فهمك الشعب.. وتناغم مع الوطن

طارق أبو جابر

فهمك الشعب تماما أيها الرئيس ، وفهم أنك تريد من شعب سوريا أن يتنازل لك عن وطنه تماما ، وأن يبصم لك بأن سوريا (الأسد) ، لك ولأبنائك من بعدك ..إلى الأبد! وأن يتنازل الشعب عن فكره وعقله وكرامته وحريته وحتى دينه وعقيدته ؛ فلا فكر إلا فكرك ، ولا عقل إلا عقلك ، ولا كرامة أو حرية ، إلا ما تسمح به وتتفضل ، والدين مسخر لطاعتك ، والإيمان والعقيدة بك وحدك .. وباختصار: أنت تنصب نفسك ربا معبودا على طريقة فرعون الغابر ، وفراعنة هذا العصر ؛ لا يرى الشعب إلا ما ترى ، ولا يسمع إلا ما تتكلم ، ولا يتكلم إلا بما يرضيك ، ولا يعبد سواك ..أنت قدر الشعب ، وأنت نعمة الرب ، وأنت محور الكون ، وأنت الملهم والخالد ، والأول والآخر .. وأنت على الشعب قدير.. فمن كان كذلك ، فإنه يتناغم معك ، ويحظى بحنانك إن كان محظوظا ، ما لم يكن قد سبق عليه قولك وقول آبائك ، وطرد من رحمتك إلى الأبد ..

أليس الشعب قد فهمك ؟ أليس العالم قد فهمك ؟ وزال وهم كل متوهم ، وشك كل شاك ، عندما خرجت بطرا متجبرا منتفشا ، تهدد كل من لا يستجيب لإرادتك ، وتذكّر بسيرة من خلّفك ، وتؤكد بأنك ماض على النهج الذي أوصلك إلى الحكم ، نهج البطش والقمع والاستبداد .. وكأن الناس قد نسوا ، أو خدعوا بك .. ومن ينسى ؟ ومن يخدع ؟ ولكنك أنت الذي نسيت أو خدعت أو تجاهلت .. أن هذا الشعب الحر الكريم الأبي ، لن يتناغم إلا مع الوطن ، وسيزيده التحدي إصرارا ، ويزيده الصلف ترفعا ، ويزيده البطش استبسالا .. وأن هذا الشعب يصبر ، ولكن لصبره حدود ، و يتسامح ، ولكن حيث ينفع التسامح ، ويخلف عزا لا ذلا ، و يثور ويقتحم عندما تغلق أمامه الأبواب ، وتسد النوافذ ، و يضحي بلا خوف ولا وجل ، عندما يحين وقت التضحية والفداء ، و سترى أي شعب هو هذا الشعب ، وأي شباب هم هؤلاء الشباب ، وأي بذل سيبذلون ، وأي تضحية سيضحون .. وأي وطن سيشيدون ويبنون .. وسترى هؤلاء الذين يصفقون لبغيك وبطشك وصلفك ..كم هم تافهون ! سترى وستعلم ، لكن حين لا ينفع العلم ولا الندم ولا الرجاء!

لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا         جنوده ضاق عنها السهل والجبل