الإسلاميون والثورات العربية
الإسلاميون والثورات العربية..
عبد العزيز المشوح
بعد سقوط الخلافة العثمانية بداية القرن العشرين على أيدي المتآمرين من غربيين ويهود .. تقاسمت " الدول الغربية " .. فرنسا , بريطانيا , أسبانيا , إيطاليا , أمريكا.. تركة الرجل المريض كما سموه .. فأخذت فرنسا : الجزائر وتونس , ولبنان , وسورية , وأخذت بريطانيا , مصر , وفلسطين والعراق .. وأخذت إيطاليا , ليبيا وتقاسمت أسبانيا وفرنسا المغرب العربي .. وأصبح الخليج العربي تحت الحماية البريطانية .. وهكذا تقاسمت الذئاب الكعكة .. وأية كعكة ! مليئة بالخيرات .. باطن أرضها مليء بالكنوز .. وظاهرها مليء بالخيرات .. فهي سلة غذاء العالم ..
ولكنَّ هذا الدين العظيم الذي ربى أبناءه على العزة والكرامة والإباء ..
لم يقبل الضيم ولم يسكت على الهوان .. فتحركت الثورات في أنحاء العالم العربي على خلفية هذا الدين .. وما يطلب من المسلم أن يقوم به .. فكانت ثورة عبد الكريم الخطابي في المغرب , وثورة عبد القادر الجزائري في الجزائر , وثورة الثعالبي والقليبي في تونس , وثورة عمر المختار في ليبيا , وثورة عرابي في مصر , وثورة الأطرش وصالح العلي في سوريا , وثورة عبد القادر الحسيني في فلسطين , ورشيد عالي الكيلاني في العراق ..
وهكذا امتدت هذه الحركات من الأحواز في المشرق إلى مراكش في المغرب ..
واستطاعت أن تقدم الآلاف من الشهداء من أجل تحرير الوطن وتطهير أرضه من المستعمرين الدخلاء ..
فلم يستطع الغرب مواجهة هؤلاء الأبطال إلا بالحيلة والخداع .. فأعطاهم الاستقلال الظاهري .. ثم التفَّ على ثوراتهم بالمكر والخديعة .. فجعل من أبنائهم أعواناً له وشكّل منهم حكومات ظاهرها العربية وباطنها الأعجمية .. ظاهرها الوطنية وداخلها التبعية .. تتبع أمره وتنصاع لأوامره .. لسانها عربي وأفعالها غربية ..
وجعل بين كل دولة وأخرى بذرة للعداوة والإنفجار ..
وذاقت الشعوب من وراء ذلك كل ويلٍ وقهرٍ ومذلة وحرمان ..
وزرع بينها إسرائيل ذلك الورم الخبيث .. والسرطان المؤذي الذي يتغلل في الجسم العربي .. ويسوق حكامه إلى التبعية والانصياع لخططه وقاربه .. حتى كانت الثورات العربية الحديثة ..
حيث انطلقت الشعوب تكسر قيود الذل والمهانة والعار بعزة وإباء ..دون تخطيط مسبق أو منهجية واضحة ..فقد كان الدافع الديني والإسلامي .. المتجذر في باطنها .. هو الذي يسوقها إلى هذه المعاني الفاضلة ..
وحتى لا نغمط الناس حقوقهم نقول : إن لبعض الحركات الإسلامية دورٌ مهم في ذلك .. وإنلم يظهر على السطح بشكل مباشر .. كما الإخوان المسلمين في مصر .. وحزب النهضة في تونس .. وتجمع الإصلاح في اليمن .. وكذلك ليبيا وسوريا ..
وقد عملت هذه الحركات بذكاء أو على استحياء .. حتى لا تثير الأحزاب العلمانية .. والحركات اليسارية ..
ومع ذلك ..
فإننا نشعر بالغرابة من موقف بعض علماء المسلمين , ومشايخهم , ودعاتهم ..
وإننا إذ نضع الثورة السورية .. والموقف منها مثالاً على ذلك ..
نجد أن : موقف العلماء في الداخل مثل " سعيد رمضان البوطي "
و " أحمد حسون " ..مما يندى له الجبين .. ولكن هذا غير مستغرب من علماء السلطة ومشايخ الزور والبهتان ..فقد ظهر مقابلهم من صدح بكلمة الحق .. مثل / كريم راجح , أسامة الرفاعي , والصياصنة , وأنس عيروط , وغيرهم .. وإن وجدنا العذر لمن في الداخل ..
فكيف نجد لمن هم خارج القطر .. من سوريين وغير سوريين .. من قادة الحركات الإسلامية .. ممن يعتبر سوريا دولة ممانعة ومقاومة .. من أمثال : أحمد نوفل , ليث شبيلات , عبد الله الأشعل ..ممن لا يفرق بين الممانعة والمخادعة وممن يعتبر هذه الثورة " فتنة " .. من أمثال : سليم العوا .. الذي قيل إنه تراجع عن ذلك .. فلا يفرق بين الفتنة والمحنة ..
وأين هي حركة الإخوان المسلمين الأم .. ومرشدها العام الذين لم يصدروا بياناً يطيب الخاطر .. وإن جرى شيء من ذلك فهو على استحياء ..
أين الأزهر !؟ أين الجماعات الإسلامية .!؟ في باكستان والهند
وأندونسيا .. أين الحراك الشعبي الإسلامي .!؟ ألم يهتز له ضمير ..!؟ أو تندى له جبهة .. فيدين القتل والبطش والتعذيب وسفك الدماء !؟
لا بل إن من الأمور المضحكة والمبكية في آن .. أن يتكلم قادة الحركات الإسلامية بدون بسملة .. وبدون السلام الذي شرعه الله للأنام .. وحتى مؤتمراتهم لا تبدأ بقراءة القرآن ..خجلين خوارين .. يخشون أن يتهموا بالمرجعية .. أو التطرف والإرهاب .. بينما غيرهم لا يخجل أن ينادي بالعلمانية والدولة المدنية الحديثة بعيداً عن الإسلام ..فيقصدون المؤتمرات العلمانية .. ويطالبون بتغيير الدستور .. ومنهم الأكراد ممن يطالب بإلغاء كلمة العربية من اسم الدولة ..
إنني أقول بصراحة .. إن سياسة تقوم على الكذب لن يتحقق لها النصر .. ولن يؤيد الله فيها المتذبذبين والمنخاذين إلى معسكرات المنافقة والخذلان ..
وإننا لن نتخلى عن هويتنا الإسلامية .. وسنقف إلى جانب الشعوب المؤمنة المغلوبة على أمرها .. حتى يأذن الله بالفرج والنصر وإنني أهيب بكل دعاة الإسلام .. وجماعاته .. وقواه أن يعقدوا أيمانهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
بعيداً عن التزلف والنفاق .. والدهاء السياسي .. لأنّ هذه الأمة ثارت من أجل عزتها وكرامتها .. وكل ذلك من دينها وعقيدتها .. وصدق الله :" وإذا تتلى عليهم آياتنا بيناتٍ قال الذين كفروا للذين آمنوا أيُّ الفريقين خيرٌ مقاماً وأحسنُ نديا ."