الثورة ماضية حتى تحقيق الأهداف الكاملة
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
لقد اتضحت صورة الحراك الشعبي الآن في سورية بشكل أوضح والثورة تتطور من مرحلة إلى مرحلة أخرى متقدمة وبخطوات ثابتة والحمد لله , بينما العصابات المافوية في سورية تتراجع بسرعة وسقوطها المدوي أصبح قريباً جداً بعون الله تعالى
فبغض النظر عن مؤتمر دمشق والذي شارك فيه عدد لابأس فيه من الشخصيات المثقفة والمعارضة للنظام , عن حيثيات وظروف انعقاد هذا المؤتمر , ولكن يمكننا استخلاص نتائج جيدة للثورة ويجب استثمار هذه النتائج في إعطاء دفعة لتطور ثورة الشعب السوري
هذا المؤتمر بحد ذاته من نتائج هذه الثورة , ولولا اليأس وفقدان الثقة في نفس العصابات المجرمة والمافاوية في سورية , ماكانت لتسمح أبداً في انعقاد مؤتمر كهذا , وباستثمار نتائج المؤتمر نستطيع من خلال تراكم النتائج السابقة له أن يكون هذا المؤتمر بداية في الحراك السياسي لمختلف الكيانات المعارضة , والوصول لرؤية منطقية وواقعية , ومن خلالها يتم نجاح الثورة السورية
فالمؤتمر خرج ببيان اسقاط النظام تحت حماية ومسمع عصاباته ودعمه للمؤتمر
أليس هذا دليل قوي على أن النظام المجرم صار في زاوية ضيقة ويتلقى الضربات من كل اتجاه وهو غير قادر عن الدفاع عن نفسه حتى ومن هم تحت حمايته
فالثورة الشعبية السلمية والموجودة على الأرض وهي التي تبذل الأغلى على الإطلاق في الحياة , عليها أن لايغيب عن حركتها أهداف مرسومة وعليها تحقيقها مهما كلف من أمر وهذه الأهداف يمكن أن نحدد البعض منها هنا:
1- هدف أي ثورة هو اسقاط النظام الحاكم واستبداله بنظام آخر , وعندما يتحقق اسقاط النظام يحاول بقايا النظام بشتى الوسائل العودة مرة أخرى بسبب القوة التي مازالت بأيديهم وبقايا الكثير من الموالين في النظام الجديد , وقد يساندهم في العودة عناصر كانت تابعة للنظام ولكن انشقت عنه بسبب اختلاف المصالح , بحيث تتحد هذه الفئات مرة أخرى بوجوه جديدة تعبر عن نفسها بأنها هي التي أسقطت النظام وهذه الحالة تسمى (سرقة الثورة )
2- عندما يجد النظام أن سقوطه واقع لامحالة , عندها سيلجأ لمناورة جديدة تسمى الإنتقال السلمي للسلطة , هذا الإنتقال يفضله الكثير من الناس والمفكرين ظناً منهم بأنه الحل الأسلم لحفظ الدولة من الإنهيار والفلتان الأمني وصراع المتضادات في المجتمع
فنمط الإنتقال السلمي للسلطة وارد جداً كما حصل في مصر وتونس , ولكي تكون نتائج الثورة مرضية لأهلها , فلا بد هنا من استمرار التظاهر والزخم الشعبي لإسقاط كل رمز سيء في النظام السابق ومحاكمة المتورطين أفراداً وجماعات
3- توجد حالة خطيرة جداً علينا جميعا الحذر والحيطة القصوى في حال وقوعها , وقوع انقلاب عسكري أبيض هذا الإنقلاب لن يكون بحد ذاته أكثر من التضحية ببعض الرموز السابقة وبقاء النظام كما هو وقد يكون أسوأ من سابقه , في هذه الحالة على الثورة أن تستفيد من الجديد في أن النظام المتماسك قد انقسم على نفسه وهو في هذه الحالة سيكون في أضعف حالاته , وبالتالي يكون الحراك الشعبي في هذه الفترة في ذروته القصوى لتحقيق الأهداف والتي انطلقت من أجلها الثورة , بينما إن كان الإنقلاب دموي يساند في الحراك الشعبي لفترة مع الإصرار على تنفيذ مطالب الثورة , فالإنقلاب العسكري الدموي سوف يخلص المجتمع من مجرمي النظام السابق وبسرعته القصوى
4- الحراك السياسي والمتمثل في الأحزاب السياسية المعارضة والشخصيات والتكتلات السياسية والإجتماعية , تعطى الفرصة لها لتفعل ماتراه مناسباً فهي رديف الثورة وقوتها في الداخل والخارج, ونتيجة حراكها السياسي وعقد المؤتمرات وطروحاتها المختلفة والتي تقع تحت إطار واحد وهو لابديل عن إسقاط النظام حتى تخرج ببرنامج عمل سياسي موحد يرضي جميع الأطراف مهمته تحقيق أهداف الثورة السورية
فالحمد لله ثورتنا بخير وهي في تطور ومن نصر إلى نصر , والمجرمون يفقدون صوابهم يوماً بعد يوم بإصرار وعزيمة شبابنا الثائر ودماء الشهداء رحمهم الله جميعا , وجرائم التعذيب عند هذه العصابات , فهي إن دلت على شيء فإنما تدل على حقدهم وعجزهم وأن نهايتهم في داخلهم قريبة جداً وحتى يخففوا من صورة السقوط القريبة يظهرون بهذه الوحشية من الخوف واليأس والقنوط , ونقول لهم لن يمر وقت طويل حتى تلاقون أشد العذاب ولن ترون ملجأً لافي الدنيا ولا في الآخرة وعليكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.