شبّيحة الإعلام السوري والكذب بدون حبال
بدر الدين حسن قربي /سوريا
[email protected]
يقال في المثل بأن حبال الكذب قصيرة،
وليس للكذب أرجل. بمعنى عدم قدرته على الصمود والإقناع أمام مصداقية الحقيقة، حتى
جاء شبيحة الإعلام السوري ليؤكدوا أن كذبهم ليس بحاجة إلى حبالٍ البتة فضلاً عن أن
ليس له أرجل، فهم قد أوتوا من علوم صناعته وفبركته مالم يؤت أحد مثلهم من الأنظمة
الساقطة بالرحيل كابن علي أو التنحي كمبارك أو التناحة كالقذافي، ويكفي أن له عندهم
مكنات تُصنّع، وطواحين تطحن، وشبّيحة تسوّق، وتلفزيونات تبث على مدار الساعة دون
ملل أو خجل، ويكفي أن يتكلموا ليصدقهم الناس، فكلامهم كما يقال ( طابو) تعبيراً عن
المصداقية.
مناسبة الحديث لقطة فيديو مرعبة مدتها
دقيقة وربع، انتشرت على مواقع اليوتوب، توضح ممارسات شبيحة النظام السوري ومستواهم
الأخلاقي وبذاءتهم وتوحشهم على مدنيين تظاهروا في البيضا في بانياس بتاريخ 12
نيسان/ابريل 2011 ، وتؤكد بأنه إذا كان القذافي قد أصدر حكمه على أحفاد المختار إما
أن أحكمكم أو أقتلكم، فإن النظام المقاوم والممانع أصدر مثله حكمه على السوريين من
خلال مافعله شّبيحته بأنه إما أن أحكمكم أو أدعسكم رؤوساً وظهوراً بالبساطير، وأدوس
وجوهكم بالأحذية وأمرّغ أنوفكم بالتراب. ردود
الفعل غير المتوقعة فيما يبدو على هذا اليوتوب لمعرفة أين تربى هؤلاء الوحوش ممن
ينتهكون إنسانية السوري وكرامته إلى هذه الدرجة من القباحة، ومَنْ الذي أعطاهم هذا
الحق بل من هو آمرهم، ولاسيما أن ممارستهم كانت طائفية بامتياز، مما يشعل فتنة لها
أول وليس لها آخر؟ ردود الفعل أحرجت دهاقنة الفبركة وشبيحة الإعلام، وهم من قومٍ
في الكذب لاتُكسر لهم قناة، ولايقبلون أن يُغلبوا بمسألة فيها دجل. فجاء
الرد الرسمي مع بداية عهد وزير الإعلام الإصلاحي الجديد على تلفزيون الدنيا عقب
ثلاثة أيام بما مفاده أن يوتوب الخزي والعار، إنما هو فبركه أعداء النظام المتآمرين
والمرتبطين والحاقدين، وماهو إلا مشاهد قديمة من مخلفات الاحتلال الأمريكي وفِعال
رجال البشمركة الكرد في شمال العراق بمواطنيهم (العرب طبعاً)، وختموا الرد بمخاطبة
المرتبطين والمأجورين وبسخرية أن حبل الكذب قصير، وعليهم أن يلعبوا غيرها. الرد
السريع والصاعق الذي ظهر في اليوم التالي بعدد من اليوتوب، أظهر صورة ساحة التعذيب
كاملة وفي وسط البيضا، مع شخص قدم نفسه واسمه واثباتاته بأنه كان مع من كان يهان
فيها في فيديو الوحشية والتوحش، وأن تلفزيون الدنيا كذّاب أفّاك في ردّه. إننا
نعتقد بأن رد تلفزيون الدنيا مع كذبه وبطلانه، كان رسالة إعلامية سورية رسمية
مزدوجة يريد أن يقنع الناس بكذب نسبة ماكان في اليوتوب إليهم، ويعزوه إلى أنه من
فعال الكرد بمواطنين عرب ومسلمين، ولهذا معنى لايخفى على أحد. وهي
رسالة تأخذنا إلى أن النظام السوري وإعلامه يدير معركة الحرية والكرامة السورية
بشكل طائفي حيناً وعرقي أحياناً وديني أحياناً أخرى، للترهيب والتخويف، ولكن الشعب
السوري برهن أنه بكل مكوناته تجاوز حاكمه، وأكّد رشده ووعيه بشعارات واضحة، بعيداً
عما يريد نظام العائلة أن يأخذه إليه، هي
أن الجميع سنة وعلوية ومسلمين ومسيحية، وكرد ودروز وآشورية، كله بدو حرية، وأن
الشعب يريد إسقاط النظام. ومبروك للوزير الإصلاحي الجديد على هذه الفضيحة التي
تستوجب استقالة، ولكنه مصر على نهج الإصلاح مع الفترة الجديدة.