ما مات أبو لهب ولا انتحر جوبلز
محمد فاروق الإمام
[email protected]
نعم
ما مات أبو لهب ولا انتحر جوبلز فهذا جيش طويل من حفدتهم يحيط بأنظمة الفساد
والاستبداد يبررون لهم شناعة فعالهم ويسوقون لهم فظاعة ما يرتكبون من جرائم، ويشدون
على أيديهم في التمادي والتغول في إزهاق أرواح الناس وسفك دمائهم، وكأن قلوبهم قد
قُدّت من جلمود الصخر، وضمائرهم حبكت من حبات معدن الزئبق، وعيونهم قد عميت عن رؤية
الحقائق، فباتوا يرون المشاهد الدامية على غير صورتها، إنه ليس عمى ألوان ولكن عمى
بصيرة وقد تعطل عندهم الفؤاد وغشيت قلوبهم سحابة سوداء حجبت عنها الشمس في رابعة
النهار.
جيش
الكذبة والأفاكين والمدلسين الذين يحيطون بالنظام السوري يدفعون به إلى الهاوية
وسوء المصير، دون أن يتعظ رأس النظام بمن كان حول زين العابدين بن علي ومن كان حول
حسني مبارك الذين عجلوا بوضع حد لحياتهم السياسية ففر زين العابدين بن علي وعاند
حسني مبارك وظن أنه ناج بعناده وصلفه وجبروته فكانت نهايته في قفص العدالة والسوق
إلى سجن طرة حيث أودع فيه الآلاف ليشرب من نفس الكأس صاغراً ذليلا مهاناً ليحاسب هو
وجوقة الفاسدين الذين كانوا حوله على كل ما ارتكبوا من جرائم بحق الشعب المصري على
مدى ثلاثين عاماً.
وكان من غباء هؤلاء الحكام أنهم كانوا يقربون حفنة من المرائين والدجالين والنفعيين
والوصوليين والمنافقين الذين كانوا يسوغون ويزينون ويسوقون أعمال هؤلاء الحكام
ويضعونهم في مقام الأنبياء في العصمة وقد يصلون بهم إلى مقام الإله في الكمال، وهذا
ما نشاهده على محطات التلفاز المتعددة لأبواق النظام السوري الذين يقرنون كل جملة
في حديثهم بالسيد الرئيس وقال الرئيس وشكل الرئيس ووعد الرئيس واتخذ الرئيس
الإجراءات وأصدر الرئيس المراسيم وأعطى الرئيس التعليمات..و.و.و..!!
لم
نسمع من فم بوق من هذه الأبواق في أي مقابلة أو مداخلة لهم على شاشات التلفاز
ومحطات الفضاء العربية والأجنبية نصيحة يدلون بها إلى السيد الرئيس أو يحذرونه من
عاقبة ما يقوم به أو يصدقونه القول فيما يجري على الساحة السورية ويحدثونه عن نبض
الشارع السوري وما يريد، وأن دعاوي المقربين منه أن الشعب السوري يحبه بات غير
مقبول فهذه الجماهير الهادرة تهتف بشعار واحد: (ما منحبك.. ما منحبك ارحل عنا أنت
وحزبك).
أما
آن لهذا الرئيس المغفل الذي يعيش في برجه العاجي محاطاً بجيش من الكذبة والمتملقين
والأفاكين أن يعي الحقائق بعد كل هذه الأنهار من الدماء وهذا العدد من الشهداء، أم
أنه هو فعلاً يتلذذ بمرأى هذه الشلالات من الدماء، ويطرب لسماع أنين الثكالى ونحيب
الأرامل وعويل الأيامى وبكاء الأيتام، ويسكر لمشهد العشرات من الجثث الملاقاة في
الشوارع وعلى الأرصفة والمكومة في ثلاجات نقل اللحوم والخضار، ويهوى السباحة في بحر
الدماء!!
يحدثنا التاريخ عن مثل هذا الحاكم الذي ابتليت به سورية إنه نيرون الذي أحرق عاصمة
ملكه روما وجلس في شرفة قصره يعزف بقيثارته لحن الموت الذي يودع به سكان روما طرباً
لمشاهد الناس المتفحمة الأجساد، ونذكّر السيد الرئيس بشار الأسد كيف كان مصير نيرون
وعلى يد من كان المصير.. كان مصير نيرون القتل وبيد أقرب المقربين إليه الذين كانوا
ينافقون له ويدلسون ويسوقون ويسوغون أعماله وفعاله.. على يد (بروتس) سميره وصديقه
ووزيره وصاحب الرأي عنده، وعندما طعنه بخنجره التفت نيرون إليه وقال كلمته المشهورة
التي راحت مثلاً يرجع صداها في فضاء كل أنظمة الطغاة والمستبدين، لتكون عبرة من
السلف إلى الخلف: (حتى أنت يا بروتس)؟!!! فكم من أمثال بروتس ينتظر الفرصة ليطعنك
من الخلف أيها السيد الرئيس لينجو بنفسه وتذهب أنت إلى الجحيم، تلاحقك لعنات من
أزهقت أرواحهم إلى يوم الدين ويقفوا معك أمام أعدل الحاكمين ويقولون: بأي ذنب
قتلتنا.. يا....؟!