تركيا بين التأييد والتخاذل تجاه الثورة السورية
تركيا بين التأييد والتخاذل تجاه الثورة السورية
محمد فاروق الإمام
[email protected]
قبل خمسمائة عام تقريباً، وبالتحديد عام 1516م توجه أهل الشام
بنداءات استغاثة إلى السلطان العثماني سليم الأول يناشدونه أن يخلصهم من اضطهاد
المماليك وجورهم وظلمهم، وقد ذاقت الدولة العثمانية مرارة مواقف الدولة المملوكية
المؤيدة للدولة الصفوية في حروبها مع الدولة العثمانية، التي كانت تحول دون تقدمها
غرباً باتجاه أوروبا لفتحها، فاستجاب السلطان العثماني لاستغاثات أهل الشام بعد أن
دحر الصفويين وسحقهم في معركة (جالديران) الشهيرة.
لقد تجمع للسلطان العثماني سليم الأول عدة عوامل جعلته يسارع
إلى التقدم نحو الشام يمكن تلخيصها بالآتي:
1-مناشدات أهل الشام له بتخليصهم من قبضة المماليك وجورهم
وظلمهم.
2-مساعدة السلطان قنصوه الغوري المملوكي للصفويين أثناء قتالهم
مع العثمانيين.
3-تخاذل المماليك عن الدفاع عن مقدسات المسلمين ضد تهديدات
البرتغاليين ومحاولاتهم الخبيثة الشريرة نبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي معركة فاصلة عند مرج دابق، وقد انفصل أهل الشام عن حكامهم
المماليك وانضموا إلى جيوش السلطان العثماني سليم الأول، الذي هزم المماليك وقتل
كبيرهم قنصوه الغوري، لتصبح الشام ولاية عثمانية، وخرجت دمشق عن بكرة أبيها شيباً
وشباباً نساء وأطفالاً ترحب بقدوم السلطان سليم الأول وتنثر الورود والرياحين على
جنوده.
أهل الشام لم ينسوا المواقف المجيدة للدولة العثمانية قبل
خمسمائة سنة تقريباً وقد خلصوهم من جور المماليك وظلمهم، فاستقبلوا تحسن العلاقات
بين سورية وتركيا بعد عقود طويلة من النزاعات والأزمات بين الدولتين، واستبشروا
بقدوم حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في أنقرة عن طريق الديمقراطية وصناديق
الاقتراع النزيهة، وتفاءلوا خيراً بهذا التقارب الذي قام سريعاً بين دمشق وأنقرة في
كل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، آملين أن يتأثر النظام السوري
الشمولي بديمقراطية الجار المحب الرؤوم، وتحذو دمشق حذو أنقرة وتعكس هذا التقارب
على المجتمع السوري الذي عاش لنحو نصف قرن في قفص عبودية قانون الطوارئ والأحكام
العرفية، وتغوّل أجهزة الأمن وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية
والقضائية، وتفشي الفساد والمحسوبية، وتقريب الانتهازيين والمطبلين والمزمرين
والموالين وأنصاف المتعلمين ووضع كل مقدرات البلاد بأيديهم، وإبعاد أصحاب الأكف
البيضاء والكفاءات ورموز الوطن وشرفائه عن مؤسسات الدولة ومرافقها، أو تغييبهم في
السجون والمعتقلات، أو نفيهم وتهجيرهم إلى خارج الوطن.
أقول لقد تفاءلنا بهذا التقارب بين دمشق وأنقرة التي زادت وتيرة
وارتفاعاً وتمتيناً بعد تسلم بشار الأسد الرئاسة بعد أبيه، واطمأن الشارع السوري
لخطاب الأسد الابن عند تبوئه المنصب وظننا أننا ولجنا عالماً جديداً وأن أبواب
الحرية قد فتحت وطبولها قد دقت، ولكن سرعان ما تكشفت الحقيقة وبان المرج بعد ذوبان
الثلج، وإذ نحن قد ضاقت علينا الحياة في أبسط مستلزماتها، نرزح بين مطرقة الفقر و
الفساد وتضييق سبل العيش، وتطاول صفوف العاطلين عن العمل أمام سفارات الغرب والشرق
بحثاً عن باب يولج لانتزاع لقمة العيش، التي تكفل لهم ولأطفالهم البقاء، في مقابل
قلة تمسك بثروات البلاد الهائلة وتبددها أو تسربها لتتنعم بها خارج الوطن، تنهب
وتسرق دون رادع من ضمير أو خشية من عقاب، وسندان سوط الجلاد وعصاه الأمنية الغليظة
التي تلهب ظهورنا وتكمم أفواهنا وتحصي علينا همساتنا ونجوانا وتسوقنا إلى أقبية
التحقيق المظلمة والمحاكم العسكرية والاستثنائية وتودعنا السجون والمعتقلات، وتتدخل
بكل مفردات حياتنا من المهد إلى اللحد دون أن نجد في الأفق بريق أمل في التصحيح أو
التغير أو الإنصاف، وقد اتخذ السلطان المملوكي المستنسخ قراره بأننا شعب غير مؤهل
للحرية أو الديمقراطية ولابد من مرور عقود قبل أن ينظر في الأمر!!
