أتمنى أن تكون تصريحات أردوغان كبوة فارس

أتمنى أن تكون تصريحات أردوغان كبوة فارس

محمد فاروق الإمام

[email protected]

حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، من مغبة التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا خشية تكرار سيناريو العراق، وفي السياق نفسه قالت قناة العربية (إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اقترح على معمر القذافي ترشيح رئيس يحظى بقبول شعبي كوسيلة لإنهاء الأزمة في البلاد).

بداية سيدي رجب طيب أردوغان نحن مثلك نرفض التدخل الأجنبي ونخافه ولنا في ذلك عدة تجارب كان أولها في مطلع القرن العشرين وآخرها في مطلع القرن الواحد والعشرين، ولكن هذا لا يمنع من الاستعانة بغطاء جوي يمنع طائرات سفاح ليبيا وسفيهها من أن تقتل بقذائفها الأبرياء والآمنين في بيوتهم ودمير المنازل على رؤوسهم، ووضع حد لمرتزقة العقيد مناستباحة دماء الليبيين، وهتك أعراض حرائر ليبيا العفيفات، وهذا ما فعلته البوسنة والهرسك وإقليم كوسوفو، ولولا التدخل الأجنبي فيهما (رغم ملاحظاتنا الكثيرة عليه) لما أبقى وحوش الصرب إنساناً حياً في البوسنة والهرسك وكوسوفو، وكنا نتمنى عليك سيدي لو كان موقفك من سفاح ليبيا كموقفك من سفاح غزة، تسارع لتتبنى قيادة أساطيل الحرية لإنقاذ الليبيين وحرائر ليبيا من إجرام مهووس ليبيا وطاغيتها، الذي جعل من نفسه صنماً يُعبد من دون الله.

سيدي رجب طيب أردوغان إن لك في قلوب العرب مكانة لم يحظ بها أحد من قادة العالم في العصر الحديث، لمواقفك الشجاعة من قضية العرب الأولى فلسطين، ولن ينسى العرب موقفك الذي تحلى بالشجاعة والكبرياء في مؤتمر دافوس الاقتصادي عندما انسحبت منه بكل عنفوان كنخلة باسقة بعد أن أهنت الرئيس الإسرائيلي ووجهت له عبارات الاستهزاء لكذبه وافتراءاته، ولن ينسى العرب وقوفك إلى جانب أهل غزة في محنتها عندما تعرضت لعدوان إسرائيلي بشع وفظيع، وسعيك الدؤوب في فك الحصار عنها وإيصال الغذاء والدواء لأهلها، وقد كلفك ذلك الكثير والكثير من تدني العلاقات التي ربطت تركيا بإسرائيل لعقود طويلة، ومناصبة الدول الأوروبية وأمريكا العداء الصامت، وسفح دماء أبناء شعبك على سفن الحرية التي أرادت خرق الحصار الصهيوني على غزة، ومحاولتك وسعيك إلى التقرب من البلاد العربية وعقد الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية التي أقلقت إسرائيل والغرب، وهذه مواقف لا يقدم عليها إلا الرجال الأحرار.

من موقع حبنا إليك نتمنى أن تكون تصريحاتك الأخيرة عن الوضع في ليبيا هي كبوة فارس سرعان ما ينهض ويستفيق أمام الحقائق التي هي أوضح من الشمس في ظهيرة النهار، فلا أعتقد أن هناك عاقل يذكر القذافي بخير وهو يرى آلته العسكرية الجهنمية يحصد بها أبناء بلده دون رادع من ضمير أو خوف من الله، فقط لأنهم تظاهروا مطالبين بالحرية والإصلاح وترشيد إنفاق ثروات البلاد الهائلة التي ذهبت وتذهب في غير مصالح ليبيا والشعب الليبي.

سيدي رجب طيب أردوغان قد تكون سمعت ولا شك عويل الحرائر في طرابلس وهن يستغثن من الذئاب الجائعة التي أطلقها القذافي في أحياء طرابلس ممن استجلبهم من أفريقيا، والذين عرفوا في ليبيا بأصحاب القبعات الصفراء، وهم يقتحمون بيوت العزل ويعتدون على شرف الحرائر وأعراض الليبيين وممتلكاتهم.

سيدي رجب طيب أردوغان لعلك شاهدت قصف الطائرات للمدن حيث تسقط حممها على رؤوس الآمنين في بيوتهم والمعتكفين في المساجد، وقد تناثرت المصاحف المحترقة والممزقة على أرضية هذه المساجد!!

