رسالة من أب إلى ولده ورفاقه الثوار
سلسلة بريد الثورة السورية
رسالة من أب
إلى ولده ورفاقه الثوار!.
ولدي وقرة عيني
سلام الله عليك وعلى إخوانك :
كم أنا فخورٌ بك وبأصحابك من الثوار الأحرار !. لقد كبرت في عيني ، وكنتُ من قبل لا أرجو منك ضرَّاً ولا نفعاً ولا أُعِدُّكَ لدنيا ولا لدين!. تزدريك عيني كلما وقعت عليك ، عطَّالاً بطَّالاً متثائباً ملازماً رصيف الطريق كسلان .... النهار عندك ليلٌ تغطُّ فيه ، في سباتٍ عميق ونوم ثقيل ، وليلك نهارٌ تقضيه في سهر ولعب ودخان ، مع ثلة ممن هم على شاكلتك من الفارغين أو هكذا كنت أنظر إليكم ، وكان هذا في أمس الذاهب فقط !. ثم فجأة رأيتك وأصحابك هؤلاء تنخرطون في سلك الثورة ، وتقودون المظاهرات ، وتسيِّرون الاحتجاجات ، وتواجهون الرصاص المصبوب بصدور عارية إلا من الإيمان ، ورأيتك – ولا فخر - محمولاً على الأعناق ، تهتف ملء حنجرتك للحرية والعدالة والكرامة ، ويردد الجمهور من حولك – وفيهم الجامعي والمثقف والأستاذ والمهندس والطبيب والفلاح والتاجر – يرددون الهتافات والشعارات والأغاني الثورية التي تنادي بها !. دهشت لمَّا رأيت المشهد المهيب لتلك المظاهرة الضخمة التي ضاق بها الطريق والجموع الهادرة كالسيل المتدفق التي رفعت السبابة تشهد لله بالوحدانية ، وتتطهر من عبوديتها للطواغيت .
ولدي وحبيبي ، أنتم – والله - معجزة حقاً وآية من آيات الله الكبرى !. شبيبة فارغة ، كانت من قريب تخبط في تيه وعماء ، يتحولون بين عشية وضحاها إلى مجاهدين وثائرين وشهداء ، قد أصلحهم الله في ليلة !. فسبحان مقلب القلوب !.
ولدي : أُحِبُّك اليوم حبَّاً لم أجده من قبل ، واعتز بك وافتخر بانتسابك لي !. لم أقلها لك من قبل ، ولم تسمعها مني إلا في هذه اللحظة التاريخية التي صنعتها أنت .. نعم أنت ، ورفاقك أولئكم الفتية حدثاء السن الذين أنعم الله عليهم بالثورة والخروج والقيام بصدق وعزم وقول : ( لا ) ، في وجه الجبار الطاغوت . استعرضت الفيديوهات التي تناقلتها مواقع الفايسبوك ، وتصفحت وجوهكم النيرة ، ويا للعجب !. هذا عبد السلام ابن أخي ، وهذا خلدون ابن جيراننا ، وهذا عيسى ، وهذا عمر ومحمد وعبد الكريم.... كلهم شبيبة ، لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة وكثيرٌ منهم دون سن البلوغ !.. الله أكبر ! إنها ثورة شباب مرد ، صادقة نياتهم ، عالية هممهم ، مفتولة عضلاتهم ، تجري الكرامة في عروقهم مع الدم ، وتملأ رؤوسهم النخوة التي طارت من رؤوسنا نحن الكبار ، لا يملكون شيئاً يخافون عليه ، من مالٍ أو تجارة أو ولد ! صابرون بلا حدود ، ثابتون حتى نهاية الطريق ونيل الحرية واسترداد الوطن من أيدي الخاطفين المغتصبين . شباب ثوار - بيَّض الله وجوههم - لا شيوخ خنَّع يوارون الجبن بغطاء الحكمة ، ويؤثرون الركون إلى الظالم بدعوى الحلم والعلم وبعد النظر !. ما أعظمكم من شباب !. ما أجلكم وما أجملكم وما أجلدكم وما أصبركم عند اللقاء !. صنعتم ما كنا نحلم به وعجزنا عن صنعه أو حتى عن التفكير فيه ، فسبحان مقلب القلوب !. أبشروا بالمجد المؤثل والشرف والسؤدد ، فالنصر آت لا ريب ولا محالة . لا تيأسوا ولا تملوا ولا تستعجلوا ، وثقوا بالله ووعده واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .
إنكم تستحقون منا - نحن الكبار - كلَّ تقدير وحب ودعاء ، وفَّقكم الله وحفظكم ، ويسَّر لكم طريقكم ، وأيَّدكم بالنصر والتمكين .