سيدي الرئيس؛ قبل أن يفوت الأوان

بعيداً عن كل ما يتقاذفه المتشدقون والمتفيقهون والمنافقون - من أبواق إعلامكم الرسمي الفاشل بكل جدارة والمسمون بحق النبيحة والمعارضة الكاذبة الخاطئة التي تتسلق اليوم على أكتاف الشعب لعلها تحظى بنصيب من الغنيمة - فإننا نريد أن نختصر القضية بسؤال واحد : ماذا قدمتم لهذا البلد حتى تستمرون في سدة الحكم ؟؟؟ طبعاً لا نريد الجواب على شاشات الجزيرة أو العربية أو الدنيا أو .... بل نريد لكم أن تجيبوا عليه بنفسكم ولنفسكم ..ماذا فعلتم وقدمتم خلال أحد عشر عاماً لهذا الشعب الذي أحبكم وأعطاكم الفرصة الذهبية لتكونوا واحداً من أعظم الحكام الذين مروا على هذا البلد ؟؟.

وبما أن الجواب قد يكون صعباً على سيادتكم فإننا سنقدم لكم بعض المساعدة عسى أن تلهمكم الجواب السديد وقبل أي شيء نحب أن نشيد بانطلاقتكم عام 2000 فقد حاولتم تصحيح ما كان ولكن وعلى ما يبدو جاءتكم نصيحة من محب لكم ولبلدكم تقول "أكمل سياسة من قبلك وهي ناجحة وتناسب نوعية هذا الشعب" ولكن من نصحكم نسي أنكم لستم من قبلكم وأن الشعب هو غير الذي حكمه من سبقكم وان العالم كله تغير وأصبح قرية صغيرة كما يقولون :

1- على الصعيد السياسي : رسختم سياسة من قبلكم في الاعتماد على أعضاء منتفعين ومشوهين وممسوخين من حزب البعث وما سمي بالجبهة الوطنية التقدمية للابتعاد عن شبهة حكم الفرد أو العائلة , ولم يعد في هذا البلد شيئاً يسمى حياة سياسية فحتى ضمن حزب البعث لا يوجد انتخابات ولا ديموقراطية ولا نقد ولا نقد ذاتي فكله أسماء تأتي من فوق بغض النظر عن صاحبها أكان سيئاً أم جيداً , أما أضحوكة مجلس الشعب فإنه يضم مختلف شرائح الشعب عن حق ومنهم المجرمين والسارقين وتجار المخدرات والأميين والجهلة وكله بدو يدفع ليطلع .

2- على الصعيد العسكري : بداية يجب علينا تذكيركم أننا دولة مواجهة مع العدو و أن لدينا أرضين مغتصبتين واحدة في الشمال وواحدة في الجنوب ناهيك عن فلسطين والأهواز وغيرها .. ومع ذلك فإن لدينا جيشاً قد نخره الفساد حتى العظم وأصبحت الرشوة والسرقة والفساد والمحسوبيات (والتفييش) من أساسيات الفاتحة العسكرية وكله يتم علناً وبلا خوف ولا وجل على تبدل قادته وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أنها سياسة مقصودة ومبرمجة لعقيدة بسيطة وهي أن من يسرق ويطغى ويبغى يكن أكثر إخلاصاً وولاءاً لقيادته من النزيه الشريف , ناهيك عن تسليح الجيش الذي لا يخفى على احد والذي لم يتجدد منذ التسعينات إلا للأجهزة التي تحمي إدارتكم .

3- على الصعيد الاقتصادي : يا سيدي إن الاقتصاد السوري متين ولا مديونية على سوريا .. هكذا يتبجح أبواقكم المعاقين الذين تولونهم اقتصاد هذا الشعب المسكين نعم لا مديونية .. ولماذا يستدينون أصلاً إذا كانوا يعيشون في أفضل حال ويجبون المليارات والباقي فليذهب إلى سواء الجحيم ..نعم إن سوريا غنية بكل شيء زراعة وصناعة وتجارة ولكنهم حطموها ودمروا كل ما هو جميل فيها , فقد بدأت قيمة الليرة بالانخفاض أمام الدولار منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي من 3,25 ليرة للدولار إلى 56,00 ليرة حالياً ..أتعلمون يا سيدي أن إدارتكم يسرقون أموال الشعب ويرسلونها للخارج ..نعم يدعمون بها اقتصاديات أوربا وأمريكا ..وكل ما يجنيه هذا الشعب بمستثمريه ومصدريه و مغتربيه ومزارعيه وصناعييه يسرقونه ويرسلونه للخارج , أتصدقون ذلك ..أما كان حرياً بهم أن يتركوا مسروقاتهم في بلدهم على الأقل ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل ؟؟

