بين ثورتين.... مصر والبحرين
بين ثورتين.... مصر والبحرين
م. محمد حسن فقيه
ونحن نعيش هذه الأيام موسم الثورات في عالمنا العربي وانتشارها من بلد إلى آخر ، تتشابه بعضها ، وتتقاطع بعضها مع الأخرى، وتتباين بعض الثورات مع الأخرى تباينا كبيرا ، ولعله ليس مصادفة أن يكون الفرق الشاسع بين ثورتي مصر والبحرين كالفرق بين حجمي البلدين وتعداد سكانهما ، فمصر أكبر البلدان العربية سكانا والبحرين إقلها سكانا ومساحة وسأسلط الضوء قليلا على الفروقات والتباين بين ثورتي مصر والبحرين .
1 – قامت الثورة في مصر – أكبر بلد عربي مسلم - من أبناء الشعب قاطبة بجميع فئاته وأعماره وطوائفه ودياناته ، اجتمع فيها المسلم والمسيحي ، والقومي والعلماني والوطني والاسلامي والناصري والوحدوي والملتزم واللامنتمي ، فهي بحق ثورة الجماهير من جميع أبناء الوطن ضد الفساد والاستبداد .
أما في البحرين - أصغر بلد عربي مسلم - فقد أشعل الثورة بعض الشيعة المتطرفين من أتباع ولاية الفقيه ، استطاعوا بتخطيط مسبق وإعداد محكم إحراج مجاميع الشيعة الآخرين أو إجبارهم على الإنخراط في المظاهرات والاحتجاجات إلى جانبهم ، ولكنها بقيت مقتصرة على منحى طائفي شيعي وعزف منفرد .
2 – في مصر كان الشعب بجميع فئاته وأطيافه يدا واحدة ضد النظام الحاكم .
أما في البحرين فإن الشيعة الذين قاموا بالمظاهرات قاموا ضد النظام الحاكم ، وضد النصف الآخر- السنة – من الشعب .
3 – في مصر الثورة صناعة محلية والشعارات وطنية .
في البحرين الثورة والتظاهرة صناعة إيرانية ، والشعارات طائفية ، والأهداف صفوية ، حتى أعلام البحرين التي حملوها صبغوها بصبغة طائفية فقد حملوا أعلاما للبحرين بإثني عشرمثلثا نسبة إلى مذهبهم الإثنى عشري بدلا من علم البحرين الذي فيه خمسة مثلثات فقط ! ! .
4 – في مصر ساحة التحرير مستشفى ميداني لمعالجة كافة أبناء الشعب وروح الإلفة والتعاون والمودة والتعاضد بين جميع مكونات الشعب .
في البحرين دوار اللؤلؤة لمعالجة أبناء الطائفة الشيعية ، لا بل قاموا بتعطيل ومحاصرة المستشفيات في المدينة للحيلولة دون وصول المرضى للمستشفيات ، وتنظيم الاضرابات داخل المستشفيات وعدم معالجة أي شخص من غير الشيعة ، بهدف شل البلد ونشر الفوضى .
5 – في مصر : رجال الشرطة وأمن الدولة يهاجمون المتظاهرين من أبناء الشعب .
في البحرين المتظاهرين الشيعة يهاجمون المواطنين من أبناء السنة ويعتدون عليهم ويستهدفون النساء والطالبات في المدارس ، ويقومون بترويع الأمنين .
6 – في مصر المواطنين يشكلون لجان شعبية لحماية الناس والممتلكات من المخربين من أجهزة الأمن أو البلطجية المدفوعين من رموز النظام .
في البحرين المواطنين من السنة أيضا يشكلون لجان شعبية ولكن لمواجهة بلطجية المتظاهرين من أبناء الشيعة ضد المواطنين والنساء من أبناء السنة .
7 – في مصر يقدم أتباع النظام ورموزه من البلطجية والحاقدين بالسير مسرعين في سياراتهم وسط المتظاهرين ودهسهم .
في البحرين يقوم أتباع المتظاهرين من الشيعة بالسير مسرعين بسياراتهم وسط المواطنين السنة ودهسهم كما قاموا بدهس رجال الامن .
8 – في مصر لم يتطرق أي خطيب أو عالم أو محلل سياسي أو غير ذلك من المواطنين بتكفير الرئيس أو تكفير الحزب الوطني أو ما شاكل ، أو يحوله إلى خطاب أحقاد تاريخية ، وتفريغ شحنات الأحقاد المتراكمة من الموروث التاريخي البالي ، أو تصفية حسابات وانتقام طائفي .
