ما هكذا تورد الإبل يا جريدة السبيل
ما هكذا تورد الإبل
يا جريدة السبيل
محمد عبد العزيز
انفردت جريدة " السبيل " الأردنية في العدد 1564 الصادر يوم الأحد 13/جمادى الأولى الموافق 17/نيسان/2011م على صدر صفحتها الأولى من الأعلى بنشر صورة الوزارة السورية الجديدة وعلى عرض خمسة أعمدة ، وبالطول الكامل بلا نقص ولا اجتزاء ؛ ولعله كما جاء حرفيا من مصادر النظام السوري ، مع كلمة إلى يمين الصورة ، حول وعد رئيس النظام بإنجاز إلغاء قانون الطوارئ في أسبوع ؛ ولم تنس الجريدة الإسلامية مكرمة الرئيس في اعتبار من سقط في المواجهات الأخيرة من الشهداء ..! هذه أخبار النظام ومواده الإعلامية ؛ تقدمها " السبيل " بالشكل اللائق حيث ظهرت صور الوزراء الجدد ؛ واضحة ملونة ؛ باستثناء صورة المرأة الوزيرة التي غطت الجريدة وجهها ، لأنها سافرة ؛ والجريدة التي تحمل دعوة الإسلام تراعي أحكام الشرع الحنيف ولا تقبل أن تخدش حرمة الدين ، أو تؤذي مشاعر المسلمين في كشف العورة وإظهارها في الصورة .. لكنها لا تهتم بدماء المسلمين الذين ينحرون اليوم بيد النظام في كل المحافظات السورية ، حيث تجري دماؤهم في المساجد وهم معتصمون ، وفي الساحات العامة وهم مسالمون ، وفي بيوتهم وهم ساكنون آمنون ؛ هذه هي الغيرة على الدين التي يمارسها إخواننا في إعلام الحركة الإسلامية ، ويقدمونها لجماهيرهم المسلمة في كل مكان ؛ وهم يمالئون النظام الإجرامي في سورية ، ويجاملون مثل هذه الأنظمة على حساب الإسلام الحقيقي الذي يدعون إليه ؛ فأخبار النظام الصادرة عنه تؤطر في الواجهات ، وتنشر في صحيفتنا الإسلامية كالدعايات ؛ أما أخبار المظلومين من شعبنا ، الذين ينشدون الحرية ، ويسعون إلى رفع الظلم الذي جثم على صدورهم قريبا من نصف قرن ؛ فتلك مسألة فيها نظر .. يا جريدة السبيل ؛ إن أخبار الثورة في سورية تأتي في جريدتكم داخل الصفحات الثانوية ، وفي الزاوية الأقل أهمية .. فهل هذا هو واجب النصرة المطلوب من الحركة الإسلامية ، ووسيلتها الإعلامية المسماة " بالسبيل " .. ولعلم إخواننا في الجريدة والحركة ؛ أن ثلاثة من أعضاء هذه الوزارة مجرمون محترفون ، هم ضباط سابقون قادوا المجازر في إخوانكم على مدى حكم هذا النظام ؛ أحدهم أشرف على مجزرة تدمر في سورية ، والثاني أشرف بنفسه على مجزرة حماة ، ومجزرة ثالثة من مجازر النظام السوري التي لا تحصى أشرف عليها ثالثهم ، كل ذلك أوائل الثمانينيات من القرن الماضي ...
هل هذه الوزارة التي تضم رؤوس المجرمين في نظام البعث الأمني الشمولي الفاسد ؛ هي التي تستحق من جريدة السبيل كل هذا التكريم والإبراز من أجل أن يرضى النظام ..!؟ فأين أين الأخوة في الله ..؟ وأين أين النصرة لدينه ..؟! أمن أجل دنيا زائفة كاذبة ، وعرض زائل كقبض الريح ؛ نركن إلى الذين ظلموا ولا نرقب لقاء الآخرة وبين يديه جنة ونار .. النظام السوري يدعي المقاومة ، ويرفع شعار الممانعة أو هكذا يقولون ؛ هل مشت عليكم هذه الكذبة الكبيرة ؛ إذا كان الامر كذلك ، فمن جعل جبهة الجولان ساكنة هادئة على مدى أربعين سنة !! ومن قتل أهل المخيمات من الفلسطينيين غير هذا النظام المجرم ..؟! من ترك القضية وراء ظهره وقال "كل واحد يقلع شوكه بيده" ..!! من ادعى المقاومة والممانعة ، ومن قبلها الصمود والتصدي وشعارات فارغة مثل هذا الكلام ؛ ثم عقد من الصفقات مع أعداء الأمة ما يُخجل المخلصين ، ويدمي قلب المؤمنين .. بل من حافظت عليه إسرائيل حفاظها على الكنز الثمين ، ومنعت حتى سيدها أمريكا من المس بهذا النظام أو العمل على تغييره .. ؛ بل من حظي بمثل هذه المكانة وعلى لسان جنرالاتها وكثير من استراتيجيها من الإسرائيليين غير النظام السوري ...
تبقى ورقة لجوء المنظمات الفلسطينية إلى سورية واتخاذها مأوى ، وهم فيما سايروا عليه وجاملوا من أجله معذورون ، لكن ما هو عذر جريدة السبيل والحركة الإسلامية في معاملة إخوانهم السوريين المقهورين لمثل هذا الإهمال والاستهتار .. ولا شك أنكم تسمعون وتعرفون أن الله سبحانه وتعالى جاء بنصره على هذه الأمة ، وعواصف الفتح الرباني أطاحت بالظالمين وأنظمتهم ولا شك أنكم تدركون أن لهذه المنظمات في مثل هذه الأحداث فرجا ومخرجا .. إن كانت القلوب صاغية لأمر الله والنفوس مطمئنة إلى وعده ، وعليهم أن يبدؤوا الأمر قبل فوات الأوان ؛ ولا تطلبوا رضا الناس بسخط الله ؛ فأخشى عليكم من سخط الله وسخط الناس ، والله يحفظ دعوتنا من اصدقائها قبل أعدائها ، والله ولي التوفيق ...