4- على الصعيد الحكومي : جل مسؤولي هذا البلد لا يتمتعون بشيء من الخبرة أو الدراية أو النزاهة لا لشيء إلا لسبب بسيط وهو أنه يجب أن يتمتع بصفة واحدة وهي أن يكون هيناً ليناً سهلاً متزلفاً منافقاً مع إدارتكم حتى تكون أمورهم وسلطتهم سالكة 100% ولا يهم بعدها إن كان هذا المسؤول جاهلاً أو لصاً أو مخرباً أو فاسداً أو مجرماً لا يهم .. أتدرون يا سيدي أن المناصب تشرى بالفلوس ..المحافظ بكذا مليون والوزير بكذا و المدير العام بكذا وعضو مجلس الشعب بكذا حتى أصغر الدوائر (لأنو كله بدو يسرق علشان يعوض اللي دفعوا) وهذا ليس سراً يا سيدي فالقاصي والداني يعرف ذلك وأتمنى أن لا تكونوا منهم .

5- على الصعيد الزراعي : طبعاً كانت أسوأ سنوات الزراعة في سوريا في أيام السيد رئيس الوزراء الحالي (الذي لا أحد في هذا القطر استطاع أن يخمن لماذا تم اختياره هو أو من سبقه أو من سبقه وغيرهم ولديهم ما لديهم من تاريخ مخزي) و أن الوضع الزراعي في سوريا في أسوأ حالاته والمحاصيل الأساسية والإستراتيجية انخفض إنتاجها إلى حوالي 65% خلال عقدين من الزمن وفقدت وزارة الزراعة كل سيطرة على التخطيط لهذه الزراعات وتوقفت خلالهما كل مشاريع الري وتطويره واستصلاح الأراضي فازدادت نسبة الجفاف والتصحر بشكل مخيف خلال هذين العقدين الأخيرين وتضاءلت المساحات المزروعة بسبب هجرة الريف إلى المدينة لانعدام التوازن بين كلفة وقيمة المنتجات الزراعية إضافة إلى إهمال الريف مما أدى إلى ضعف خدماته وتعليمه مما أدى إلى تخلفه وجهله بشدة .

6- على الصعيد الصناعي : على الرغم من وجود مئات الآلاف من العاملين في القطاع الصناعي فإنه قطاع خاسر 100% ويتحمل الشعب عبء رواتبه ومصاريفه وكل ما تقوم به الدولة أنها تستمر في دفع رواتبهم ولعشرات السنين التالية بدون حتى التفكير في حل لهذه المعضلة التي تستنزف دم الشعب وعرقه , فلا يوجد آلة واحدة تعمل إلا ما رحم ربي وبجهد خاص من بعض الشرفاء , أو في مادة احتكرتها الدولة وتبيعها بسعر مضاعف عن كلفتها مما سيؤدي في حال السماح للقطاع الخاص بتصنيعها إلى تثبيت سعر البيع المرتفع أو اضطرار الحكومة إلى تخفيض أسعارها بما يتناسب و السعر العالمي وطبعاً هي تفضل الحل الأول لتغطية الهدر والسرقة و الفساد الذي يعشعش في جميع مفاصلها والخاسر دائماً وأبداً هو الشعب .

7- على صعيد الممانعة والصمود : لا شك أن اللعب بورقة المقاومة جيد ولكنه كان بحاجة إلى متممات ومقومات حتى ينجح فالكل يعلم أن سوريا لم تعد العدة لأي حرب لا في المدى القصير ولا المتوسط ولا الطويل وعلى الرغم من إحراجات العدو المتكررة لها إلا أنها لم تبال بما يشكل ذلك من إهانة لكرامة البلد , وإذا كنا سنلعب بورقة المقاومة للضغط على أمريكا و "إسرائيل" فلا أقل من أن نكون مستعدين بما استطعنا ..فأي دولة ستحسب لجيشنا حساباً وهو بدون عدة ولا عتاد و يسرق غذاء وكساء جنوده وكل ما تقع عليه الأيدي , ومن ثم إذا أرادت "إسرائيل" حل مشكلة حزب الله (على اعتبار أن حماس لا تشكل لها مشكلة حالياً) فهل تفضل أن تحلها عن طريق منحنا الجولان؟؟.. أم أن تعيد للبنان الجزء الصغير المتبقي من أراضيه ؟؟, وهذه تركيا البلد الصديق والحليف ومع أنها ليست دولة مواجهة مع احد وليس لديها أرض مغتصبة بل العكس ومع ذلك فجيشها هو ثاني أقوى جيش في أوربا وعندما هددت مصالح شعبها التركي بقبرص في السبعينات من القرن الماضي احتلت جزءاً من الجزيرة وأمنت حياة مواطنيها ومصالحهم , وأخيراً فإن تصريح السيد رامي مخلوف عن أن استقرار إسرائيل من استقرار سوريا يفيد في شرح ما عجزت عنه الأقلام والصحف .

