أسد عليّ وفي الجولان ذبابة

أسد عليّ وفي الجولان ذبابة

د. عامر أبو سلامة

بالأمس ‑وفي ذكرى يوم النكسة‑  ذبح الصهاينة عشرات من أهل الجولان الحبيب, وجرحوا المئات, وروعوا الآمنين, واضطربت الأوضاع, وكان يوماً مهيباً, وعدواناً صارخاً على شعبنا الأعزل هناك.

قضية يندى لها جبين العربي وكل مسلم بل وكل شريف على وجه هذه المعمورة؛ ومن باب أولى أهل سورية, بحكم التاريخ والجغرافيا والقرابة والمباديء والقيم, وكل شيء يربطنا بأي محافظة من المحافظات السورية.

شعب يعاقب ويقتل, وهو صاحب الدار, أمة تنهب وتسلب, والناس سكوت, بشر يسحقون بكل المقاييس, نساء تصرخ, أطفال يستغيثون, ولكن ليس هناك مجيب من البشر.

والنظام السوري, الذي يرفع شعار الصمود, ويتشدق بالتصدي, ويعلن وقوفه مع المقاومة, ويلوك عبارات النضال, وجمل التحرير, وكلمات البطولة!!! لم يفعل شيئاً, اللهم إلاّ الشجب والاستنكار الفارغ, والآلة الإعلامية التي تعيش القرن الحجري, مشغولة بتمجيد القائد؟؟!! والكلام عن مؤامرت خارجية تحاك للنظام.

أما آلة النظام العسكرية, فلم تحرك ساكناً, ولم تطلق رصاصة واحدة, وهذه هي العادة, وليس هناك من جديد وبنفس الوقت فالجيش ‑ياجماعة‑ مشغول بالمدن السورية, موزع على جبهات الشعب والمحافظات, موجود في درعا لمقاومة الشعب (الدرعاوي) الذي خرج مطالباً بالحرية, ومنادياً بالحقوق, وهاهي بطولات النظام تظهر, فيعتقل الشيخ الصياصنة, ويقتل حمزة الخطيب – رحمه الله – ويذبح المئات من أبناء الشعب, والتهمة جاهزة نعرفها قبل أن ينطق بها النظام, لأنها (إسطوانة) مشروخة, يعرفها الصغير قبل الكبير, وما عادت تنطلي على أحد.

النظام السوري, أرسل الدبابات إلى حمص والرستن وحماة واللاذقية وبانياس وديرالزور وسائر المدن السورية, فهو مشغول بذبح الشعب السوري, عفواً مشغول بأصحاب (الأجندات) الخارجية؟! فهاجر الخطيب –رحمها الله- أكبر دليل على ادعاءات النظام.

النظام منصرف عن نصرة أهل الجولان, لأن كل إمكانات الدولة مسخرة لمقاومة أطفال صرخوا بالحرية, ونددوا بالقمع, وإرهاب الدولة, وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين, وبيان حال المفقودين.

النظام يقاوم أصحاب الرأي, ويحارب أهل الأقلام الحرة, ويحاصر أحرار الكلمة, ويسجن من نطق كلمة أراد بها خير البلاد والعباد, ويعاقب كل من شعر أنه لايوافقه بسياساته وأهوائه, النظام مشغول بالمعركة مع الشعب, ولكنه إلى الآن لم يعلن أن تحرير الجولان يبدأ من قتل أهل درعا وحماة وديرالزور؛ وربما قال هذا سراً للمضللين الذين معه.

ياأيها النظام...لو كنت صادقاً لكان مكان الدبابات الطبيعي في الجولان ,لتنصر أهلنا هناك.

 لو كنت صادقاً لما وجهت المدافع, لأطفال سورية تروعهم وتقتلهم, ولا لنسائها تفزعهم, وترملهم وتثكلهم.

أبناء الشعب الأحرار,هم ذخر كل خير, ورمز كل عطاء, ومستقبل البناء الحضاري لبلدنا الميمون,فلا يجوز أن يعاملوا بهذه اللغة الفاشية, ولا بهذه الطرائق الهمجية, ولابهذه المنهجية البربرية.

ياأيها النظام..... إن من يحمل الأجندة الخارجية هو أنت, وليس الشعب, إن الخائن أنت وليس نساء البيضاء والرستن, إن الظالم من خطط لقتل الشعب, وإن المجرم من نهب مال الشعب, وصادر حرياته, فكفى خداعاً, وكفى تضليلاً للناس عامة, وللعرب خاصة, فقد سقطت ورقة التوت, وبان المرج, واتضحت الحقيقة.

في الجولان أرنب, وفي المدن السورية أسد!!! في الجولان نائم, وفي حماة ودرعا يذبح الناس ذبح الشياه, في الجولان يندد ويستنكر, وفي المدن السورية, تراق الدماء, وتقطع الأشلاء, ويداس الشعب بالأحذية ويهانون.

لمثل هذا يذوب القلب من كمد           إن كان في القلب إيمان وإسلام

لا أعتقد أن واحداً على وجه الأرض, ماعاد يدرك حقيقة هذا النظام, ولا أتصور أنه بقي في الدنيا من تنطلي عليه ألاعيب النظام وكذبه وفجوره, لا أستوعب بعد اليوم أن يكلمنا بشر عن صمود النظام وبطولاته, لأن المعادلة صارخة في بيان الحقيقة, حتى إن الأعمى صار يراها.