حول انتخابات مجلس الشعب القادمة

بدر محمد بدر

[email protected]

بدأت رياح انتخابات مجلس الشعب والشورى القادمة تهب علينا، وبعد أيام قلائل سوف تبدأ الخطوات التنفيذية، بالإعلان عن إجراءات فتح باب الترشيح وتقديم الأوراق وتحديد شروط وضوابط الدعاية الانتخابية للمرشحين، وكذلك تجهيز المقار واللجان العامة والفرعية، وترتيب إجراءات الإشراف القضائي الكامل، ومراحل استكمال العملية الانتخابية.

ولا شك في أننا مقبلون على مرحلة إعداد وتجهيز المسرح السياسي لبناء أهم مؤسسات الوطن، والخروج من هذه الحالة الاستثنائية التي أعقبت ثورة 25 يناير، وهي فترة مهمة يحتاج فيها المجتمع المصري إلى الشعور بالأمن والأمان والاستقرار، ويتطلع فيها إلى آفاق المستقبل بروح أكثر أملا وتفاؤلا، ولذلك يجب أن يدور بيننا حوار ديمقراطي حر، تشارك فيه كل مكونات المجتمع، حول بعض القضايا والمسائل التي يجب حسمها بالتوافق في هذه الفترة.

وأهم ما يميز هذه الانتخابات، أنها محط آمال الشعب المصري في الخروج من الأزمة التي نعيش فيها، وأنها الأولى منذ نحو ستين عاما، التي  يشارك فيها الجميع بروح جديدة، ولا يتوقع أحد نتيجتها مسبقا كما كان في السابق، ويميزها كذلك أنها تحت الإشراف القضائي الكامل دون تدخل من الأجهزة الأمنية، وبالتالي يمكن توقع أن تكون الأكثر نزاهة في التاريخ المصري الحديث.

وأعتقد أن الهاجس الأمني هو أحد أبرز المخاوف التي تشغل بال الكثيرين، ولا شك في أن توفير الأجواء الطبيعية للإدلاء بالرأي الحر، وتأمين العملية الانتخابية من أعمال البلطجة والتزوير، هي مهمة جهاز الشرطة بالأساس، ثم يدعمه وحدات من الجيش، ويساعدهما أيضا شباب اللجان الشعبية، وما زالت الفرصة متاحة أمام وزارة الداخلية لترتيب أوراقها، والتعهد بحماية الانتخابات.

وأنا مع إجراء الانتخابات هذه المرة وفقا للنظام الفردي الذي اعتدنا عليه، وفي نفس الوقت أرحب بالقائمة النسبية غير المشروطة، وأراها الأصلح للوضع السياسي في مصر، ولكن في مرحلة لاحقة، تكون فيها الأحزاب ومؤسسات المجتمع أقوى برامجا وأكثر تماسكا وأوضح رموزا، وعندها لن يكون هناك مشكلة أيضا في تمثيل الخبراء والمرأة والأقباط ضمن القوائم الانتخابية بشكل مناسب.

ولا أرى مانعا من استمرار "الكوتة" النسائية في هذه الدورة فقط، حتى تكون المرأة ممثلة بصورة أفضل، ضمن اللجنة التي تختار مواد الدستور الجديد، وإذا ارتضينا بعد ذلك العمل بنظام القائمة النسبية غير المشروطة، فإن مشكلة تمثيل المرأة في البرلمان والعمل السياسي سوف تحل بشكل طبيعي.

ولست مع استمرار نسبة العمال والفلاحين بأي حال من الأحوال، لا في هذه الدورة ولا في المستقبل، وأعتقد أنه من الأنسب أن نترك باب الترشح مفتوحا لكل من يعطيه القانون هذا الحق، بعيدا عن التصنيفات غير الواقعية، وبالطبع ليس في هذا أي تقليل من دور وقيمة العمال والفلاحين، فهم أهلونا وإخواننا، ودورهم كبير في نهضة الوطن.

ولست كذلك من مؤيدي حرمان من كانوا ينتسبون إلى الحزب الوطني المنحل أو ارتبطوا بالنظام السابق، من حق الترشيح وخوض الانتخابات، إلا من كان منهم مدانا بالفساد والبلطجة وانتهاك القانون، وأرى من الأفضل أن نترك المجتمع حرا، كي يختار من يرى أنهم يمثلونه ويعبرون عنه تعبيرا حقيقيا.

إن الشعب المصري صاحب ثورة التحرير العظيمة أثبت أنه أذكى وأكثر وعيا وإدراكا من كثير من النخب السياسية، وهو قادر بالتأكيد على صنع حاضره ومستقبله، وحسم خياراته وطموحاته. 

هذه قضايا ومسائل في حاجة إلى حوار جاد ونقاش ديمقراطي حر، حتى نصل فيها إلى توافق وطني عام، يصب في صالح حاضر ومستقبل هذا البلد الطيب.