سميرة المسالمة .. بداية الإصلاح تنفيذ الوعيد
سميرة المسالمة ..
بداية الإصلاح تنفيذ الوعيد
بلال داود
[email protected]
تفريغ المواطن من القيم الإنسانية و مشاعرها، واحدة من أفظع
جرائم نظام الأسد، لأنه يريد شعبا ممسوخا لا إنسانية فيه ولا حرية و لا كرامة،
فالحرية هي فطرة الإنسان في لحظة الولادة، من غيرها لا يكون المولود إنسانا ، بل
حيوانا يضاف إلى القطيع، يمضي به الراعي يوما إلى المرعى و يوما إلى الذبح، بعض
الحيوانات يسعد بالعمل في السيرك فيرقصون و يصفقون بإشارة من عصا المروض و في يده
الأخرى سوطه اللاسع...و لكن !!..
و لكن ..لا وجود للجريمة الكاملة، فالرفيقة سميرة المسالمة
رئيسة تحرير جريدة تشرين ، مسخ غير مكتمل من عبيد النظام، ما يزال فيها بقية
من إنسانية هيجت بداخلها بعض حزنٍ على أهلها في درعا ، وهم يقتلون لفعل أطفال ما
ماتت بعد فيهم فطرتهم التي ولدوا عليها، فرسموا بالطبشور صورة الحرية كما تخيلوها
على جدران المدرسة، أرادوا أن يصرخوا بصوت مكتوم في وجوه آبائهم و وجوهنا جميعا
صرخة هجاء لعبوديتنا فكتبوا : الشعب يريد إسقاط النظام .
الرفيقة سميرة لم تتحدث بما يزعج النظام ، و لم تخرج عن السياق
المحدد لها إلا في جملة منطقية بسيطة لا تقدم ولا تؤخر، عندما أنحت باللائمة على
أجهزة الأمن لأنها لم تتمكن من إيقاف المندسين القتلة، و مع ذلك لم تبت ليلتها تلك
رئيسة لتحرير جريدة تشرين ، ما أقسى هذا النظام على عبيده إن جنحوا بضع مليمترات عن
الطريق.
الخطيئة الجريمة للصحفية سميرة لم تكن في كلماتها، بل في قميص
أسود بلون الحزن ارتدته حدادا على شهداء أهلها و أبناء عمومتها، و أخطأت ثانية
بعبرات ذرفتها عين إنسان لم تستطع إخفاءها، فأمر هامان بخلعها من منصبها ، إنها من
قوم يتطهرون.
النظام كان واضحا في وعيده على لسان رئيسه يوم أعلن الحرب على
كل متطهر من عبوديته، و رفض وجود أنصاف عبيد في شعبه، فمن عاش على أرض مزرعته...
إما عبد كامل العبودية يُسمح له بالتسبيح بحمد مستعبده وله أكل و شرب و جنس و إما
عدو لا مكان له في العشيرة إلا تحت الأرض، تهديد و وعيد في منتهى الجدية و إن جاء
الأداء كوميديا في زمن مأساوي لبلد يحاول أهله تنشق نسمات ربيع الحرية.
تهديد و وعيد... فتنفيذ.. ليوقن باقي العبيد من خلف الرفيقة
أنهم إنما يعبدون نظاما سريع الحساب... شديد العقاب ، قد بدأ إصلاحاته
الفورية بإقصاء من توقف قلبه عن التسبيح بحمد القائد لحظة .
إطلاق الحريات العامة.. يبدأ بإطلاق الرصاص على عشاقها ...
فيُقتل مئات و يُعتقل آلاف في أيام معدودة.
إلغاء حالة الطوارئ...تبدأ باحتلال عسكري و مخابراتي لكل مفترق
طريق وكل دار عبادة و كل شارع .
قانون الأحزاب ..يبدأ باعتقال غياث عيون السود و جورج صبرا .
حرية الإعلام ...تبدأ باعتقال فايز سارة ، و إقصاء المسالمة من
منصبها.
الاستجابة لمطالب البوطي و العلماء...تبدأ باعتقال الدكتور عماد
الدين رشيد، نائب عميد كلية الشريعة في جامعة دمشق.
أول الغيث قطرة ، و بداية الرقص حنجلة ، و بداية ألف ميل خطوة ،
و بشائر الحرية إقصاء كلمة ... ماذا لو انهمر الغيث... و حمي الرقص... و قطعنا بضع
أميال ... و أسبغ النظام كامل أنعمه؟؟؟