الجمعة العظيمة
وثورة الشعب السوري ضد النظام
فاروق مشوح
هذه جمعة عظيمة ، في كل اعتبار وبكل المقاييس ؛ جمعة عظيمة في اسمها ورمزيتها ؛ حيث أشارت بلا مواربة إلى وحدة شعبنا السوري ورابطته المتينة ، وهي عظيمة بحشودها التي ازدحمت بها الساحات والشوارع والميادين ، وهي عظيمة بشعاراتها التي لن تقبل بعد اليوم ؛ بديلا عن إسقاط النظام ، وهي عظيمة بمواكب الشهداء تترى إلى العلا ؛ بفداء غير مسبوق ، وتضحية تليق بمكانة أمتنا ، وامتياز شعبنا ، وهي عظيمة أخيرا وليس آخرا ؛ بالشوط الذي بلغته في هزيمة النظام أمام جماهيرنا الهادرة ؛ التي لم يعد عندها الخوف حاجزا ، ولا هي ترى المذلة عائقا ، ولا شراسة النظام مانعا عن الحركة والفعل والانطلاق ...
هذه الجمعة كان حصيلتها من الشهداء يزيد على المئة شهيد ، صعدوا إلى بارئهم يدمغون جريمة هذا النظام بالخزي والعار ، ويشهدون عليه بالتداعي والانهيار ، هذا الدم الذي سكبه شعبنا السوري العظيم على طريق الحرية ؛ هو الذي يطرق باب الخلود ، ليسجل لهذا الشعب الأبي صفحة مجد وفخار ، وراية عز وانتصار ؛ باقية على مر الأيام بأنه لن يخضع لطاغية ، ولن يذل لجبار ، وأن ما هو مطلوب منه من المهر الغالي لن يتوانى عن دفعه ، وتقديمه برحابة صدر وطيب خاطر ، إذا كان لا بد عليه من أن يقدم سيل الدماء بلا توقف ، والجود بالأنفس بلا ضن أو تردد ؛ يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود .. وإذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تموت جبانا ...
لقد رأينا جموع الثائرين يصيحون : المنية ولا الدنية ، ونموت ولا نذل ، وندفع ضريبة الحرية أو ننتصر .. كان هذا نشيدهم ، وتلك الألحان أهازيجهم حتى انهزمت فلول النظام أمامهم ، وولت الأدبار من مواجهتهم ..
إن هذه مرحلة مشرقة في تاريخ شعبنا إلى الحد الذي رأينا فيه المتخاذلين من أهل الدنيا ينزوون مستخذين ، ويتوارون مخذولين ، ولن يطول ذلك عليهم ؛ فمحافظات القطر السوري الثائر جميعا سوف تستنهض بعضها بعضا حتى تحقق الغاية وتصل إلى الهدف المنشود ، " سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ " ...