صحوة شعب نام دهرا

م. محمود الدبعي

عندما كتبنا مقال بعنوان عام التغير في نهاية عام 2010 لم اتوقع ابدا أن يأتي التغير على هذه الصورة  التي يشهدها الوطن العربي الكبير  و خاصة تساقط بعض الأنظمة و ترنح الأخرى و لكن التغير الأهم هو في عقلية الحكام الذين وضعوا الشعوب في قائمة المهمين ولم يعودوا مهمشين في اي قطر عربي و نلمس و عود الحكومات  للشعوب بان تقدم لهم انجازاتها على مختلف المستويات وخصوصا رفع احكام الطوارئ و تقديم الخدمات الأساسية ، ومحاسبة المفسدين ، وكلما  اتسعت رائحة العفن والفساد  ظهرت بوادر الإصلاح و لكن  لم يلمس المواطن االعربي أي تطور  في الخدمات الأساسية والتربية والتعليم والسكن والصحة  و توفير فرص العمل ، لا بل هناك تراجعا في بعض هذه الخدمات وفي أحسن الأحوال بقائها على حالها...... وبدل ان تتلافى السلطات مع الشعوب في وسط الطريق نجدها تتعثر في مكانها لتداري فشلها وفي مقدمته  كونها لم تزل حكومات ناقصة بكل المعاني .. أخذت تبتدع أساليب مختلفة من اجل تكميم أفواه المواطن المنتفض على واقعه البائس ومعاناته المزمنة والمطالب بالتغيير الشامل والجذري لمشاكله وهمومه، وعوزه وضنكه، يتأجج غضبه يوما بعد آخر وهوى يرى اللامبالاة وعدم الاستجابة لمطالبه المشروعة... كما يرى ان أمواله تنهب وتسرق جهارا نهارا ، يرى  تلاعبا خطيرا ومميتا  بقوته اليومي ومستقبله ومستقبل أطفاله.....  وآخر هذه البدع  توجب على المتظاهرين حصر تظاهراتهم ومسيراتهم الاحتجاجية في الميادين العامة ....  و تغض الطرف عن هجمات البلطجية و الشبيحة على المعتصمين حتى ينفضوا و يعودوا من حيث اتو....

 

يبدو إن الأنظمة العربية أحست ان المواطن  أصبح متخوما ومترهل الجسم  مبتلى ب((بكروش))  البدانة ، لمجرد تعاطي حبوب الهلوسة على رأي القذافي أو تخزينة على رأي علي صالح أو شمه على راي المالكي  .... فارتأت حكوماتنا الرشيدة و الموقرة ان تدخل أبناء الشعب  في الميادين العامة ليمارسوا سياسة الإحتجاج حتى يملوا بينما تحرك الشارع بالعساكر بالزي المدني رافعين رايات ولافتات الشكر  للنظام و للحكومة  الموقرة وحرصهما الكبير على صحتهم؟؟؟!!!!! .

 

لم يعد الجندي يتدرب في الميادين العسكرية ليقاتل العدو بل خرج للميادين العامة ليكتسب اللياقة البدنية الكافية من جراء التمرن على ظهور و رؤوس و ايدي و ارجل الثوار المسالمين و استرضاء للحكومات الإنسانية والتي تستقبل وفود المحتجين بالأسف و الأسى و تعزي بالشهداء و تعد بفتح تحقيق و هناك من ينفق ذهب الخزينة على المرتزقه من كل حدب و صوب لذبح الشعب و تدمير البنية التحتية و آبار النفط  وكل ما ينفع الناس من اجل بقاءه بالحكم لأن الأرض و ما فوقها و تحتها ميراث خاص له ولأسرته.

