يا رفيق ! متى تفيق

أبو الفرج الناعوري

يا رفيق ! متى تفيق ؟!!

أبو الفرج الناعوري

أعرف كثيراًمن الزملاء سابقاً ( الرفاق ) بعد ذلك ، ممن لم يكن لهم أي اهتمام سياسي أو فكري ؟! بل كان همهم أن يحصلوا على الشهادة ليتوظفوا فحسب !

و من سوء طالعهم أن حزب البعث السوري أصبح قائدا للمجتمع و الدولة ، بعد أن أحكم قبضته على  الجيش فسرّح و عيّن ؛ و على التعليم فقبل و رفض ، و على المؤسسات المختلقة فرفع و أنزل ؟! حتى إنه مر وقت على معمل سكر  الغاب ، فأصبح مديره (معلما سابقا) و في المعمل ستة مهندسين على الأقل ؟!

و حين انتفض الشعب في آذار 1980 ، كان هذا المعلم المناضل أحد أعضاء المحكمة الميدانية التي قضت بقتل 49 مواطنا من أهالي جسر الشغور خلال ساعات ؟!

و أما مديرية التربية في إدلب فأسندت إلى مدرس كان زملاؤه يعدونه من النائمين حين يجتمعون لتصحيح أوراق الشهادة ...

إذ لم يكن له دور ، لا في النقاش و لا في الإشراف ! و لكن حين ثارت قرى جبل الزاوية و انتفض الفلاحون و الطلاب ، ركب سيارته ، و اصطحب رشاشه ، و رشق الطلاب المتظاهرين بزخات من الرصاص  ، أوقعت فيهم عددا ً من الجرحى و القتلى ، و عاد مظفرا ً ليستمر مديرا ً للتربية أكثر من عشرين عاما ً ....

و حين انتفض شعب مصر مؤخرا ً بدأ أعضاء الحزب الوطني يستقيلون تحسبا لقادم الأيام .

أما الرفاق في بلدنا المنكوب بهم (سورية) فمنهم من صحا قبل فوات الأوان ، فاستقال أو ترك ليلقى ما لقيه غيره من المواطنين، نسأل الله تعالى له الرحمة ؟!!

و كان آخر من لقيت من هؤلاء ، معلما توفاه الله قبل أيام ، و قد استمر الحوار معه طويلا ً ، و اطلع على المخازي و المساوي ، فأعلن براءته ، و لقي الله و قد عاد إليه صوابه .

و من هؤلاء آخر سكن إلى جواري و وجدت فيه صدقا ً على غير عادة الرفاق فأحزنني أن يكون في هذا الطابور الآثم ، فصارحته بالتناقض الذي يعيشه ؟ ! فأقسم بأنه دخل الحزب خوفاً من المزايدين ، و ليكفَّ الأذى عن نفسه .

 و ثالث ذكرت له رموزا ً من الحكم يعرف الجميع دناءتهم يرتشي أحدهم بمجموعة من الدخان الأجنبي ، و رموزا من أبناء الوطن الشرفاء ، و قلت : إذا كان يوم القيامة ، فمع أي الفريقين تحب أن تحشر ؟ فسكت طويلاً ثم قال : مع الصادقين فقلت يقول تعالى : (اتقوا الله و كونوا مع الصادقين ) فتبرأ و قال : الدنيا لا تغني عن الآخرة .

و رابع : تعلل بأنه دخل الحزب من أجل الوظيفة و يريد اليوم أن يتركه فقلت : الذي خلق هو الذي رزق ، و ما حصلته من وظيفة كان بتقدير الله ، و في الأثر : كُلْها بِعِز و لا تأكلها بِذُل .

و خامس : كان من المترددين ، فقلت له : إن هناك إشاعة أنه سيتم فصل الحزب عن الدولة ، فنظر و قال : ملعون أبوهم ، لن أحضر اجتماعا ً و لن أدفع اشتراكا ً؟!! فقلت : هنيئا ً لأحزاب الأنظمة التي يساق إليها الناس بالخوف و اللقمة .

و أنت يا من لم تحدد موقفك بعد ، و قد هبت رياح التغيير لا نقول لك إلا : يا رفيق متى تفيق ؟!!