في البحرين علماء الشيعة من أنصار المتظاهريين ، يقومون بخطابات استفزازية وتحريضية ، وصلت بصفاقتها لتعلن على المحطات الفضائية الصفوية إلى تكفيرالملك ، وتكفير جميع السنة لأنهم لم يشاركوا الشيعة مظاهراتهم ، ودعوى آية الفتوى الشيطانية أن الشيعة المتظاهرين في دوار اللؤلؤة شباب مؤمنون موحدون ، وكل من يخالفهم أو لم يشاركهم فهو على النقيض من ذلك تماما كفرة فاسقون وأعداء لمحمد ..... وآل محمد ! .
كما أضاف الآية الشيطانية في هذه المحطات الصفوية العنصرية في خطاب طائفي تحريضي استفزازي ، أن ما حدث من قبل قوات أمن البحرين هو امتداد لهجمة أموية على أل البيت ... وهي موقعة كربلائية حسينية ، فكونوا حسينيين كربلائيين ضد هؤلاء الأمويين ! ! .
9 – في ساحة التحرير بمصر ورغم كون المحتشدين بمئات الآلاف وقد تعدت في ذروتها المليون وربما المليونين ، لم تسجل فيها حادثة تحرش أو اعتداء واحدة مع أن المعتصمين كانوا من جميع أبناء الشعب وأطيافه وطوائفه وأديانه .
أما في دوار اللؤلؤة رغم أن المتظاهرين ينتمون للطائفة الشيعية فقط ، وأعدادهم بالمئات وفي ذروتها بالآلا ف فقد سجلت حوادث مشينة واعتداءات فيما بينهم ومتعة ... وغير ذلك تحت جنح الليل وفي الخيام ، وما تبع ذلك من شجار وطعن بالسلاح الأبيض ! .
10 - في مصر اجتمع المتظاهرون في ميدان التحرير لتحرير الشعب من ربقة الظلم والاستبداد ومحاربة الفقر والفساد ..... وقد كان لهم ما أرادوه بتوفيق الله .
في البحرين اجتمع المتظاهرون الشيعة في دوار اللؤلؤة ، ولكل اسم من حظه نصيب ، حبا وتيمنا بأبي لؤلؤة المجوسي المقبور في إيران قاتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، والمسمى بابا شجاع لأنه انتصر للفرس من الخليفة ألذي أطفأ نار المجوس ونشر نور الاسلام فيها
فإذا أراد هؤلاء معرفة حقيقة أنفسهم وأين تتجه بوصلتهم ، وأين يقفون مع المجوسية أم مع الإسلام ، فلينظروا أيهم أقرب إلى قلوبهم ، أبي لؤلؤة المجوسي عابد النيران ، أم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مطفئ نار المجوس وناشر رسالة الاسلام ومعلي راية الإيمان والتوحيد .
وبعد هذا فإننا نستخلص بأن ثورة مصر ثورة شعبية بمطالب جماهيرية وشعارات وأهداف وطنية ، وطبيعة سلمية حضارية ، اتسعت لجميع الفئات والأطياف والطوائف والأديان ، فتكللت بالنصروطرد الاستبداد والطغيان .
أما ثورة البحرين فهى انتفاضة غوغاء طائفية إقصائية ، بأجندة خارجية صفوية ، وأهداف مشبوهة مجوسية ، وطبيعة بلطجية تخريبية ، تدعو لتعطيل المرافق وتخريب البلاد .
فهل يمكن أن تنتصر مثل هذه الثورات ، ونحن لا نرى من يؤجج فتنتها وينفخ في أوارها غير القنوات الصفوية والعمائم السوداء ، التي تصب نارغضبها وتنفث أحقادها على كل ما هو عربي ومسلم .
وأخيرا أرجو أن لا يفهم من كلامي هذا بأني ضد الإصلاح والتغيير بل إني من المتحمسين له ، ولكني مع التغيير الاصلاحي بأجندة محلية وأهداف وطنية وأسلوب سلمي حضاري مدني .
كما أنني لا أعمم كلامي على جميع الشيعة ، فإن بين الشيعة عقلاء وأحترم آراءهم ، ولكني أود أن يسود منطق العقل والحكمة بين الشيعة عن منطق الطائفية والفوضى والأحقاد التاريخية وفك الإرتباط مع إيران ، وذلك بتقديم مصلحة الاسلام على مصلحة الفرس ، ومصلحة الوطن على مصلحة العجم .