أنا مواطن سوري مؤيد للثورة ومعها قلبا وقالبا

فما السبب؟

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

يعترض على الثورة البعض وآخرون صامتون , وبعضهم قلبه مع الثورة وسلاحه مع النظام , والبقية مثلي

هنا السؤال؟

من الفريق من بين هؤلاء الفرقاء معه الحق؟

وهل توجد وجهات نظر مختلفة حول الأمر ؟

في علم الإحصاء يتم الدراسة على عينة تؤخذ عشوائيا , هذه العينة تتم دراستها والنتائج المستحصل عليها تمثل متوسط الصفات للجماعة أو العشيرة والتي تمت  الدراسة عليها

لنجعل العينة التي جرت عليها الدراسة كعينة عشوائية تتمثل في شخصي كمواطن عام من الشعب السوري , وهنا أتحدث عن نفسي كعينة عشوائية أخذت من المجتمع السوري , والأجوبة عندي موجهة للنظام الحاكم في سورية ومؤيديه

سألني أحدهم مالذي تريده من الثورة ولماذا تؤيدها ؟

فقلت له باختصار أريد أن أشعر أنني إنسان حر ولست بعبد ولا ملك لأحد من البشر

فانظر هل ترى أننا كشعب سوري نعامل من قبل النظام أننا بشر ولنا حقوق في الحياة؟

فقال طبعا

قلت له سأعطيك الدليل على أننا لسنا بشرا بنظر النظام ويطبقه على الواقع منذ مايزيد عن الأربعين سنة

فقال هل توضح أكثر ؟

قلت نعم , قال أكمل

في سورية عندما يعي الشخص ماحوله أمامه خيارين لاثالث لهما

إما أن تخضع للعائلة الحاكمة ومهما عملت تجاهك من ظلم وسلب وقهر وحتى اغتصاب , وقد يقتل أبوك او أخوك أو أختك أو يتم اعتقالهم عشرات السنين وإن بحثت عن  أحدهم أوسألت عنه فمصيرك مثل مصيرهم , وعليك أن تستبدل عواطفك وأحاسيسك وتنقلها فقط للقائد والزعيم , فإن سرقك أحدهم فلا تغضب ولو اشتكيت ورفعت أمرك للقضاء فمصيرك الجب وغياباته

وإن أردت إظهار قدراتك العقلية والفكرية فلن تكون إلا تحية للقائد , وتعطى المهام والأماكن كلها ليست على أساس الكفاءة وإنما على أساس التقرير الأمني وموقفه من النظام

فلا يمكن أن تفكر وليس مسموح لك التفكير في مستقبل وطنك فالقائد هو الذي يفكر عن الجميع

أنت لاتملك شيء وكل شيء هو ملك الزعيم وزبانيته , فهم شركاء في كل شيء في التجارة والصناعة والإعلام وغيرها وأنت مجرد ساعي لهم كنظام وعبد منحط تعتبر من الطبقة الدنيا في المجتمع , والمجتمع لايوجد فيه غير طبقة الحاكم ومواليه وشلته والباقي تحت الأقدام

عندي أبي وأخي وجثة شقيقتي مفقودين منذ ثلاثين سنة لايمكن لأحد منا يستطيع أن يقدم ولو طلباً بسيطاً للكشف عن مصيرهم , والسبب نحن عندهم أقل من الحشرات وفقدان الحشرة ليس له معنى

قال أنت تبالغ

قلت مسموح للقائد الخيانة وبيع الأرض والتعامل مع العدو وفي نفس الوقت عليك أن تقول عنه البطل القائد الخالد المناضل

ألم يكن حافظ الأسد المسؤول المباشر عن تسليم الجولان للصهاينة بدون حرب واستلام سورية كقائد واعتبره الكثيرون منكم برضا او بدون رضا ربا لاينازع وبقي الحاكم الفعلي وما زال بعد موته بأحد عشرة سنة , وعدل الدستور وسلم ابنه رئيسا مخالفا للدستور وتنازل عن لواء اسكندرون إلى الأبد وتصفونه القائد الممانع الصامد والذي لم يترك واسطة إلا واستعملها للصلح مع الكيان الصهيوني ولكن الفريق الآخر رفض الصلح

