هل يريد بشار الأسد لسورية ربيع ندي أم صيف حار

محمد فاروق الإمام

هل يريد بشار الأسد

لسورية ربيع ندي أم صيف حار؟!

محمد فاروق الإمام

[email protected]

درعا الشام هي توأم سيدي بوزيد التونسية، فكما كان لسيدي بوزيد شرف تفجير الثورة التونسية فهذه درعا تفجر الثورة السورية وتستنهض بدماء أبنائها شباب سورية الأشاوس الذين سيواصلون الثورة حتى تبديل وجه سورية القاتم إلى وجه مشرق يعيد تجديد سفر تاريخ دمشق الفيحاء وأمجادها بعد هذا الليل الطويل الذي لف سورية بقتامة الظلم والقمع والفساد والجهل والتخلف، الذي ألبسها إياه حزب البعث الشمولي الذي جثم على صدر سورية لنحو نصف قرن وهو يعمل معول التمزيق في جسد الوطن والمجتمع.

درعا الباسلة التي وقفت بكبرياء وعنفوان في وجه السلطة البعثية الباغية كاسرة حاجز الخوف الذي أشاعته قوى الأمن البعثية وأرهبت من خلال عصاها الأمنية الغليظة السوريين على مدى 48 سنة عجاف، ذاق فيها السوريون الحنظل وتجرعوا المرارة وتعرضوا للذبح والتنكيل والسجون والمعتقلات والإقصاء والنفي والتهميش والإفقار والتجويع.. درعا اليوم تقود ثورة الشباب وتقدم على مذبح الحرية فلذات أكبادها، وهذا ليس جديداً على أبناء حوران وهم الذين دوخوا الجيوش الفرنسية والحقوا بهم وبآلتهم الحربية الغاشمة الويلات عندما كانت سورية ترزح تحت نير الانتداب الفرنسي.

يوم السبت الماضي شيعت درعا أربعة من أبنائها سقطوا برصاص الغدر والجبن البعثية، واليوم الاثنين ستشيع شهيدها الخامس رائد الكرد الذي سقط وهو يواجه مع إخوانه في مظاهرة سلمية خفافيش السلطة وجرذانها الذين تعودوا على مصادرة الحرية وكتم الأنفاس وليّ عنق الرأي الآخر، دون أن تسمع آذانهم كلمة تأفف أو تبرم.

اليوم ستشهد سورية بكل مدنها وبلداتها وقراها ريفاً وحضراً وبادية غضبة مضرية ستزلزل الأرض من تحت أقدام البغاة وأعداء الحرية الذين استمرؤوا استعباد السوريين وداسوا كرامتهم وأذلوا كبرياءهم وأفسدوا مجتمعهم وزرعوا الأحقاد بين نسيجهم الوطني وتنوعهم العرقي والديني والمذهبي، وقيضوا مجتمع التعايش السلمي الفريد الذي يربط فسيفساء الوطن والذي كان يقوم على الحب والوئام والود والاحترام وتبادل المصالح والإيثار، فلم تعرف سورية قبل تسلق البعث جدران السلطة في دمشق في 8 آذار 1963 العصبية أو المذهبية أو الدينية أو الطائفية أو العرقية، ولم تفلح فرنسا في زرع هذه العصبيات رغم ما سخرت لذلك من أسلحة وجيوش وعملاء، وانتزع الشعب السوري حريته واستقلاله وعاش سني الاستقلال بحلوها ومرها دون أن يكون هناك في سورية من يفكر للحظة واحدة بالعرقية أو الدينية أو الطائفية أو المذهبية، حتى جاءنا حزب البعث المشحون بالكره والعصبية والعرقية والطائفية والمذهبية، ووزع الوطنية على الناس من هذا المنطلق، فذاك رجعي وهذا تقدمي، وذاك عميل مأجور وهذا وطني مقرب، وذاك إرهابي وهذا متعاون.. وكانت قائمة النعوت التي تبناها البعث ووزع الناس على أساسها هي وسيلة حكمه الديكتاتوري الشمولي على مدار 48 سنة، والآن وقف الشعب ليعلي صوته.. كفى.. كفى.. لا خوف اليوم.. الله.. سورية.. حرية وبس، فهل يفهم النظام في دمشق ما تعني هذه الكلمات وما عليه فعله لتجنيب البلاد والعباد ما وقع فيه غيرنا ويقدمون بشجاعة – وأنا أشك في ذلك – على المبادرة بتقديم الحلول الناجعة والسريعة والاستجابة لمطالب الشعب دون إبطاء، وهل سيفعلها بشار ليجعل ربيع دمشق ندي، أم سيركب رأسه ويدفع بالشعب، الذي لن يبخل بالتضحيات ويقدر ثمن الحرية، إلى صيف حار سيكون هو ونظامه أول من يكتوي بوقود ناره؟!