يا أهل الخارج، المدد المدد

حارثة مجاهد ديرانية

حارثة مجاهد ديرانية

[email protected]

ألا ترون إلى هذا النظام الفاجر في سوريا يخرج الناس في شوارع بلدهم يهتفون بشعارات الحرية والعدل ومحاسبة الظالم، لا يصنعون ذلك إلا بالهتاف السلمي الذي ليس فيه اعتداء على أحد من الناس، ثم يكون جزاؤهم أن يروعوا ويسجنوا ويقتلوا وتفعل بهم الأفاعيل؟ قبحه الله من نظام! إن هو إلا بقايا من عصور البشر البائدة لما كان المستبدون يحسبون الناس عبيداً في حديقة قصرهم يصنعون بهم ما يشاؤون. ألا يدرون أنه تغير الزمان وعرف الناس حقوقهم فخرجوا يطلبونها مجاهرين بها، ومسؤولياتهم فصاروا يفهمون إذا حوسبوا عليها؟ ألا يدرون أن أساليبهم الهمجية في ترويعهم العباد كانت تعمل في القرون الماضية ثم زال زمانها وعدل الناس -حتى شرارهم- عنها فما عادت هذه طريقتهم ولا عاد هذا أسلوبهم؟ نعم تغير الزمان ولا يعود الزمان إلى الوراء، وقد خرج من أرض الشام رجال يدهشون الدنيا بشجاعتهم وإصرارهم على الحياة في عزة وكرامة، فإن لم يكن فإن الموت أهون من الحياة بلا كرامة!

أنا أعرف أن كثيراً منكم ربما لا ينامون الليل ألماً مما يجري على أرض سوريا، وأننا لسنا هنالك معهم كي نشاركهم في جهادهم -جهادهم السلمي بكلمة الحق، وذلك أعظم الجهاد في الإسلام!- على أرضهم، فحق لكم أن تحزنوا (وذلك هو الخبر السيئ)، وأما الخبر الجيد فهو أن لنا حظاً من المدد -على تواضعه- نقدمه إلى إخوتنا في الداخل، أول ذلك السند المعنوي، ذلك أنهم يسعدون حينما يرون إخوة لهم يقفون معهم بقلوبهم ويألمون لألمهم وكأننا جسد واحد، لا يكفي أن تحتفظوا بهذه المشاعر الإنسانية لأنفسكم بل بوحوا بها واعملوا على أن تصل إليهم، فإنها تسعدهم وتشد من أزرهم وأنا أؤكد لكم أنهم لن ينسوها لكم، وستعود عليكم وعليهم بالخير العميم إن شاء الله. وثاني ذلك أن ننصرهم بتأليب العالم كله على من ظلموهم، وذلك عون عظيم إذا أتقنا لعبة استغلال أثر الرأي العام العالمي. إن إخوتنا في الداخل ثبتوا وصابروا وجاهدوا حتى أجبروا المجتمع الدولي (الذي ظل طويلاً -ولغاية يخفيها عنا- يتشاغل ويتظاهر بأنه لا يرى أو يسمع شيئاً مما يجري في سوريا!) إجباراً على أن يعترف بما يحصل على أرض سوريا من جريمة ضد الإنسانية، لم يصنع المجتمع الدولي ذلك لأنه يحبنا أو يأبه لحقوقنا وأرواحنا، ولكنه شيء اضطر له اضطراراً بفضل صبر المنتفضين ونفسهم الطويل، ويجب علينا أن نفهم جيداً أن إبقاء أحداث سوريا حية في ذاكرة الرأي العام العالمي هو من مفاتيح النصر الكبيرة في هذه المعركة مع الطغاة، وهنا يأتي دور فعال لكل مسلم خارج القطر السوري أحب أن تكون له يد مع الأيدي التي تجاهد الطغاة في سوريا.

إن أساليب هذا التأثير أكثر من أن تعد فمن أستاذ يحيي المأساة السورية في صفه وكاتب يكتب إلى قرائه وخطيب يخطب في حضوره، وبارك الله في أولئك جميعاً، وإنه لحديث طويل ذو شجون، من أجل ذلك سأركز حديثي الآن على دورنا المفيد في الشبكات الاجتماعية ومواقع مشاركة الفيديو على الشبكة العنكبوتية. إن الرأي العام اليوم يتأثر تأثراً عظيماً بقنوات التواصل العالمية كالفيس بوك واليو تيوب، عرف ذلك منتفضو سوريا فراحوا يغرقون الشبكة العنكبوتية بشواهد مصورة تري العالم ماذا يفعل النظام السوري بشعبه الأعزل من ترويع وتقتيل، وبذلك قاموا بمهمتهم وهنا يجيء دورنا نحن، ذلك أن هذه المقاطع المصورة يتأثر ظهورها في الصفحات الرئيسة بالإقبال عليها من عدد مشاهدين وأصوات وتعليقات، فكل مشاهدة وكل تصويت وكل تعليق هو بمثابة إعلان لها، فلنعود أنفسنا -إذن- عادة هي أن نتعمد فتح أكبر قدر ممكن من هذه المقاطع المصورة، وقد يتعذر علينا -وقتئذ- أن نشاهد تلك المقاطع كاملة لغناها وكثرتها، فلا بأس عندها من التقليب السريع الذي يرى فيه الكثير ولكن يدع من الوقت ما يكفي لرؤية غيره، ولا تنس أن تقيّم كل مقطع تفتحه بل وتعلق عليه أيضاً كي يكون لك سهم في الإعلان عنه، وما معنى ذلك إلا ازدياد حصة سوريا من الاهتمام العالمي (وأكرر أن حصة سوريا من اهتمام الرأي العام العالمي مفتاح كبير من مفاتيح النصر لا ينبغي الاستهانة به).

دعونا إذن ننشر هذه الثقافة: ثقافة التأثير على الرأي العام العالمي من أجل أن نبقي معركة إخوتنا الشريفة على أرض سوريا حاضرة حضوراً قوياً في ذاكرته، وما أعظمها من خدمة -على تواضع ما نستطيع تقديمه مقارنة بأولئك الأبطال المرابطين في الميدان- نقدمها لهم ولقضيتهم الشريفة!