على هامش مبادرة الجنرالات العسكريين والنخب الإسرائيلية

على هامش مبادرة

الجنرالات العسكريين والنخب الإسرائيلية

شاكر فريد حسن

[email protected]

بادرت مجموعة من الجنرالات العسكرية ولفيف من النخب والاكاديميين والمثقفين اليهود الديمقراطيين  الى طرح مبادرة جديدة، تهدف الى تحريك المفاوضات والتعجيل في انهاء الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية المحتلة واقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 1967 وتحقيق السلام بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي واجراء مصالحة تاريخية مع سوريا ولبنان.

ومن المبادرين والموقعين على هذه المبادرة الذين بلغ عددهم حوالي 50 شخصاً ، رئيس الاركان السابق الجنرال امنون شاحك ، ورئيس جهاز الشاباك سابقاً يعقوب بيري، وعامي ايلون، وداني يتوم ،وابن رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين ، وسواهم من الشخصيات المعروفة.

وتتوافق بنود هذه المبادرة مع مبادرة السلام العربية الصادرة في ختام القمة الرابعة عشرة ، التي انعقدت في بيروت عام 2002. وهي تأتي في اعقاب انسداد افق المفاوضات ، وفي ظل المتغيرات الدولية والاقليمية، وخضم الثورات العربية ورياح التغيير العاصفة التي هبت على الوطن العربي ، وما لها من تداعيات وانعكاسات وتأثيرات على استراتيجية اسرائيل ودورها في المنطقة ، وايضاً في ظل التصعيد الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية ،وتفاقم الأجواء العنصرية في المجتمع الاسرائيلي ، والهجمة الفاشية المسعورة على الديمقراطية ، وفي وقت تدق فيه المؤسسة الاسرائيلية طبول الحرب على غزة .

وفي حقيقة الأمر ان هذه المبادرة لا تحمل أفكاراً جديدة ، ولا تختلف عن سابقاتها من مبادرات، كانت طرحت في الماضي البعيد والقريب، من قبل اوساط  اكاديمية ونخب مثقفة وقوى يسارية وليبرالية محبة للسلام والتعايش المشترك ، الا انها تعبر وتكشف مدى القلق الشديد ، الذي يساور الانتلجنسيا الاسرائيلية والجنرالات العسكرية، جرّاء الجمود السياسي وتعثر العملية السلمية وتوقف المفاوضات السياسية بين الجانبين الاسرائلي والفلسطيني ، وعدم وجود آفاق جديدة للتحرك باتجاه السلام الحقيقي والمنشود ، المبني على الثقة والاحترام المتبادل والانسحاب من جميع المناطق التي احتلت عام 1967، وتفكيك المستوطنات ،والاعتراف بالحق الفلسطيني المشروع الذي نصت عليه قرارات الامم المتحدة والمواثيق الدولية.

والسؤال المطروح : هل هذه المبادرة هي صحوة ضمير لدى هؤلاء العسكريين والاكاديميين الاسرائيليين ، وتحمل في ثنايا وطيات سطورها نوايا صادقة وحقيقية؟ أم أنها مناورة واستباق لما ستقرره الامم المتحدة في ايلول القادم بالدعوة الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة ، وتفاد لهذا القرار ؟!.

اذا كانت نوايا وتوجهات هؤلاء العسكريين والنخب الاكاديمية الاسرائلية فعلاً صادقة ، فعليهم زلزلة الشارع اليهودي وتحريكه ، وتصعيد النضال والكفاح السياسي بغية الضغط على الحكومة الاسرائيلية الحالية لوقف التصعيد العسكري والاستيطان ، والجنوح لطريق السلام العادل ، سلام الشعوب بحق الشعوب .

وآن الأوان ان يعي الشعب اليهودي وقادته ،ان لا سلام دون الاعتراف بحق الشعب الآخر بالحياة والوجود والسيادة الوطنية والتحرر والاستقلال ، ولا يمكن لشعب يستعبد شعباً آخر ان يكون حراّ.