هل تنجح دول الاستكبار في مصادرة مشاعرنا

الشيخ حماد أبو دعابس

رئيس الحركة الإسلامية

أحداث متتالية يشهدها واقعنا الفلسطيني وعالمنا العربي في هذا العام المزدحم بالإحداث. والملاحظ فيه أن المزاج الإسرائيلي المريض، والمزاج الأمريكي الاستعلائي، يسعيان لفرض مشاعر الفرح أو الحزن، الغضب أو الابتهاج وفق مصالح ورغبات دول الاستكبار والاحتلال التي ذكرنا وغيرها.انه المزاج المريض فعلاً الذي يفرح للاغتيالات ويغضب للمصالحة،يسعى لاستمرار النظم الدكتاتورية ويتوتر ويقلق لانتصار الثورات الشعبية. يريد أن يتعاطف معه كل العالم في ذكرى المحرقة وبالمقابل يصادر حقنا في إحياء ذكرى النكبة.

هذه الأمثلة وغيرها الكثير تدل دلالة واضحة على أن الاحتلال الإسرائيلي ممثلاً بسياسيية واعلاميية، وحتى عامة مؤيديه، لا يستطيع العيش في بيئة الخير، ويكره أن تشرق شمس الحرية على جيرانه. لا يرتاح إلا على الآم العرب والفلسطينيين وماسيهم وهو كذلك يغتمّ لما يفرح له العرب والفلسطينيون والمسلمون.فهل يسعى العرب والفلسطينيون لتحرير عواطفهم ومشاعرهم وإرادتهم نهائيا من الهيمنة الأجنبية؟ فنفرح لما يبعث  على الفرح ونغضب لما يستوجب الغضب،ولو كرهت دول الاحتلال الاستكبار؟

نهنّئ شعبنا الفلسطيني بنهاية الانقسام ونستهجن ردة الفعل الإسرائيلية

وأخيراً أثمرت جهود المخلصين والساعين للمّ الشمل الفلسطيني ،وتوفرت الظروف المواتية، برعاية مصر الثورة وتمّ توقيع اتفاق المصالحة بين اكبر الفصائل الفلسطينية، فتح وحماس.هذا الحدث التاريخي،والذي أنهى اربع سنوات من القطيعة، أثلج صدور جميع الفلسطينيين والعرب والمسلمين ومحبي السلام في العالم اجمع.إلا أن إسرائيل وانساقت خلقها أمريكا،كالمعتاد ،لا يحبون الخير لهذا الشعب وهذه الأمَّة، يحاولون إقناع العالم بخطورة المصالحة الفلسطينية ويحتج الإسرائيليون بتصريحات لقيادة حماس وبتاريخها في المقاومة،ويسافر نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى أوروبا ساعياً إلى تحذير الدول الغربية لرفض التعامل مع الحكومة الفلسطينية المزمعة . كذلك يسعى الأخير للتحذير والتخويف من اعتراف العالم بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 في سبتمبر المقبل، ويجمد وزير المالية المستحقات الفلسطينية، خلافاً للقوانين والشرائع والاعراف الدولية.

تجري الرياح بما لا تشتهي إسرائيل

المثقفون الإسرائيليون، وخاصة الأكاديميون المتحررون من الضغط اليميني الأرعن، نصحوا نتنياهو وحكومته مِراراً، أن يتخلوا عن منهجية الإذلال والقهر للفلسطينيين، والتعامي عن حقوقهم الوطنية. ولكنهم ووجهوا بالصلف المستمر والتنكر لمشاعر الفلسطينيين ورغباتهم، استمرار في بناء المستوطنات، هدم ومصادرة في القدس، اعتقالات يومية، وإفشال لكل مساعي إحقاق الحقوق الفلسطينية عبر مفاوضات جدية. وظنت إسرائيل أنها ستظل مسيطرة على المشهد ومغلقةً لكل المنافذ، حتى هبّت في الشرق رياح التغيير فجرت بما لا تشتهي حكومة إسرائيل.