سيدي رجب طيب أردوغان ألم تسأل نفسك لماذا استقال أقرب المقربين من القذافي وكانوا رفاقه في ثورة الفاتح من سبتمبر كما سموها، ولماذا استقال الوزراء والضباط وقادة الجيش والطيارين والسفراء وعمداء السلك الدبلوماسي الليبي في أكثر من بلد وموقع حساس كالأمم المتحدة والجامعة العربية!!

سيدي رجب طيب أردوغان ألم تسمع خطابات القذافي وابنه سيف الإسلام وهما يعربدان ويهددان الليبيين ويتوعدانه بالموت والدمار (شبر شبر، دار دار، بيت بيت، شارع شارع، زنكة زنكة، مدينة مدينة) وبالفعل هاهو القذافي وسيف الإسلام صاحب الكلمة المشهورة (طز بالعرب، وطز بالأمم المتحدة وطز بالجامعة العربية) يجردان الكتائب من المرتزقة، والتي أعداها مسبقاً لمثل هذا اليوم وزوداها بأحدث أسلحة الفتك والتدمير، لتستأصل شأفة الليبيين، وقد اشترىا ضمائر هؤلاء المرتزقة بآلاف الدولارات تصرف لهم من أموال الليبيين، والليبيون محرومون منها.

سيدي رجب طيب أردوغان ألم تسمع مؤسسات المال العالمية وهي تكشف عما أودعه القذافي وأولاده في بنوك الغرب من مليارات، وما اشتروه من مؤسسات وقصور وسيارات وما احتضنوا من مومسات أصبحن من ثريات العالم، وقد رصد القذافي لهن الملايين من الدولارات لقاء إسلامهن كما زعم.

سيدي رجب طيب أردوغان إننا نحن الشعوب العربية نتوق إلى الحرية التي حرمنا منها نحو نصف قرن حكمنا فيها حفنة من الضباط العسكريين والمغامرين والأحزاب الشمولية الاستقصائية التي جعلت من نفسها القائد والموجه للمجتمع والوطن، فاستباحت الدماء ونهبت الثروات وأفسدت الناس وأقامت لهم بدل الجامعات ودور العلم والمصانع والمزارع عشرات السجون والمعتقلات، وساقت إليها نخب الوطن من علماء ومفكرين وأساتذة وضباط وأطباء ومهندسين ومحامين وإعلاميين ومثقفين وكتاب وطلاب، بعد محاكمات صورية قضاتها من الجلادين والقتلة وفق قوانين سنتها هذه الأنظمة ما أنزل الله بها من سلطان بعيدة عن كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية المعروفة، ألم تسمع سيدي بالقانون رقم (49/1980) الذي سنه النظام السوري الذي يحكم على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالإعدام بأثر رجعي، ويطال هذا القانون أولادهم وذويهم حتى الدرجة الرابعة، ولا يزال يُعمل به حتى اليوم، ألم تسمع سيدي بمجزرة حماة (30ألف) قتيل، ألم تسمع بمجزرة سجن تدمر (1000) قتيل، ألم تسمع بمجزرة حي المشارقة بحلب (100) قتيل من بينهم 13 فرد من أسرة واحدة، ألم تسمع بمجزرة جسر الشغور (200) قتيل، ألم تسمع بمجزرة سرمدا (40) قتيل، ألم تسمع بمجزرة بانياس، ومجزرة حمص ومجزرة اللاذقية ومجزرة قرية سريحين وغيرها التي كانت ضحاياها بالمئات، هذه مجازر اعرفها وشهدت بعضها بأم عيني، ناهيك عما في طول البلاد العربية المقهورة بالأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية وعرضها من مجازر تقشعر لها الأبدان، وآخرها ما نشاهده من مجازر يرتكبها القذافي في ليبيا على شاشات التلفاز العربية والأجنبية.

سيدي رجب طيب أردوغان نحن مثلك نتوق إلى الحرية ونعشقها، وننشد الديمقراطية لأنها الطريق الأسلم لحياة الشعوب في العصر الحديث والحل الآمن لحفظ ثروات الوطن وصون كرامة الإنسان واحترامه، وعبر الديمقراطية يختار الشعب نوع الحكم والحاكم، وعبر الديمقراطية يكون هناك تداول سلمي للسلطة.. ألم تكن الديمقراطية هي الوسيلة التي أوصلتكم إلى كرسي الحكم في تركيا وكنتم المحاربون والمنبوذون على مدى سبعين عاماً من الحكم الديكتاتوري، ولا أعتقد أنكم لا تتمنونها لنا وبيننا وبينكم رباط الإخوة والجوار!!   

اردوغان اقترح على القذافي ترشيح خليفة له والتنحي