اغتنموا فرصتكم الأخيرة أيها المؤيدون للنظام السوري

اغتنموا فرصتكم الأخيرة

أيها المؤيدون للنظام السوري

م. عبد الله زيزان

[email protected]

بعد مرور أربعة أشهر من انطلاقة الثورة السورية بدأت الإدارة الأمريكية بمراجعة حساباتها، لتبدو ولو ظاهرياً أن موقفها بدأ يتجه لصالح مطلب الشعب السوري الثائر الأساسي وهو إسقاط النظام لا إصلاحه، فلأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية تعلن الإدارة الأمريكية صراحة على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون أن النظام في دمشق قد فقد شرعيته...

لكن ما بات معلوماً الآن أن الثورة السورية والتي بدأت على يد الشباب ستستمر سواء وقف العالم مع الشعب أم لم يقف، والتصريحات والمواقف الأمريكية والغربية بشكل عام لا تغير بصورة ملحوظة من واقع الاحتجاجات السورية المطالبة بإسقاط النظام، فلا التخاذل الأمريكي والغربي والعربي خفف من وقع الثورة، ولا الموقف الجديد للإدارة الأمريكية والذي رفع الشرعية عن النظام السوري سيزيد من وقودها...

لكن سورية لا تعيش بمعزل عن العالم الخارجي، بل تتداخل فيها العوامل الخارجية مع الداخلية بصورة غاية في التعقيد... لذلك لا بد من قراءة التحول الأمريكي "العلني" الجديد تجاه الأوضاع في سورية... فالتصريحات الأمريكية الأخيرة تعطي مؤشراً قوياً على ما آلت إليه الأوضاع في سورية... فهو أول إقرار "رفيع المستوى" بوصول الأوضاع في سورية إلى مرحلة لا يمكن فيها الرجوع إلى الوراء... وهذا فقط ما يهمنا في التصريحات الأمريكية الأخيرة... فصحيح أنها تصريحات جوفاء لا تغير شيئاً من الواقع، وصحيح أنها لا زالت مجرد أقوال غير مقرونة بأفعال مؤثرة تسهم في إنهاء النظام السوري، إلا أن مجرد التصريح بذلك يعني أن تمسك الإدارة الأمريكية والغرب من خلفها بنظام بشار الأسد قد بدأ بالتلاشي...

وربما كانت تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون هي الأوضح منذ استلام آل الأسد السلطة منذ أكثر من أربعين عاماً والتي تفيد بأن هذه العائلة كانت على علاقة وطيدة بأمريكا على خلاف ما يحاول الإعلام السوري الترويج له منذ عقود... ففي قولها "على الأسد أن لا يعتقد أنه شخص لا يُستغنى عنه" إشارة واضحة أن هذه العائلة كانت على توافق مميز مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وأن أمريكا الآن قد تستغني عنه كأي عميل انتهت صلاحيته...

إذاً بناء على ما تقدم فإننا نرى أن الدائرة تضيق على النظام السوري داخلياً وخارجياً، ففي الداخل لا تزال كرة الثلج المتمثلة بالاحتجاجات تزداد قوة واتساعاً، وعلى المستوى الخارجي بدأت الدول بمراجعة حساباتها بدءاً من أمريكا مروراً بروسيا والصين وصولاً حتى إلى إيران والتي ستجد نفسها مضطرة للتخلي عن النظام السوري بعد أن تعجز عن ضخ مزيد من الأموال في ظل مشكلاتها السياسية والاقتصادية...

وعليه فإن الوقت الآن يأخذ بالنفاد أمام مؤيدي النظام والمدافعين عنه... وفرصتهم بالتخلي عن النظام باتت تضعف ما لم يتداركوا أنفسهم ويتبرؤوا منه في وقت مبكر، وإلا فإنهم سيواجهون شعباً ثائراً منتصراً لن يرحمهم...

والمؤيدون أنواع، فمنهم المرتبط ارتباطاً كلياً بالنظام ومشارك بشكل مباشر في دعم النظام منذ وصوله السلطة، وسقوط النظام يعني بالضرورة سقوطه، فهؤلاء لا أمل في مراجعة أنفسهم، والمحاكم تنتظرهم... وهناك المنتفعون الصغار، والذين يجدون في بقاء الوضع كما هو فائدة كبيرة لهم، وهناك البسطاء أو السذج ممن يقتنعون بأكذوبة المقاومة والممانعة وهم قلة... إذاً الدعوة موجهة للصنفين الأخيرين، خصوصاً أن هناك من المنتفعين من يعين النظام بدفع رواتب "الشبيحة والزعران" ومنهم من يدافع عنه بوسائله المتاحة سواء من خلال الفضاء الالكتروني أو من خلال العمل على الأرض إما بالتثبيط أو من خلال العمل كمخبر للأجهزة الأمنية...

لهؤلاء المؤيدين نقول: راجعوا أنفسكم قبل فوات الأوان والتحقوا بركب الثورة، فإن لم تملكوا الجرأة لتنضموا إلى الثوار فالتزموا الصمت، ففي صمتكم وتحييدكم نصرة وكرامة...