب علماني إلحادي حارب الإسلام في سوريا حرباً شعواء، وارتكب المجازر، وسفك الدماء، في بلد مسلم، دين الدولة الرسمي فيه الإسلام، وهذا الحزب هو قائد الدولة والمجتمع والشعب بمقتضى المادة الثامنة من الدستور، وقد قال أحد أبواقه وأزلامه:

          آمنت بالبعث رباً لا شريك  له                         وبالعروبة ديناً ما له ثان

ومن هنا شن قاداته ورجالاته الإغارة على الإسلام والمسلمين في عاصمة بني أمية ركباناً وفرساناً، وأحيوا الجاهلية بكل أرجاسها وأدناسها وآصارها وأوزارها، وغدا مطية لنظام آل الأسد ليحكموا سوريا باسمه إلى الأبد كما هو مرسوم في خريطة هذه الأسرة ومن لف لفها، و حطب في حبلها، وغنى لها، وسار في ركابها، فهم لا يُرون الشعب السوري إلا ما يرون، وقد مكنوا للظلم والبغي والاستبداد والفساد، ولا يثبت في ظل الاستبداد إلا العلقم و الصاب، ولا ينعب في أرجاء البلاد إلا البوم والغراب، ولا يكون إلا الدمار والموت والخراب.

6.عودة الشعب السوري إلى إسلامه الحنيف الذي بني في ظلاله مجده المنيف، وعزه الشريف، بعد حملات التغريب التي قادها هذا النظام السفاح الخؤون السخيف، وأزلامه ممن شوهوا صفاء الإسلام ونقاءه وعظمته وبهاءه وجماله وجلاله ورواءه.

7. بناء جيش سوري وطني حر أبي يدافع عن الديار ويذود عن الذمار، ويحرس عقيدة الشعب السوري المسلم الجسور المغوار، ومما لا ريب فيه أنه ليس في سوريا جيش وطني تفخر به، ويدافع عنها في اللزبات والملمات،بل فيها كتائب الأسد وهو علجٌ غريب الوجه واليد واللسان، وقد زودت بأحدث الأسلحة التي اشتريت من دماء الشعب وقوته وحليب أطفال لسحقه ومحقه وذبحه وتشريده وتهجيره، وواقع الحال يغني عن المقال، فقد ارتكب الجيش الأسدي لا السوري المجازر والفظائع والمذابح التي تفوق الخيال، وأثبت أن هذا النظام يمثل أسوأ صور الاحتلال لهذا الوطن الذي نسل الأبطال وأنجب الرجال الذين بطش فيهم هؤلاء الأقزام الأنذال الذين يتمشدقون  بالوحدة والحرية والاشتراكية والتصدي والصمود وقد ولد نظامهم على فراش الأمريكان واليهود، فبئس المولود.

8.تحرير هضبة الجولان التي باعها حافظ أسد وزير الدفاع في حرب حزيران عام 1967 للصهاينة من غير حرب ولا قتال، وفر قادته وأزلامه بعد إعطائه أوامر الانسحاب الكيفي يلبسون ثياب النساء، فجروا على أنفسهم عار الأبد بولائهم لنظام الأسد، ولم نر بطولاتهم و صولاتهم وجولاتهم طرفة عين ولا أدنى من ذلك على هضاب الجولان وسفوحها وتلالها وسهولها وجبالها كما نراها اليوم في مدن سوريا وقراها وأريافها بطشاً وإرهاباً ودماراً وخراباً.

9.إنهاء الاحتلال الصفوي الإيراني لسوريا التي غدت في عهد آل الأسد ولاية إيرانية، وغدا الصفويون فيها أصحاب البلاد، ينشرون مذاهبهم الهدامة الباطنية المجوسية بكل حرية، ويقوضون عرى الإسلام، ويسيئون إلى الصحابة الكرام ورجالات الإسلام العظام، ويذيعون أفكار الزيغ والضلال والظلام.

10. انحسار نفوذ حزب(اللات) ذراع إيران الذي يلبس رداء المقاومة، ويتاجر ببضاعة التصدي والصمود، وما معاركه مع يهود إلا من أجل مصالحه وعقائده الباطنية ليحول لبنان إلى ذيل للإمبراطورية الصفوية، وسيعجل سقوط نظام الأسد برحيله إلى الأبد ليرفع رايات المقاومة، وألوية الجهاد أبناء هذه الأمة حفدة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي الذين يكيد لهم هذا الحزب ليل نهار وصباح مساء.

11.نصرة القضية الفلسطينية التي تاجر بها نظام الأسد طويلاً، وهو الذي أقام أسواق المذابح للشعب الفلسطيني ومقاومته في لبنان بعد أن طرد رجال المقاومة من حدود الجولان، وتجتاح قواته اليوم مخيم حي الرمل في اللاذقية، وتمزق أهله كل ممزق، ولا ريب أن تحرير فلسطين والأقصى جزء من عقيدة الشعب السوري المسلم الأبي التي حاربها هذا النظام بضراوة، وقدم هذا الشعب صفوة أبنائه وخيرة رجاله من أجل فلسطين، ويكفي أن نذكر أن عز دين القسام الذي فجر استشهاده ثورة عام1936 في فلسطين هو سوري من مدينة جبلة السورية، وكان من علماء هذا الشعب وفقهائه وفرسانه الأوفياء لفلسطين وشعبها.

12. إعادة سوريا إلى التاريخ والزمان والمكان لتأخذ دورها الريادي والقيادي في صنع حاضر الأمة ومستقبلها بعد أن أخرجها هذا النظام من واقع الحياة، وسجنها في قعر سجن كبير سحيق حالك مظلم، وقتل علماءها واغتال عبقريتها وبطش بتاريخها المجيد، وطمس معالم عزتها وقسمات حضارتها، والحديث ذو شجون، وخير الكلام ما كان قليله يغني عن كثيره، ومعناه في ظاهر لفظه، وسينتصر الشعب السوري بإذن الله وتنتصر معه الأمة كلها على هذا الطاغوت المستبد الأثيم (( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)).