رأي حول الدعوة الأمريكية والأوروبية لبشار بالتنحي
رأي حول الدعوة الأمريكية والأوروبية
لبشار بالتنحي
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
قد يقول قائل وخاصة من أبواق النظام أن هذا الكلام لن يؤثر على النظام , ولا يقدم ولا يؤخر , وخاصة مع وجود دول داعمة للنظام السوري مثل روسيا والصين وإيران , وأن مرتكزات القوة والتي في يد الحكومة مازالت متماسكة وقوية , كقوات الجيش بمختلف تشكيلاته والقوى الأمنية صاحبة السلطة المطلقة في البلاد
بينما الدلائل الآنية والمسقبلية تشير عكس ذلك حتماً , فلو عدنا لمجريات المواقف الدولية خلال الحركة الثورية في البلاد , كانت كل المواقف الدولية تتركز باتجاه واحد هو شرعية النظام وبقاء الحاكم في مكانه مع الطلب لمزيد من الإصلاح في بنية الدولة السياسية , وكان الأمل معقوداً على بشار الأسد في أنه يمكنه تجاوز الأزمة , في قمع الثورة ومع بعض الإصلاحات الصورية
والمدة التي أعطيت له طويلة جداً كلفت السوريين خسائر كبيرة جداً , وما زال النزيف متواصلاً , وأمام هذه الجرائم المرتكبة من قبل النظام وبناء القاعدة العسكرية الإيرانية في طرطوس , وأمام إصرار الشعب السوري على تحقيق مطالبه مهما بلغت التضحيات فالعودة للوراء تعني خسائر أكبر من الخسائر التي تقع الآن على الشعب السوري في حال رضخ الشعب السوري لسياسة القمع هذه , هذا الصمود البطولي والإصرار العجيب على انجاح الثورة من قبل الثوار في سورية , والجرائم التي تقابلها من قبل النظام حركت عند المجتمع الدولي حالتين
الحالة الإنسانية ولو أنها لاترقى كثيراً عندهم في التأثير على القرارات , والحالة الثانية الخوف من لبننة سورية وانحدارها لحرب أهلية فيها بحيث تصبح كل المنطقة مشتعلة , وبالتالي يكون تأثيرها على مصالح الجميع
نجد أن النظام السوري كان يضرب كل النداءات السابقة عرض الحائط , ولكن بعد هذه الدعوة اليوم قام النظام بإبلاغ الأمم المتحدة بأنه قد أوقف العمليات الأمنية ضد المتظاهرين , هذا البلاغ يعتبر بداية التأثير والقلق والخوف عند النظام بحيث وصل لقناعة تامة أن نظامه أصبح في رمقه الأخير , وتحرك دول الخليج ومنهم السعودية والأردن وكذلك مصر
وربط مجلس الأمن التركي في اجتماعه اليوم والقيادات العسكرية تحرك حزب العمال الكردستاني ضد القوات التركية , مرتبط بشكل مباشر بتوجيهات من المخابرات السورية لتصعيد العمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني ضد القوات التركية بالمواقف الأخيرة والجانحة لدعم الشعب السوري وتحقيق مطالبه في تحقيق أهدافه المشروعة
فسورية لن تستطيع أن تكون معزولة عن العالم , فأمريكا وأوروبا حددت مواقفها في فقدان الشرعية للنظام , والحلف الغير معلن بين السعودية وتركيا والأردن وبعض الدول العربية والخوف من لبننة سورية , فليس أمامها حل إلا دعم الشعب السوري ضد النظام
هذه المواقف العربية والدولية وتضرر مصالح أركان النظام المادية والمعنوية , ومع استمرار الزخم الثوري في سورية سيكون نتيجتها حتماً تفكك السلطة وانقلاب بعضهم على بعض , فالداعمين للنظام في أي نظام شمولي ديكتاتوري هم من أكثر الناس نفاقاً وجبناً , ولا يهمهم إلا المصلحة فعندما يرون مصالحهعم في الحضيض فمن السهل أن ينقلبوا عليه
فعلينا أن لانستهين بهذه البيانات , وأصبح النظام في زاوية ضيقة جداً ومحصوراً فيها , فإن استمر في اجرامه ستحزف كلمة قد وتصبح جرائم ضد الإنسانية , وهذه العبارة تكون بمثابة حرية التصرف لدول العالم في اسقاط النظام ومنها التدخل العسكري المباشر , وعملياته الإجرامية التالية لن تجد لها تبريراً في كل المحافل الدولية
بقي المطلوب من الثوار هو تشكيل نظام سياسي موحد يجمع كافة المعارضين للنظام تحت شعار واحد ألا وهو بناء سورية كدولة ديمقراطية حديثة هذا الكيان يعطي أفقاً واسعا لكل مكونات الشعب السوري بغض النظر عن العرق والعقيدة والطائفة.