سقوط نظام مبارك وانتصار الثورة المصرية، صحبهما تغير في اللهجة المصرية وفي الموقف من القضية الفلسطينية. فتح معبر رفح ورعاية المصالحة الفلسطينية،وإعادة النظر في صفقة الغاز المصري لإسرائيل كل ذلك لا يروق للإسرائيليين. بل يقُضُّ مضاجعهم. إعلان القيادة الفلسطينية التوجه لدول العالم للاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل يقلق إسرائيل ويضغطها. فهل كل العرب والعالم مخطئون أم أن إسرائيل تسبح بعكس التيار، ولربما فاتها القطار؟.

آن الأوان لإسرائيل أن تدرك بشكل لا يقبل التأويلات أنَّ العالم لم يعد يتفهَّم استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وليس مستعداً للمزيد من المماطلة بحق الشعب الفلسطيني في إعلان دولته المستقلة.

إلاّ أسامة لا بواكي له

أمريكا تغتال أسامة بن لادن في الأراضي الباكستانية، منتهكة بذلك سيادة دولة إسلامية،وتدعي أنها ألقت بجثته في البحر. والمسلمون في أقطار الأرض بدولهم وحكوماتهم لا يجرؤون على الترحم على الرجل أو استقباله حياً أو ميتاً. ارض العرب والمسلمين ضاقت بقبر يحتوي جثمان رجل مسلم خرج بنفسه وأهله وماله مجاهداً في سبيل الله معلناً الحرب على أمريكا.ورغم خلافنا الشديد مع منهج الرجل وطريقته ورؤيتنا لفظاعة العمليات التي ارتكبها تنظيم القاعدة، إلا أن كل ذلك لا يبرِّر العجز والجبن والخوف من أمريكا الذي يفوق الخوف من الله.

جورج بوش الابن أكثر إجراماً آلاف المرات من أسامة بن لادن فلقد دمَّر دولتين بالكامل وسبب في قتل الملايين من المسلمين .ولم يصنفه احد على انه مجرم حرب. والمجرم غولدشتاين أو المجرم الصربي ميلوسوفيتش وغيرهم من مجرمي الحرب . لم نسمع بان احدهم أُلقى جثمانه في البحر.أمّا أسامة بن لادن فقد أفضى إلى ما قدَّم ولا نستطيع أن نحكم على مصيره عند ربه، فأمريكا لا تستطيع أن تحول بينه وبين رحمة الله أو جنة الله. ونحن لا نشمت بالموت، فان أفلحت أمريكا في مصادرة مشاعر كل الناس، فلا من باكٍ على الرجل لا مصلٍّ عليه، فنحن لا نحكم له ولا عليه بل نكله إلى ربه عز وجل،فهو رب كل الناس وحسيبهم.

نحن سائرون في طريق الوحدة بوتيرة معقولة

الإعلان عن اللقاءات بين قيادات الحركة الإسلامية بشقيها جاء تعبيراً عن مسيرة بدأت منذ اشهر، بوتيرة ليست بالمتسرِّعة،ولا بالمتثاقلة. تجاوزنا فيها مرحلة إثبات حسن النوايا، وانتقلنا إلى مرحلة التنسيق في بعض القضايا كحركتين تحترم إحداهما الأخرى.والآن حسم الطرفان أمرهما في السير الجادّ نحو تحقيق وحدة كاملة بين الطرفين، دون التأثر بأية دوافع خارجية، مانحين لأنفسنا الوقت الكافي لترتيب الأوراق داخل الصف الواحد، للخروج بالصيغة المُثلى، ولكي نزفّ لشعبنا بعد بضعة اشهر بإذن الله تعالى نبأ إعادة اللحمة للصف الإسلامي في البلاد. فرجاؤنا لكل المهتمين أن يتحلّوا بالصبر، وان يكثروا من الدعاء أن تتكلل المسيرة بالتوفيق وان ننعم بثمراتها خلال فترة لا تتجاوز الأشهر المعدودة.

والله غالب على امره