فعندكم الحاكم هو الرب والأمن هم الشياطين ولهم الحق في الدخول لأي مكان وقتل من يريدون وهتك الأعراض وسجن وتعذيب الناس ولا يوجد من يحاسبهم فالأمن والنظام والعائلة والمقربون لايوجد أي قانون يحكمهم في سورية , فقط القانون يحكمني أنا وأمثالي

فلم يتركوا زاوية ولا ساحة ولا ركنا إلا وجعلوا فيها ثلاثة آلهة الأب والإبن والإبن , وأمروا الناس السجود لها ومن لايسجد يعدم

قلت له هل تريد أن اكمل ؟

قال لا , فأنت عميل لإسرائيل وقفل ذاهبا بكثير من اللعنات والسباب والشتائم

ثم أردف بعد ذلك قائلاً المهم لايوجد في سورية علماً إسرائيليا يرفرف فوق سفارتها

فقلت له ضاحكاً ساخرا بحسرة كبيرة ولكن علمها يرفرف فوق جبل الشيخ المطل على دمشق

فريق يطالب النظام بالإصلاح

فكل من يطلب الإصلاح إما من الفريق الذي ينتمي للنظام وهو لايشعر أو هو يتحايل على الآخرين , أو أنه  يحلم وهو يغط في نوم عميق

فالنظام كله فاسد , ولا يمكن أن يقدم أي إصلاح فالذي مضى على وجوده أربعين سنة هذه حالته قتل واغتصاب وإرهاب وسفك دماء وتشريد وتدمير مدن بكاملها وتدمير شعب بكامله

وإن أي إصلاح يود أن يقوم فيه ستنكشف عيوبه كلها , وهل يتوقع أحد ان يفضح نفسه بنفسه رضاءاً للآخرين؟

ويبقى ماذا أريد ؟

أريد أن أكون إنسان حر في وطني , من ظلمني القانون يحكم بيننا والعكس أيضا , الرئيس وأي مواطن يعيش على أرض الوطن متساوون أمام القانون ولا أحد فوقه

أريد نظاما سياسيا يحكمني للتجربة ولبعض سنوات فإن فشل في مهمته أغيره ليأتي آخر , أنتخبه لبرنامجه المقدم وفي المرحلة الثانية إن فشل في تطبيق البرنامج يحاسب على تقصيره ويحل غيره

أريد أن أعمل او أتوظف وأخدم نفسي ووطني حسب كفاءتي . وليس حسب تقييم رجل أمن قد لايفهم مامعنى رغبتي في العمل وما هو طبيعة العمل

أريد ان ترتاح نفسي من المراسيم الجمهورية ليحل محلها قوانين واقتراحات ناتجة عن مؤسسات بحثية تقيم أهمية العمل لتناقش في السلطة التشريعية وتقرر لتعرض بعدها على السلطة التنفيذية

أريد أن تتمثل سلطة الأمن في الحفاظ على أمن المواطن وتنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء , لاأن ينفذ القاضي حكم الأمن , فعندما أرى رجل أمن أشعر بالأمان لاعندما أراه أشعر أن حياتي صارت في بحور من الظلمات

أريد من الجيش أن يكون حامي الوطن من العدو الخارجي لاان يكون الجيش فقط لحماية النظام

كل هذه الأشياء وغيرها الكثير النظام الحالي يحرم المواطنين منها ويطبق استبداده على الجميع

ولا سبيل للإصلاح إلا باسقاطه وثورة شاملة تطيح بالقديم ليحل محلها مانريد كشعب حر وليس هو من مجتمع جاء من سوق النخاسة وكتبت عليه العبودية إلى يوم الدين.