وجاءت بارقة الأمل من تونس الخضراء وقاهرة العز بن عبد السلام
تبدد ظلمة الليل الطويل في تونس ومصر وتشرق شمس الحرية التي انتزعتها سواعد الشباب
بسرعة ألهبت المشاعر وبثت الحيوية في أجساد شباب سورية وأذهانهم وقد تغير وجه تونس
ووجه القاهرة من كآبة وحزن إلى استبشار وفرحة، وأن عليهم تنكب نفس الطريق إذا
أرادوا الحرية والكرامة والانعتاق من العبودية والذل والهوان، وانطلقت الثورة في
سورية سريعاً لتلحق ركب الحرية من مكمن أمان النظام وطمأنينته، انطلقت من مدينة
درعا الباسلة التي ظن الأسد الصغير أنها آخر مدينة يمكن أن تثور عليه وتتمرد على
حكمه، فمنها نائبه فاروق الشرع، ونائب وزير خارجيته فيصل المقداد ورئيس وزراء أبيه
السابق محمود الزعبي والعشرات من قيادات حزب البعث الشمولي الذي يحكم سورية منذ نصف
قرن، ومئات الضباط في صفوف أمنه وجيشه، وكل هؤلاء لم يمنعوا أجهزة الأمن من قتل
واعتقال المئات من شباب وفتيان المدينة الذين خرجوا مطالبين بالحرية والتغيير،
وحناجرهم تصدح بشعارات حضارية بعيدة عن كل معاني الطائفية والثأر ونفث الأحقاد،
وتلخصت بأماني ومطالب الشعب (سلمية، سلمية، لا لا للطائفية، لا فساد ولا استبداد،
يابوطي ويا حسون الشعب السوري
ما بخون، يا بثينة يا شعبان شعب درعا مش جوعان، فزعة فزعة يا
حوران للقدس والجولان،
اعتصام اعتصام حتى إصلاح النظام، قاتل شعبه خاين شعبه، واحد
اثنين واحد اثنين وينك
يا سورية وين).. وقسمهم: (أقسم بالله العظيم أن لا أرتشي ولا
أصافح مرتشيا ولا أسكت عن رشوة)، (لن ننسى دم
الشهداء ولن نتوقف قبل محاسبة القتلة)، (يا شهيد الحرية
اسمك أكبر غنية)، (لا سنية
ولا علوية، وحدة وحدة وطنية). ولتنتقل شرارة هذه الثورة إلى
معظم المدن السورية وفي مقدمتها العاصمة دمشق، هذه الثورة التي أفقدت النظام توازنه
وهيبته وكسرت حاجز الخوف منه، واضطراب رجال الحكم وردات فعلهم العنيفة تارة
والمستجدية تارة أخرى.
في هذه الأجواء المضطربة الضبابية غير الواضحة الرؤيا عند
النظام راح يستبق الأحداث ويوجه لهذه الثورة السلمية أشنع النعوت والتوصيف
والاتهامات، بدل من أن يُعمل العقل ويتفاعل مع مطالب الشباب ويتخذ الخطوات الصحيحة
والسريعة التي ترضي تطلعاتهم وتطلعات الجماهير السورية، راح يتخبط باتخاذ الخطوات
المنقوصة أو الانفعالية ويدلي بتصريحات ووعود مخملية جوفاء لا قيمة لها ولا وجود
لها على أرض الواقع، في ظل إعلام خشبي مستنسخ يعيد ما كان يقوم به في ثمانينات
القرن الماضي ويكرر نفس الاسطوانة المشروخة (سورية تتعرض لمؤامرة دولية وإقليمية)..
(سورية تتعرض لفتنة طائفية).. (الأصولية الإسلامية والقاعدة يريدون الوصول إلى
الحكم).. (العصابات والمندسون والمقنعون المسلحون يريدون تدمير البلد وإشاعة
الفوضى).. ويسوق كل هذه الدعاوي الباطلة، والشعب السوري يعيش وسط إعلام عربي وعالمي
متطور ويشاهد على قنواته التي ترصد وتحاكي الأحداث بالصورة والصوت على مدار
الساعة!!
