رسائل "ثورة التحرير" إلى الإعلاميين
رسائل "ثورة التحرير" إلى الإعلاميين
بدر محمد بدر
ما هي رسائل "ثورة التحرير" العظيمة إلي الزملاء والزميلات الكرام، العاملين في مجال الصحافة والإعلام؟ وما هي الرؤية التي يجب علينا، بوصفنا حملة رسالة وأمانة، أن ننطلق منها لرسم ملامح الطريق لمصر المستقبل؟ حاولت أن أتأمل المشهد فخرجت بالرسائل التالية:
الرسالة الأولى هي وحدة الصف الوطني، والتلاحم الرائع بين أبناء مصر، الذي تجلى في كافة أنحاء البلاد, هذا المشهد الحضاري يستدعي من الإعلام الملتزم بالأمانة والمهنية, والمنتمي إلى روح هذه الثورة العظيمة, أن يعمق الشعور العام بضرورة الحرص على وحدة الصف واتحاد الكلمة, وبخاصة أننا الآن في مرحلة استكمال أهداف الثورة.
مهمة وسائل الإعلام أن تسعى إلى تعميق التوافق والتلاحم، والتحذير من التشرذم والتحزب والانقسام والصراع، وعلى سبيل المثال: لا يجب تضخيم حادثة فردية هنا أو هناك, أو التشهير برأي قيل من هذا أو ذاك, طالما أنه لا يشكل اتجاها سلبيًا عاما, فمصلحة مصر في الوقت الحالي ودائما تحتم علينا تعظيم المشترك الوطني، ورص الصفوف في مواجهة التحديات.
الرسالة الثانية هي أن جميع القوى والتيارات السياسية والفكرية شاركت في هذه الثورة, التي أكدت بلسان الحال والواقع أننا جميعًا مصريون ووطنيون ومحبون للحرية والعدالة، وبالتالي لا يجوز أن يتم إقصاء أي طرف من الأطراف، أو الحديث عن تخوين أو ازدراء أو تحقير أي مصري، مهما كان رأيه أو اجتهاده السياسي, حتى لا نساعد في شق الصف وإضعاف اللحمة الوطنية.
وأعتقد أن الإعلام المصري الحر, الذي يساهم في صناعة مصر المستقبل, يجب أن يتحرر من سيف الإقصاء والتخوين الذي مارسه النظام البائد، وألا يسارع بإلقاء الاتهامات دون روية أو بينة, وأن يتجنب الخوض في النوايا, وأن يتحلى بالرؤية الإيجابية الجامعة.
الرسالة الثالثة هي روح الإيجابية والحركة الذاتية التي دفعت بهذه الملايين من أبناء مصر المخلصين, للمشاركة في فعاليات هذه الثورة في جميع المحافظات، هذه الايجابية كانت أحد أهم ملامح "ثورة التحرير", التي ينبغي أن ننتبه إليها, وأن نعظم مردودها, وأن ندفع باتجاهها دائمًا, فالمواطن الإيجابي هو الضمانة الأساسية لاستمرار الثورة ضد الاستبداد والفساد, وضد الخوف والقهر والطغيان, والإعلام المنتمي لهذه الروح الثورية, ينبغي أن يدفع باستمرار باتجاه زيادة إيجابية الشعب ومحاربة السلبية وعدم المبالاة, من خلال رفع المعنويات وعدم الإنجرار وراء الإثارة والشائعات السلبية، مثل كثرة الحديث عن الثورة المضادة وفلول النظام السابق وغيرها من موضوعات تثير الإحباط واليأس لدى الناس.
الرسالة الرابعة هي أن الدين كان وسيظل أحد أهم المكونات الرئيسية للشخصية المصرية, المسلمة والمسيحية على السواء، وهذا التدين الوسطي الفطري، الذي يتميز به الشعب المصري، ينبغي استثماره بشكل إيجابي, والبعد عن استفزازه أو إثارته أو التخويف منه أو التعامل معه بروح الإقصاء أو الطائفية, فكلنا مواطنون مصريون متدينون, وعلى العاملين في مجال الإعلام أن يحترموا هذه السمة، وأن يوظفوها بصورة إيجابية، لخدمة الاجتهاد وإتقان العمل وإيقاظ الضمير ومراقبة الله سبحانه وتعالى، وصولا إلى تقدم الوطن وإزدهاره.
الرسالة الخامسة هي أن "ثورة التحرير" التي نجحت في إزاحة هذا الكابوس الفاسد والمستبد، تعيش الآن في مرحلة النهوض وإعادة البناء, وهذا البناء يحتاج إلى التكاتف والتلاحم والتوافق والقبول بالآخر والتدريب على السلوك الديمقراطي, ويحتاج كذلك إلى البعد عن التجريح والإثارة.
نحن بحاجة إلى إعلام وطني حر, يؤمن بديمقراطية الرأي وحق الاختلاف، ويدعو إلى الوحدة والإيجابية، ويحترم مكونات الشخصية المصرية, ويسعى إلى البناء والنهضة والتقدم والاستقرار.