و هناك من خصص مليارات الدولارات لإسعاد شعبه و توفير كل ما يحتاجونه، و مطلبهم بسيط يريدون ان يذوقوا طعم الحرية و علينا الاستفادة من تجارب الحكام في  رعاية وإسعاد  شعوبهم، و خاصة التي خرجت عليهم بصورة غير متحضرة في ميادين التحرير والتغيير، وقتلت من قتلت و جرحت من جرحت و خطفت من خطفت و كل ذلك من اجل مستقبل الشعب..!!!!

يبدو ان حكوماتنا قد  أفلست من تصديق الناس لاتهامها المتظاهرين بأنهم  من المتطرفين... الإخوان المسلمين... السلفيين الجهاديين... والارهابين وانها  تشم فيهم رائحة القاعديين   ،  ضاق صدر الحكام  ولم يعد أي منهم أن يحتمل  الأيادي التي ترفع شعار التغير!!!

فاخذت  أيديهم تلعب بالنار وهي تحرق أهم معاقلها وهي ثقة الشعوب بحكامها و كيف لنا أن نقارع عدوا و شعوبنا لا تثق بحكامها و كيف لنا أن نقود معارك التحرير و الشعوب مغلوب على أمرها... العدو مرتاح من تصرفات الحكام و منهم من يستقبل المستشارين و الأسلحة المحرمة من مخازن اسلحة جيش العدو ليقتل بها شعبه و لا بد من اجراء صفقة و التي  تضمن حرية التعبير والتظاهر و قبول التغير و الإصلاح  حيث يشاء الشعب وأين يشاء  ،  يجب ان تدرك الحكومات العربية أن رياح التغير تهب شرقا و غربا و شمالا و جنوبا في آن واحد ولا يوجد نظام بعيد عن رياح التغير .

 ان إجراءات القمع و التنكيل و القتل و الحبس هي خرق فاضح للدستور الذي تتكئ عليه الحكومات وقت ما تشاء وترميه جانبا حين يهدد مواقعها  وكراسي أنصارها من الفاسدين والمفسدين......

أيها الحكام ان الشعب العربي لا يلعب ، ان الشعب  يطالب بحقوقه التي تعاقد معكم على تحقيقها ، فإما أن تفون بالوعود والعهود وإما ان تعلنون عن عجزكم  وإفساح المجال لغيركم في إدارة شؤون البلاد والعباد. وان تحرك الشعب السلمي لن يدوم والبلطجية يعيثون في الأرض الفساد و ما جرى في مصر و اليمن و الأردن و سوريا  من تحركات تحت مسميات مناصرة النظام هي اساليب مكشوفة و لم تعد تنطلي على احد ،  و على الحكومات أن تكفل وبما لايخل بالنظام العام والآداب:
أولا حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون.)).

رابعأ – حرية اختيار ممثلي الشعب و الحكومات بدون تدخل الأجهزة الأمنية.

خامسا- حرية تأسيس الأحزاب على اسس ديمقراطية.

سادسا- اعادة تنقيح الدستور ليكون اساسا لدولة القانون.

سابعا- اطلاق سراح كل المساجين السياسيين.

ثامنا – الغاء قانون الطوارئ و عدم استبداله بقانون الإرهاب بل بقانون العدل و السلام و المساواه

ضمن ما  ورد أعلاه فان الثوار بالتأكيد سيرفعون اليد تحية للحكام كما يفعل الشعب المصري و التونسي هذه الأيام.

أيها الحكام ان الشعب لا يكل ولا يتعب  وهو يناضل من اجل  حماية آمنه وثروته وكرامته، يجب عليكم ان تعيدوا قراءة تاريخ العرب جيدا ، وعليكم ان تقرؤوا ما يجري حولكم لرؤوس قطفت ورؤوس أخرى حان قطافها ، وقد ارتدت هراواتها  عليها  عارا وشنارا  ولعنه.....

أيها الحكام استمعوا لصوت الشعب ولا تستمعوا لأصوات طائفة السوء وأصوات كراسيكم، فبدون كسب ثقة الشعب لا مال يدوم ولا حكم يقوم.