8- مشاكل بسيطة ودائمة ومزمنة لم يفكر أحد حتى مجرد التفكير في حلها : والتي أصبحت جزءاً من الحياة اليومية وعاشت عليها الأجيال بحيث لم تعد تشعر بوطأتها واعتبرتها أنها تراث أو متلازمة مع الهواء والكساء كالنظافة وأزمات السير والطوابير أمام الأفران وحفر الشوارع والمياه والكهرباء والاتصالات وعدم وجود منتزهات ولا غابات ولا حدائق لهذا العدد المتزايد من الناس وفساد خطة الاستيعاب الجامعي وفساد القضاء والشرطة والبلدية وكافة موظفي الخدمات , وحتى رياضياً فقد أصبحنا في ذيل الترتيب العالمي في جميع الرياضات , والأهم من ذلك كله فساد الأخلاق والذمم وفساد الدين وفساد المعاملات بين الناس وسيادة النصب والاحتيال والسرقة والزعرنة و البلطجة بدلاً من تربية الشعب على سيادة الدين والقانون والأخلاق .

9- وأخيراً أريد أن يسأل كل من يؤيد مسيرتكم : لماذا تؤيد بقاء الرئيس بشار الأسد ولتكن إجابته ضمن النقاط الثمانية التي وردت أعلاه (أو أي نقطة أغفلت سهواً) وسنجد أمراً عجيباً... أن الجميع لا يعرفون سوى ما لقنوه وهو بالروح ..بالدم ..وإلى الأبد وممانعة وصمود وتصدي ومسيرة التحديث والتطوير وفقط وبدون تعليل أو أية أدلة أو براهين فقط شعارات لا تتجاوز الحناجر و لم يعد لها مكان في هذا العصر وتسيء إلى سيادتكم أكثر بكثير مما تمدحكم .

سيدي الرئيس من يعرف أن لديه أعداء متربصين له بالخارج يقوي جبهته الداخليه ويوحد صفوفها ويبث فيها القوة والعزة والكرامة لتكون خير سند له ...أما سندكم في هذا البلد فقد حولتموه الى ثلاث فئات لص أو مرتشي أو منتفع , مجرم أو قاطع طريق , وما تبقى من السواد الأعظم جبان ذليل همه الأوحد في الحياة تأمين رغيف عياله لا يملك أن ينظر في عيني شرطي في بلده , لا بل أن كثيرون يتنازلون عن مظلماتهم لتحاشي دخول فرع أمن أو مخفر شرطة أو لقاء أي مسؤول من نوع آخر , انظر إلى أي جندي او مجند.. انظر إليه .. انظر في عينيه لتعرف مدى القوة والشجاعة والعزة والكرامة التي زرعتموها في جيشنا الباسل .

يا سيدي لقد ضربتم شعبكم ضربة قاضية قضت على الجزء اليسير من العزة والكرامة التي تركتموها له

نعم يا سيدي لقد كنا نتمنى أن تحكم هذه المحنة الحكمة و البصيرة وحب الذات (نعم حب الذات) ولكن ويا للأسف حكمتها الثقة المفرطة بالنفس وبالقوة الأمنية وهو ما لم يستمر في أي من أنظمة العالم القمعية

سيدي الرئيس ...لقد فات الأوان - ومصيركم مزبلة التاريخ وعصابتكم المجرمة القاتلة من آل الأسد ومخلوف وشاليش وأهليكم أجمعين وسيحاكمكم الشعب قريبا على جميع جرائمكم شئتم أم أبيتم والله غالب على أمره..

 مواطن من الأغلبية الغيورة على الوطن...