سورية ... ثورة مستمرة

فاروق مشوح

لا بد من الثورة ؛ ونحن نعيش أحداثها ونلثم عبيرها ، ونتعرض لعَرفها الشذي الفواح ، وهي _ بإذن الله _ قائمة ومستمرة في سورية المجد والتحرير .. وإذا كانت قد انطلقت ثورتنا هذه من جنوب سورية ، بقدر من الله نافذ ، وتدبير من شعبنا حكيم .. وكانت جماهير محافظة درعا الباسلة قد تحملت عبأها ، وتصدرت طلائعها ؛ فإن جماهير الشعب السوري الأبية في كافة أرجاء الوطن تنوء تحت مثل هذا العبء .. بل وأكبر منه .. فهل نسيت حماة مأساتها ، أو غفلت دمشق عن حوادث مسجدها الكبير أم غابت عن حلب الشهباء مقاومتها .. وقد ضحت بنخبة من شبابها ؛ هل يمكن لباقي المحافظات السورية وبلا استثناء _ وهي التي ذاقت من ويلات هذا النظام المتخلف ما ذاقت ، وعانت من قهره وظلمه ما عانت .. هل يمكن لها أن تنسى ..!! أو تغض الطرف ...

إن ذلك مستحيل في عقيدة شعبنا ، وهو منافٍ لطبائع جماهيره التي لا تنام على ضيم ، ولا تسكت على ذل ، ولا تهدأ ولا تستكين ، مهما تعاقبت الحقب في الصبر أو تطاول الزمان فيه .. لقد صبر شعبنا _ حتى مل منه الصبر _ بل صبر على أمر هو أمرّ من الصبر ؛ صبر على نظام لا يعرف من القيم الإنسانية قليلا ولا كثيرا حتى انه لا يعيش في عصرنا الذي يعيش فيه الناس ؛ إنما يعود في حكمه إلى قرون متخلفة وحقب من الزمان سالفة ، يتحكم بشعب حر نبيل ، وبإنسان متطلع طموح .. بطائفية مقيتة ، وشعوبية حاقدة وعائلية جشعة جائعة لا تشبع ولا تكتفي ...

هذا ما لاقاه شعبنا في سورية من هذا النظام المجرم حتى كان هذا الانفجار الدرعاوي الكاسح على سهول حوران التي طالما جادت بالخير والعطاء على الأمة في مدى تاريخها الطويل .. وهذا الذي يحدث اليوم من نهوض في ربوعنا العامرة الثائرة هو من ذلك الخير الذي يحرر الشعب ويعلي الكرامة ويرفع راية المجد في طول البلاد وعرضها ...

بوركت أيها الشعب المعطاء في أنحاء قطرنا السوري ، ومن جميع طبقاته وفئاته فأنت بمجموعك كتلة واحدة في وجه الظلم والطغيان ... فإذا كانت محافظة الجنوب في سورية قد تقدمت الصفوف وتصدرت النضال وكانت في طلائع الزحف القادم ترفع الراية ، وتقدم التضحية ، وتتطلع إلى الفجر المنتظر .. فإن أنحاء الوطن الأخرى لن تكون بإذن الله بأقل منها عطاء ولا ادنى في مقاومتها تضحية .. والله معكم أيها الأبطال الميامين ولن يتركم أعمالكم ...