صرخة من «منتجع البركسات» في نهر البارد!!

زياد شتيوي/ نهر البارد

بركسات الحديد.. علب السردين.. أفران الموت.. مستوعبات بشرية.. حاويات بشرية.. لا تليق لحياة آدمية.. لا تصلح للبشر.. برادات الشتاء..

أوصاف وتسميات ونعوت اطلقت على هذه «المساكن» القسرية والمؤقتة التي أصبحت دائمة بحمد الله وشكره على البلوى، والشكوى لغير الله مذلة، وبفضل قياداتنا التي ما قصرت يوماً في التذكير بهذا الألم والمعاناة التي نعيشها في أفران الموت هذه. فمنذ إقامتنا الجبرية بهذه المستوعبات اللا بشرية. وقيادتنا الحكيمة والعظيمة التي ما تركتنا يوماً وما تركت مناسبة إلا وذكرت الجميع في هذا العالم، عبر الإعلام والصحف والإنترنت والموقع الالكترونية وكل ما استطاعت الوصول إليه من وسائل المرئي والمسموع، وما تركت من اعتصام أو مناسبة محلية وغير محلية إلا تكرمت علينا بذكر بركساتنا العزيزة والتي ألفناها وألفتنا بعجرها وبجرها، وأصبحت جزءاً من حياتنا، إن بقي لنا عمرٌ نعيشه.

«سكنٌ مؤقت» هكذا قيل لنا (يذكّر هذا المؤقت بمؤقت النكبة الذي قيل إنه أسبوعين فامتدّ لأكثر من ستين سنة حتى الآن). ويقال إن السنة الرابعة تمرّ وما زلنا –في هذا المؤقت- ننعم كل يوم بروائح العطور تزكم أنوفنا التي لم تعد تشمّ سوى روائح البيع والشراء للذمم والأخلاق والمصالح.

لم نعد نكترث لضيوف الليل (الجرذان) تتسلل علينا، وكأنها أصبحت من حواضر البيت وساكنيه، اعتدنا عليها واعتادت علينا، ولم يعد ينفع معها سوى التآلف. لقد كبرت وسمنت والفضل يعود لقسم الصحة في الأونروا وتوابعه. شكونا ونشتكي، والشكوى أصبحت لغير الله أكثر من مذلة، اجتهد المهندسون في الأونروا بالتحسين تلو التحسين وأموال ترصد ومشاريع تلزّم، وكلها ترقيع بترقيع، يؤكل نصفها والنصف الآخر يُصرف على مواد دون المواصفات (حكّلّي لحكّلّك وغطيلي لغطيلك)، المتعهد واحد والرب واحد والشعب واحد، ووحدة حتى النصر.