حافظ الأسد ليس علوياً

رويدك أيها القارئ الكريم ، انتظرني قليلاً ، لاتستغرب ، لو أنك تمعن النظر في الأحداث لما استغربت ، وسوف أقدم لك حججاً بينة واضحة كالشمس ، وأعذرك أن تستغرب هذا العنوان لأنه مثير فعلاً ، وخلاف المعهود ، وما انتشر بين الغثاء ، الذين وصفهم رسول الله r  بوصف ( غثاء كغثاء السيل ) ، والأهم من ذلك كله أنه حقيقة تاريخية يجب إثباتها .

وعندما يتضح أن حافظ الأسد رفس الطائفة العلوية أكبر سلّم استخدمه للصعود إلى عرشه الشخصي ، وإلى تحقيق ماكلفه به أسياده الذين زرعو ا جده بين الطائفة العلوية ، ثم مكنوا لوالده علي بعد أن علموه ( أين ومتى !!!؟؟؟ ) المهم يؤكد باترك سيل أنه كان متعلماً ، وتصله مجلة بالبريد إلى القرداحة  ، مع أن أول مدرسة افتتحت في القرداحة كان عمر حافظ ثماني سنوات ، فأين درس والده !!؟؟؟ وفي بيته خارطة يشرح للناس عليها مجرى الحرب العالمية الثانية ، ثم تولوا حافظ مذ دخل الثانوية فساعدوه حتى صار رئيس الاتحاد الوطني لطلبة سوريا ، ثم تابعوا معه حتى صار ملكاً لسوريا ، نفذ لهم كل ما أرادوه من ضرب الحركة الاسلامية في بلاد الشام ، وممارسة الطائفية حتى صارت واضحة كوضوح الشمس ، وقتل عشرات الألوف من الفلسطينين ، والوقوف مع الفرس ضد العراقيين ، ثم الوقوف مع أمريكا ضد العراقيين .....ولايفوتنا ضربه وتمزيقه لحزب البعث وإخراجه من دائرة السعي من أجل الوحدة والحرية إلى أنه جعله عصابات من المافيا العالمية .....إلخ . كل ذلك لمصلحة أسياده الذين زرعوا جده بين العلويين ، ثم مكنوا له حتى نفذ لهم ما أرادوا ...

ومازال بعض العلويين يدافعون عنه وعن أولاده من بعده ، دون أن ينتبهوا إلى مافعله حافظ الأسد  للطائفة العلوية ، وماجره عليها من ويلات قد لاتنتهي لعدة أجيال .  وصعد على جماجم الطائفة العلوية حتى (طوّب ) سوريا عند كاتب السجل العقاري ملكاً شخصياً له، يرثها أولاده من بعده كأي عقارات غيرها ، ثم رفس الطائفة العلوية كما رفس حزب البعث وغيرهم . عندما يتضح ذلك نعرف أن الطائفة العلوية مظلومة إذا حملناها أوزارحافظ الأسد التي تئن الجبال من حملها ، ويعرف العلويون أيضاً حقيقة أمرهم فيقفون كتلة واحدة مع المعارضة السورية ، مع الشعب ضد النظام الفردي الأسدي .

حافظ الأسد سخر الطائفة العلوية ليصل إلى ملكه الشخصي :

للذكرى نقول يتضح من كتاب باترك سيل أن جد حافظ الأسد ، والذي يسمى سليمان ، جاء وافداً إلى القرداحة ، وحصل على لقب وحش من حلبة المصارعة ، حيث كان يأتي إلى المنطقة مصارع تركي ، قوي البنية يصرع الرجال ، وكانوا يقيمون حلبات مصارعة في الريف بسبب البطالة , وقد شهدت بعضها وأنا دون العاشرة ، وذات يوم جاء هذا المصارع يتحدى الرجال  فخرج له سليمان ، وكان قوي البنية جداً ، فهجم على المصارع ، وحمله ثم ضرب به الأرض ، فصاح الجمهور ( وحش ...هذا وحش ) وصار اسمه سليمان الوحش ، ولنقف  عند السؤال التالي : لماذا لانعرف اسم والد سليمان !!؟؟ والجواب عندي ، وهو أن الوافد على المنطقة ( الريف ) يومذاك يعمل ( أجيراً ) لدى إنياء أغأغنياء القرية ، ويمكث عدة سنوات ولا أحد يعرف اسم والده ، يعرفون اسمه الشخصي فقط ، وقد عشت هذه الخبرة عدة مرات . لأن أهل القرية لايهمهم معرفة اسم أبيه ، ولايفكرون في تزويجه  .