الجماهير السورية المطالبة بالحرية والكرامة كانت تنتظر من
تركيا موقفاً صلباً تجاه النظام بحكم العلاقة المميزة بينها وبينه لممارسة الضغوط
عليه ليتجاوب مع طلبات هذه الجماهير المحقة والعادلة دون إبطاء أو تردد أو سين أو
سوف فالوقت لا يحتمل مثل هذه المواقف المتخاذلة والمترددة، وقد تلقت الجواب قاسياً
من رأس النظام في خطابه أمام مجلس التهريج أنه لن يصيخ السمع لمن نصحوه بالإسراع في
تنفيذ الإصلاحات لأنه يرفض الإملاءات من أي طرف جاءت وأنه يرفض التسريع وقد اتخذ
قراراً بالقيام بهذه الإصلاحات عام 2005 وأمر الجهات المسؤولة بدراستها ولن يكرر
نفس القرار ثانية، ويقصد بكلامه السيد رجب طيب أردوغان الذي هاتفه ثلاث مرات يدعوه
إلى الإسراع في تنفيذ الإصلاحات دون أن يعطيها أية اهمية.
ولم نلحظ أي ردة فعل عند السيد رجب طيب أردوغان، وعلى العكس
جاءت تصريحاته وتصريحات المسؤولين الأتراك مخيبة للآمال.
ففي بيان تركي، صدر عقب المؤتمر الصحفي الذي عقده الأستاذ رياض
شقفة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السورية في اسطنبول، نأت تركيا بنفسها
عن تصريحات الشقفة، تدعم فيه بشكل (كامل وقوي) خطوات الأسد الإصلاحية ضمن ما عرف
ب(سين.. وسوف.. وتشكيل لجان). وجاء في البيان إن أنقرة (لن تقبل أي سلوك أو تصرف
يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سوريا أو يلحق الأذى بإرادة الإصلاح في هذا البلد
الصديق).
وجاء في البيان أيضاً (إننا في تركيا نؤمن إيماناً راسخاً بمدى
الاهتمام الذي توليه الدولة والقيادة في سوريا لتلبية مطالب الشعب، كما تعرب أنقرة
عن دعمها الكامل والقوي لما قدمه الرئيس الأسد في ما يخص الإصلاحات السياسية
والاجتماعية والاقتصادية، وثقتها التامة بأن القيادة السورية تقوم بدور ريادي في
هذا المجال... ولا يمكن لتركيا في ظل هذه المرحلة الدقيقة والحساسة أن ترضى أو تقبل
إطلاقاً بأي سلوك أو تصرف يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سورية، أو يلحق الأذى بإرادة
الإصلاح في هذا البلد الصديق والشقيق).
وصفقت دمشق فرحاً ورقصت طرباً
للبيان التركي، وسارعت على لسان مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان إلى الترحيب
بالبيان التركي. وقالت، في حوار مع قناة (التركية) الناطقة بالعربية، (إن
الأسد شخصياً عبر عن ترحيبه ببيان وزارة الخارجية التركية).
كنا نتمنى على السيد رجب طيب أردوغان أن يقف نفس الموقف الشجاع
الذي وقفه في مؤتمر دافوس عام 2009 عندما نعت الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بالكذب
والإرهاب وقتل أطفال ونساء وشيوخ غزة وحصارهم وتجويعهم وانسحب من ذلك المؤتمر
رافضاً العودة إليه ثانية، واستقبلته الجماهير في تركيا والعالم العربي والإسلامي
استقبال الأبطال.
أقول كنا نتمنى على السيد رجب طيب أردوغان أن يقف نفس الموقف
الشجاع تجاه ما يقوم به بشار الأسد وأجهزة أمنه من قتل وترهيب واعتقال لمجموعة من
الشباب السوري التي انتفضت سلمياً تنادي بالحرية والكرامة بعد خمسين سنة من مصادرة
الحرية والقمع والإذلال بدلاً من تشجيعه على التمادي والسلوك القمعي ضد جماهير
الشعب السوري وانتهاك حرمات بيوت الله، هذه الجماهير التي صفقت له يوم دافوس ويوم
أسطول الحرية واستبشرت بقدومه على رأس الحكم في تركيا بعد عقود من القطيعة
والأزمات.. مستذكرين مواقف تركيا الجارة الشقيقة التي كان لها شرف تخليص سورية من
براثن الظلم والجبروت والفساد المملوكي قبل خمسمائة عام.
