ليبيا... خيارات أخرى
ليبيا... خيارات أخرى
صلاح حميدة
تعاني الثّورة الليبية هذه الأيّام من مؤامرات وخذلان شبه كامل، فالدّول والقوى التي تفرمل أيّ فعل إيجابي لصالح الثّورة تتزايد، بل نجد الدّعم الّذي تتلقّاه عصابة القذّافي يزداد، وتفتح لهم بعض الأبواب المغلقة، والدّول القائمة على هذا الفعل الإجرامي تقيّد من أرادوا دعم الشّعب الليبي من باب الاستثمار والرّبح، وليس من باب الأخلاق، وقد تكون قطر هي الدّولة الوحيدة التي وضعت كل بيضها في سلّة الشّعب الليبي، بينما من تحمّسوا- من باب مصلحي- في البداية لنصرة الشّعب الليبي، كفرنسا وبريطانيا وأمريكا، بدأت تتراجع، وتكتفي بدور المراقب للمجازر التي ترتكبها عصابة القذّافي، بل تقصف الثّوار أحياناً، وتمنع عنهم التّسلح أحايين أخرى، وتمنع طائراتهم من التّحليق لقصف عصابات القذّافي. هذه العصابات التي تمدّ بكافّة أنواع الأسلحة المحرّمة دولياً، وتعطى الفرصة الكاملة لارتكاب المجازر بحقّ الليبيين، وهذه الدّول كمن يقول للقذّافي:-( إفعل ما تريد، ونحن نقول ما نريد) ، وبالتّالي يظهر القذّافي كمناضل ضد الاستعمار، والثّوار كعملاء لهم، أو كما يحب أن يسمّيهم سيف الشّيطان القذّافي ( المتطرفون من عصابات تنظيم القاعدة).
في حالة الجمود الميداني، والإستعصاء الثّوري الحالي، أين يكمن الحل؟
الثّوار الليبيون أغلبهم مدنيون وبينهم القليل من العساكر، ولديهم القليل من السّلاح والعتاد، ولذلك فهم كمن يحفر الخندق ويتدرّب ويتسلح ويقاتل في نفس الوقت، ويواجهون عصابات مدرّبة تدريباً خاصّاً، ومدعومة مادياً وتسليحياً ودبلوماسياً وبتواطؤ دولي أيضاً.
يبحث الثّوار عن السّلاح في كل مكان، وقد وضعوا قائمة من الأسلحة التي يحتاجون لها ( للناتو) ولكن دون جدوا، وهم يعانون من نقص في كل شيء، من الحذاء والملبس، من السّلاح والخوذ والعتاد والواقيات من الرّصاص، من التّدريب والتأهيل، من العربات والرّاجمات والصّواريخ، من المضادات الفعالة للمدرعات والعربات العسكرية، من اتصالات وتنسيق وتكتيك عملياتي فعّال....الخ.
فإذا كانت دول النّاتو تتمنّع عن دعمهم وتجهيزهم لحسم المعركة، فلماذا لا يطرقون أبواباً أخرى؟
للسودان ثأر مع القذّافي لأنّه يدعم حركة المتمردين في دارفور، وهم يقاتلون مع القذّافي الآن، حسب ما تنقل مصادر من المعارضة الليبية، وفي السّودان مصانع للدبّابات والقذائف والعديد من الأنواع من الأسلحة والذّخائر، والسّودان قريب جغرافياً من ليبيا، وحركة النّقل سهلة وسريعة، وستختصر على الثّوار الكثير من الوقت والجهد.
يحتاج الثّوار لأسلحة مضادة للدروع ذات فعالية عالية، مضادّات تستطيع إبادة أرتال بأكملها، بل تستطيع فرق من الصّاعقة الالتفاف على عصابات القذّافي المتحصّنة في البريقة أو تلك التي تقصف مصراتة وجبل نفّوسة وتبيدها عن بكرة أبيها، وبما أنّ الأردن مشارك في الجهد العسكري للحظر الجوّي، ففي الأردن صناعة متطورة لصواريخ الهاشم المضادة للدبابات، وهي صواريخ ذات فعالية فتاكة، وتستطيع قلب سير المعارك على كل الجبهات، ولا أعتقد أنّ الأردن ستعارض بيع إنتاج مصنعها أو مصانعها الحربية الأخرى لثوّار ليبيا.
في الامارات صناعات عسكرية مختلفة، وتصنع الامارات بنادق قناصة فائقة الدّقة في التّصويب والتّطور، بالاضافة لصناعات أخرى ذات فعالية عالية في حرب العصابات، وهذه الأسلحة مفيدة جداً في الحرب الحاليّة، وبما أنّ الامارات مشاركة بفعالية في الحظر الجوّي، فلا أظنّ أنّها ستعارض بيع ما تنتجه مصانعها للثّوار.
إذا تمنّع الكثير من الدّول عن بيع الثّوار وتزويدهم بالسّلاح، فيوجد مصدر جيّد لتزويدهم بأسلحة مختلفة، من الملبس حتى مختلف أنواع الصّواريخ، والتي ستقلب معادلة الحرب القائمة، فإيران تصنع كافّة أنواع الأسلحة الميدانية، وإذا كان القذّافي يتفوق على الثّوار صاروخياً ومدفعياً، فإيران تستطيع تزويد الثّوار بما يقلب المعادلة بالمدى والفاعلية.
وإذا كانت إيران تستطيع إيصال السّلاح إلى حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية بأعقد الطّرق، فإيصالها لثوار ليبيا سيكون أسهل بكثير، وإمكانيات إيصالها للثوّار عبر وسطاء ممكنة، وبهذا يستطيع الثّوار منع لومهم من قبل الحلفاء الغربيين بالتّسلح المباشر من إيران، وفي نفس الوقت بأيّ وجه سيلام من يدافع عن نفسه من المجازر والدّمار والاغتصاب والتّنكيل؟. ومن لا يريد الدّفاع عن الليبيين، ولا يريد منحهم حق الدّفاع عن أنفسهم، عبر تسليحهم بنفسه، لا يملك الحق الأخلاقي ولا القانوني للومهم أو محاولة منعهم من التّسلح للدفاع عن أنفسهم من غيره.
ولذلك أمام الليبيين خيارات كثيرة، والوسطاء والدّول التي بإمكانها مساعدتهم موجودة، وما عليهم سوى العمل بصمت واحترافية، وإبعاد وسائل الاعلام عن المعسكرات وساحات القتال، بل منع أي شخص من التّصريح عن ما يتوفّر أو يرسل من سلاح ومقاتلين، أو عن خطط المعارك ونوايا الثّوار، فهم يوفّرون معلومات استخبارية مجاناً لعصابات القذّافي.