وقد أكدت لي الدكتورة سلمى بنت عبد الرحمن الخير ( من شيوخ الطائفة العلوية ومن سكان القرداحة أن بيت الأسد ( الوحش سابقاً ) ليسوا من أهل القرداحة ، وكانوا فقراء يتصدق عليهم أهل القرية لأنه لاتوجد  لهم أملاك ، وسماهم أهل القرية بيت ( الحسنة ) أي الصدقة ، وتقول سكنوا خارج القرية ، عند مدخلها ....

إذن سليمان جد حافظ ليس من أهل القرداحة ، وينسب باترك سيل أسرة الأسد إلى عشيرة الكلبية([i])،  بينما ينسبه فان دام إلى المتاورة ([ii]). وهذا التناقض له معنى ، وهو أن انتساب سليمان إلى الطائفة العلوية مشكوك فيه أصلاً ، بل المؤكد أن سليمان هذا وافد إلى المنطقة ، وليس من الطائفة العلوية ، وإلا ما وقع الخلاف في انتسابه إلى المتاورة أو الكلبية . والذي أراه مؤكداً أن سليمان ( الذي لانعرف لقبه سوى الوحش الذي حصل عليه من حلبة المصارعة ([iii]) ) جاء إلى القرداحة ، و هو لاينتمي إلى الطائفة العلوية أصلاً .... لكن أعداء الأمة العربية والإسلامية زرعوه بين الطائفة العلوية ، مستفيدين من دراسات ابن خلدون بأن هذه الطائفة سيكون لها شأن ، ومن تصريحات ساطع الحصري ( أظن ) أن سوريا لايحكمها إلا أبناء ( الجبل ) أو أبناء البادية ، معتمداً على نظرية ( العصبية ) التي طرحها ابن خلدون ...

ولايعني أنني ألمح إلى أنه يهودي ، أبداً لا ، ويغلب ظني أنه ( تركي الأصل ) أو ( كردي ) أو تركماني )  أو ( فارسي ) المهم ليس عربياً ، ولامسلماً ، وقد فعل بنا معشر العرب أكثر ممافعله الصهاينة ....لذلك لا أرى أنه يهودي ، لأن اليهود أقل منه حقداً على الاسلام والمسلمين ....

  ولابد من التذكير بأن حافظ الأسد هو العنصر المحرك في الخفاء ، الذي شكل اللجنة العسكرية ، ويحركها بحذر من وراء ستار ، وبقيت اللجنة العسكرية تحقق له مخططه وأهدافه ، ولما وصل قضى على رفاقه ( العلويين وغيرهم ) أعضاء اللجنة العسكرية واحداً بعد الآخر  . وهذا الأسلوب ( التحريك في الخفاء ، وعدم الظهور على الساحة ) يؤكد لنا أن حافظ الأسد جاء وافداً إلى المنطقة .

 يقول (فان دام ) ص ( 71) :

( ورغم أن جديد والأسد شأنهما شأن عمران ، قد اعتمدا بصورة واسعة على أنصارهما الشخصيين من العسكريين العلويين للاحتفاظ بمراكز سلطتهما ، ومن المحتمل أنهما استفادا من الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية لتقوية مراكزهما ) . ( وقد صرح عمران : أن الفاطمية يجب أن تأخذ دورها ) . ( وفي ص 75 ) يقول فان دام  : ( وفي النصف الثاني من عام (1965) غدت المواجهة بين أبرزالمنافسين العسكريين واضحة خلال الاجتماعات الحزبية والعسكرية ، وكان محمد أمين الحافظ يتطرق باستمرار لموضوع الطائفية ويتهم جديد ، ببناء كتلته (العلوية ) داخل الجيش ) . أقول وكان حافظ الأسد يغذي هذا الصراع بين جديد وأمين الحافظ ليستثمره فيما بعد .

                

[i]   باترك سيل ، الصراع على الشرق الأوسط ، ( ص 022) . وينتمي العلويون إلى أربع قبائل رئيسية هي اتحاد الحدادين ، واتحاد الخياطين ، والمتاورة  ، والكلبية .

[ii]  فان دام ، الصراع على السلطة في سوريا ،  ص 59 ، يقول في الهامش : وينتمي حافظ الأسد لشق النميلاتية من المتاورة ، بينما ينتمي جديد إلى الحدادين .

[iii]  يذكر باترك سيل في أول صفحة من كتابه أن مصارعاً تركياً يأتي إلى القرداحة ويتحدى الجميع ، وكلما تقدم إليه أحد الرجال صرعه ، وفجأة خرج له رجل طويل القامة وعريض المنكبين يسمى سليمان ، هجم على المصارع التركي ، وحمله في الهواء عالياً ثم رماه على الأرض ، فهتف الحاضرون وصاحوا : هذا وحش ، ومن يومها صار اسمه : سليمان الوحش .