كنا نتمنى أن تكون خلفاً لذلك السلطان العظيم مجسداً فعله بموقف
شجاع لا تثنيه عن وقوفه مصالح اقتصادية أو علاقات شخصية أو منافع متبادلة، فالدماء
التي سالت بفعل الأيادي المجرمة التي استباحتها والأرواح التي أزهقتها في درعا وحمص
ودوما واللاذقية وبانياس والصنمين والمعضمية وإنخل وغيرها من المدن السورية والتي
تجاوزت المئتي شهيد والألف جريح خلال أسبوعين فقط، بأوامر من السيد الرئيس بشار
الأسد هي نفسها التي دربت ومولت وسلّحت الإرهابيين لقتل الإخوة الأشقاء في تركيا،
وهي التي كانت تعمل على تخريب الاقتصاد التركي بفتحها الحدود لتهريب الأطنان من
المواد المختلفة يومياً بعيداً عن عين الرقيب الجمركي التركي.
لقد أثلجت صدورنا مواقفك في بداية الانتفاضة ومواقف وزير
خارجيتك وقد تحدثت إلى الصحفيين عند عودتك من لندن إلى اسطنبول قائلاً: سأتحدث إلى
الأسد مجدداً، لأعرف (ما هي ردود الفعل على تصريحات الأسد، وما هي توقعات الشعب)،
موضحاً أنه، إضافة إلى تغيير الحكومة، (كانت توجد توقعات بإلغاء حالة الطوارئ
وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإعداد دستور جديد. وإذا لم تحدث هذه الخطوات فسوف
أتصل بالأسد).
وكانت لوزير خارجيتك أحمد داود أوغلو مواقف شجاعة عندما رفض
نظرية المؤامرة التي تحدث عنها الأسد. وقال إنه (ليس من دليل على أن ما تعيشه الدول
العربية هو نتيجة تدخلات خارجية). وأضاف (إذا آمنا بأن هذه الأحداث تدار من جانب
طرف خارجي فهذا يعني أن المجتمعات والإنسـان العربي لا تتحرك بهدف التغيير. في حين
أن الشبان العرب برجالهم ونسائهم يريدون حياة أكثر كرامة، وحريات أكبر ومشاركة أوسع
في الحياة السياسية. وقناعتي أن مطلب التغيير هذا صادق).
كنا نتمنى أن يكون موقفكم من انتفاضة الشباب السوري عند هذا
الحد الذي كان من الممكن أن يجعل الرئيس السوري أقل تصلباً وأكثر تجاوباً مع مطالب
الشباب، لا أن تذهبوا بعيداً بإعرابكم عن إيمانكم العميق بالخطوات الإصلاحية التي
أقدم عليها الرئيس والتي لم تتجاوز (سين.. وسف.. وتشكيل اللجان)، ورفضكم لكل ما من
شأنه زعزعة النظام في سورية.
سيدي الرئيس لقد عشتم وعاش الشعب التركي لسنين طويلة في ظل
الجزمة العسكرية والديكتاتورية المقيتة، وناضلتم لسنين طويلة قدمتم خلالها آلاف
الضحايا وكثيراً من انهار الدم لتزيلوا هذا الكابوس عن صدركم، ونجحتم أخيراً وكنتم
براعم الحرية والديمقراطية التي تفتحت في تركيا وانتقلتم بالشعب التركي إلى معارج
المدنية والتقدم والرفاهية في سنوات قليلة، وأثرتم إعجاب العالم وخاصة الشعوب التي
ترزح كحالنا تحت نير الديكتاتورية والاستبداد والقهر والإذلال والعبودية والنفي
والتجويع والتخلف والإفساد والتجهيل والقمع والسجون والمعتقلات والبطالة والتهجير
والإقصاء، حتى إذا ما فكرنا بالانتفاض والثورة على جلادينا منتظرين المدد والتأييد
والدعم منكم، لنراكم تقفون – بكل أسف – إلى جانب جلادينا وناهبي ثرواتنا وسارقو
جيوبنا وعرقنا وجهدنا ومفسدي مجتمعنا، المتطاولين على بيوت الله والمنازعين الله في
عبوديته كما تقول أدبياتهم وثقافتهم: (آمنت بالبعث رباً لا شريك له.. وبالعروبة
ديناً ما له من ثاني).
سيدي كنا نتمنى أن يكون موقفكم بعيداً عن الازدواجية كما فعلت
إيران عندما وقفت إلى جانب الثورة في تونس ومصر وتنكرت لهذه الثورة عندما انطلقت في
ليبيا وسورية لغاية في نفس يعقوب!!
أخيراً أتمنى على السيد رجب طيب أردوغان، الذي لا يزال يحتل
مساحة واسعة في قلوبنا ويحظى بالتقدير والاحترام عندنا، أن تكون مواقفه الأخيرة من
الثورة في سورية كبوة فارس لا يلبس أن ينهض ويقف كما عرفناه منتصب القامة صداح
بالحق يقول غير هياب لحكام دمشق (أنه آن أوان التغيير وإلا فمصيركم.. الرحيل..
الرحيل).