محاصصة النكبة

محاصصة النكبة

د. عصام مرتجى- غزة

[email protected]

اليوم نقف على أعتاب بدء أولى خطوات المصالحة الفلسطينية على الأرض، وذلك بتشكيل حكومة فلسطينية مرضي عنها من الجميع " فلسطينيا، عربا وعجما  " ، مع أن رضا الجميع غاية لا تدرك !

لا شك أن مهمة أية حكومة قادمة هو إدارة الأمور للخروج من الأزمة التي يعيشها شعبنا منذ خمس سنوات ، وهذه مهمة شاقة وصعبة ، خاصة في ظل الموروث الصعب من الأزمات والأوزار التي تنتظر الوزراء القادمين.

كثيرا ما سمعنا أصوات  ترفض مبدأ المحاصصة في الحكومات السابقة، ولا زلنا نسمع بهذه النداءات من العديد من الجهات الفلسطينية التي تتقن نقد اللاعبين من خارج الحلبة.

لا زلنا شعبا تحت الاحتلال ، لا زلنا شعبا يعيش النكبة .... تعالوا تحاصصوا وليأخذ كلٌ نصيبه من النكبة !! وكلنا كفلسطينيين نعيش النكبة يوميا ... لاجئون في المنافي ومهجرين في الشتات ، شباب محاصر ، مرضى بلا دواء ... تلاميذ بلا حقائب مدرسية و موظفون يبحثون عن الراتب ...

لماذا ترفضون المحاصصة وأنتم خارج الحلبة ؟؟

 نعم نحتاج لحكومة محاصصة من الفصائل ... نعم نحتاج لمن يتحاصص نكبتنا ويحمل على ظهره من أثقالنا وهموم نكبتنا ...!

كان ملفتا للانتباه في خطاب السيد الرئيس محمود عباس في يوم المصالحة في القاهرة حين كان بصراحته المعهودة يردد " أحتاج إلى تصريح في كل مرة أغادر أو أعود"  وقاطعه أحد رموز الفصائل الحاضرة والمشاركة ليقول له "حل السلطة " !!

بعض الفصائل تطرح رؤياها بشكل نرجسي كالنقاد الذين يجيدون النقد ولا يستطيعون أن ينظموا بيتا من الشعر !!!

لماذا يُسمح للبعض أن يتحاصص في الموارد ولا يعرف شيئا عن المدفوعات والتكاليف ؟!

لماذا كل حزبٍ بما لديهم فرحون ؟ لماذا يستطيع كل حزب أن يدبر مصروفات عناصره ومكاتبهم ومؤسساتهم ونثرياتهم ... وإذا تعلق الأمر بالشأن العام والخزينة العامة وجدنا أنفسنا مفلسين و شحاذين ... ؟؟؟ ويطالب بعض النرجسيين بحل السلطة دون طرح بديله الواقعي ... ولا يخبرنا بخطته البديلة "خطة ب" ولا يخبرنا إلى أين سيهرب من الوطن ؟! 

لقد جمدت سلطة المحتل أموال سلطتنا قبل تشكيل الحكومة المتوافق عليها فلسطينيا .... رب ضار نافعة !

  وهذا ينقلنا لما بعد حكومة الوحدة ... وهذا يثير تساؤلا يغص في حلقنا :

 

هل تستطيع كل الفصائل تمويل أنفسها وتدبير التمويل لحكوماتها ... ولا تستطيع أن تدبر تمويل حكومة وحدة متفق ومتوافق عليها فلسطينيا ؟!!

فيما سبق، لقد طرح البعض مسألة تمويل بعض المنظمات الغير حكومية وأن البعض ينتفخ ويتكرش على حساب شعبنا ، وهذا جدير بالمتابعة والنظر والتحقق ... ولكن هناك ما يستحق المتابعة أكثر والمراقبة أكثر، ألا وهو تمويل الفصائل الفلسطينية ومصروفاتها ،  وخصوصا بعد التوافق على برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ودخول الكل الفلسطيني في خيمتها.

فلا يُعقل أن تبقى بعض الفصائل تدعي أنها زعيمة الكرامة والحرية والتحرير ، وهي في نفس الوقت تمول أفرادها وعناصرها وترى شعبها يموت جوعا !!

ولا يُعقل أن تكون أغلب الفصائل تطالب بحصتها من الوزارات ولا نراها تحمل نصيبها من جوع أطفالنا ودواء مرضانا ولا تأخذ نصيبها من نكبتنا !!

ولا يعقل أن يقف بعض النرجسيين ليطرح حل السلطة ولا نرى برنامجه الوطني يشمل أساليب المقاومة الناجعة وكيفية إدارة الأزمة المترتبة على ذلك اقتصاديا وماليا وإنسانيا ...!!

 نعم نحن بحاجة لأن يدخل الكل الفلسطيني لداخل خيمة منظمة التحرير الفلسطينية ، ليعرفوا مسؤولياتهم ، ولنرى كشف حساباتهم ومواردهم ومصروفاتهم ...

نحن بحاجة لأن يدخل جميع الفصائل الانتخابات على مختلف أشكالها "نقابية، محلية، بلدية ، تشريعية، مجلس وطني، رئاسة ...الخ"  ...  ليعرف كلٌ حجمه في الشارع الفلسطيني  وليعرف مدى تقبل الشارع الفلسطيني  لفكره وليرى مدى إمكانية تطبيقه على الواقع، فكلام الفنادق ليس كصراخ الخنادق !!

في النهاية نقول لوزراء الحكومة الفلسطينية القادمة ولوزيرها الأول، كان الله في عونكم ، فأنتم وزراء في حكومة لشعب منكوب ، ووزراء لسلطة تحت الاحتلال ، ووزراء لخزينة مديونة ومنكوبة .... نقول لكم كان الله في عونكم كلٌ على قدر حمله من همومنا ... وكلٌ منكم  أعانه الله على نصيبه من النكبة .

ونقول لأعدائنا، الذين سرقوا أرضنا واليوم يسطون على أموالنا، ما قاله الكاتب والأديب الفرنسي فيكتور هوجو :

"إذا أعقت مجري الماء في نهر فالنتيجة هي الفيضان، وإذا أعقت الطريق أمام المستقبل فالنتيجة هي الثورة"

غزة / فلسطين في 16 مايو 2011.