بشار الأسد يقتل شعبه

بشار الأسد يقتل شعبه

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

يعتاد الحاكم المتأله أن يرى في شعبه ذلة واستكانة ورضى بما يفعل رغبة أو رهبة ، أو بالأمرين معاً ( الرغبة والرهبة ) فتراه يبيعهم الشعارات الرنانة التي لا تكلفه شيئاً غير الدعاية الرخيصة والوعود الفارغة واللآمال الكِذابِ التي ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة ، ، فإن استبطأوا تنفيذ الوعود بادئ الأمر وطالبوه تنفيذها استمهلهم مرة ، وأراهم العين الحمراء تارة أخرى ، ولامَهُم على تسرعهم حيناً آخر ، ثم كان توبيخٌ على عدم الثقة بقائدهم ، ثم كان تهديد ووعيد .

وبعد هذا وذاك تنخفض وتيرة السؤال عن الإصلاح عند الكثرة الكاثرة من المجتمع لأنها تؤثِر السلامة ، وخاصة حين تبدأ الاعتقالات وتتوالى للذين فتحوا أفواههم وظلوا يطالبون بحقوقهم ،ثم تخرس الألسنة حين يواكب الاعتقالَ تغييبٌ وقتل ، فتتخلى الناس عن حقوقها فترة قد تكون قصيرة وقد تطول ، في حين تنشأ في المجتمع شريحة وصولية تؤثر السلامة وتصطاد في هذا الجو الخانق ، وهذه الشريحة يعتمد عليها الحاكم الظالم في حكمه الفردي ، فيكونون – للحفاظ على مكتسباتهم الرخيصة – الأيديَ المنفذة لسياسة قمعه وتسلطه . فتنتسب إليه وتكون جزءاً من نسيج دولته .

- حين يعلم الحاكم علم اليقين أنه لم يقدم لشعبه سوى الوعود – إن قدّمها – ولا يفكر أن هذا الشعب سيطالب بحقه عاجلاً أو آجلاً فهو غبي لا يستحق أن يكون رئيساً ،

- وإذا ظن أن عدوى المطالبة بهذه الحقوق لن تصل شعبه فهو أكثر غباء من سابقه ،

 - وحين تأتيه الأخبار من عيونه التي يبثها في كل مكان وهي كثيرة يوجهها لكتم النفوس وإزهاق الأرواح وبث الرعب - – قلعها الله وأعماها – ولا يسارع إلى إصلاح الأمور فهو الغباء بعينه ،

- وإذا اعتقد أن شعبه غير مهيأ لحكم نفسه ولا بد من الوصاية عليه ، وهو الوصي والحاكم بأمره فقد تقدم خطوة إلى الإجرام والإصرار على الإجرام ، وسوف يحرك أجهزته القمعية للفتك بالناس قتلاً وتشريداً واعتقالاً وتغييباً .. زاد على غبائه الإجرام .

هذه (بانوراما) فاقعة لما يجري في سورية الألم وسورية الأمل . الألم من الواقع المرير الذي عاشته في عهد الأب وابنه  من قمع للحريات واحتكار للسلطة وسلب للحقوق ، والأمل الذي بدأت خيوطه تمتد في صباح الخامس عشر – 15- 03- 2011 من آذار ( مارس ) عام أحد عشر وألفين للميلاد . حين انكسر حاجز الخوف الذي لف شعبنا البطل ، فقام يطالب بحقه العادل مشْرِعاً صدره العاري أمام زبانية القاتل بشار الأسد الذين يرمون من هؤلاء الأيطال مقتلاً ، فرصاصهم يستقر (في الرأس والعنق والصدر) . إنهم على كذب النظام الزنيم مندسون وخارجون على القانون ومتعصبون وسلفيون ووو ... والجميع يعلم أن الحاكم ونظامه أفاكون مراوغون وقتلة قذرون. ولن يصدقهم أحد .

هذا ثمن البقاء في كرسي الرئاسة الذي ضمنه له أسياده . فالرصاص العنقودي اشتراه القاتل من أموال الضحايا ليقتلهم به ، لا ليدافع عنهم ضد العدو التاريخي الرابض على حدوده الغربية الجنوبية ، وأمنه المنتشر في كل زاوية من زوايا بلادنا الاسيرة لترويض الشعب على الذلة والخنوع لا للحفاظ على أمن الوطن والمواطن .

عشرات الآلاف من المعتقلين والمغيبين منذ بدأت ثورة الشعب المباركة ضد حاكم  البلاد وزبانيته ، وآلاف القتلة وعشرات الآلاف من الجرحى الذين يدهمهم زبانبة النظام في المستشفيات ليغتالوهم فيها . والحاكم ( مصاص الدماء ) يلغ فيهم ليبرهن لأسياده أنه الجدير بحماية حدودهم ..

ولن تقف عجلة الثورة حتى تدوس هذا الخائن العميل فيكون عبرة لأمثاله ، ولا أظنهم يعتبرون ، فهم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ، ولو كانوا يعتبرون ما خاضوا في برك الدماء الطاهرة . وجلبوا اللعنة لهم ولأتباعهم . وما أملهم في إخماد الثورة المباركة إلا أمل إبليس في الجنة . وسينتصر الحق المنير على الباطل المرير ، وما النصر إلا بعد الصبر والمصابرة ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .