تشتهي الثورة لحظات الغضب

عروب مشوح

تونس الخضراء .. أول ساعات الثورة

جهلنا صمتك .. وأهملنا حروف اسمك ..  حتى أصبحتِ في غياهب الصمت ..!

ولكن علمتنا أن الذين يصمتون طويلاً يعيشون حياة طويلة فقط بكرامتهم و حريتهم ..

تفجرت المعاني الكامنة بين تفاصيل حروفك فأصبح ذكرك ليلاً نهاراً بعد أن كنتِ نسياً منسيا ..!

هكذا هي أفعال الصامتين يصمتون أعوام .. ويفجرون غضبهم في ساعة لا يدركها أحد من العالمين !

يا أيها التونسي الشريف .. يا من بحثت عن الكرامة .. فسطعت لك أنوارها نصراً و رايةً تخفق في أعالي الروح ونبضاً يخفق في جوف السماء ..

أنت لم تفجر ثورة بحد ذاتها .. بل أيقظت همماً .. وحرثت في الأعماق كرامتنا التي دُفنت .. و رفعت الستار الذي أُسدل على أبصارنا .. و طبع على قلوبنا فجعلنا في سُبات ..!

وكلنا يقين بعد ثورتك أن نكون أقرب إلى النصر من حبل الوريد ..

شتان بين من يثور لأجل كرامته ولمن يثور أعواماً بحثاً عن ” مخرجٍ للمياه “!

ثورتك يا تونس ثروة نحتفظ بها و نعلمها لأطفالنا .. كيف يقف الرجال في الأزمات كالشم الجبال .. وكيف تحققين الغايات وإن كانت على بعد المحال ..!

كثيرٌ هو ما اتخذناه منك يا تونس .. ومن كان يعلم أنا سنتخذ منك منهجاً كاملاً .. حياةً وكرامةً ونصراً وعزةً وفتحاً مبينا !

ثم تتابع الثورات وتأتي مصر لتثبت أن ” مصر الجديدة ” ليست منطقة بحد ذاتها ..

بل هي كل مصر بعد حريتها و كرامتها ونصرها .!

يا مصر .. قد أثرت في النفس عواصف طالما حلمنا بأن تصبح إعصاراً في نفوس كل من كان في قلبه ذرة من ظُلم أو جوع أو هزيمة أو صمت !!

فكل الشكر لثورتك التي نسأل الله أن يكون ختامها نصرٌ مبين تدمع له العيون التي نريد أن تكون سيلاً جارفاً لا يتوقف ..

نريد أن نبكي طويلاً بعد ظُلمٍ طويل ! نريد أن نبكي فرحاً لكم يا أهل مصر .. وأنتم ترفعون راية الكرامة والتحرير .. نريد أن تنهار دموعنا دماً حتى نشعر بأننا من الفائزين!

من ” ميدان التحرير ” كان التحرير ..في غضب مليوني ..

وكانت ثورةٌ الله راعيها .. روحٌ واحده في ملاين الأجساد .. هتافٌ واحد .. ومبتغى واحد .. مهما كان الثمن و المصير !

لا نريد مبارك .. نريد مصر مباركة بـ اللا مبارك ..

وهل تأتي البركة ولا النافية تسبقها !

وأخيراً أصبحت أيامنا ثائرة بدء من تونس ولا نهاية …!

حتى صباحنا أصبح ثائراً .. فنشرب القهوة بعد أن تغلي كغليان الثورة في مصر ..ما أجمل هذه الأيام التي نشهدها .. ما أجمل جيلنا الذي شهد ثورات وفتوحات ونصر !

هكذا أصبح لأطفالنا حكاية .. نقصها عليهم قبل نومهم ليمددهم ربهم بثورة معنوية تكن لهم زاداً في حياتهم حتى لا يظمئون بعدها أبداً !.

أحسستني مصر بالأناشيد القديمة التي لم أعشها لكن الثورة الحالية كفيلة بأن تشعرنا بها .. نعم إن أول غيث بدا ..

يرون بي الشوك من كل جنبٍ ولكن أرى الورد والموردا
سأمضي وإن كان دربي مخيفاً وإن كان فيه يقيم الردى
سنبعث في كل جيلٍ صلاحاً ونجعل من بيننا خالدا 

يا دعوتي سيري .. الأرض لنا وغيرها الكثير من كلمات تخفق لها الثورة التي في قلوبنا أكثر و أكثر

نهاية بـ” لبيك إسلام البطولة

لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحمى

لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما

لبيك إن عطش اللواء سكب الشباب له الدماء

هذه الجموع غدا سيجمع شملها في دولتي

ولسوف تنهض كي تحطم باطلا في جولتي

ولسوف تنهض في الآفاق الخافقات بنودها

لون الدماء غدا سيصنع من كتابي عزتي

ولسوف نمضي كي تعيش على الكرامة أمتي

ولسوف تهتف باسمه الأطفال عاشت رايتي

يا رب إني قد سألتك فاستجب لي دعوتي

قد بت أنتظر اللقاء يوما فعجل رفعتي

هذا سبيل المؤمنين فآمن لي روعتي

..

سيرحل مبارك و سيرحل كل من طغى و ظلم وتجبّر ..

ولكنهم ثابتون لمجيء القدر ..و إذا قال الله لشيء كُن فيكون ..

حينها لا ينفع الظالمين معذرتهم !.

لن تضيع هباء تلك الأرواح التي اجتمعت لتعيد كرامتها .. و ترفع راية النصر و الحرية نحو السماء .. الله معكم يا أهل مصر ونحن معكم بدعائنا لكم

وعلى قدر الصبر تكون التضحيات ومن ثم يكون النصر !.

وسنبقى نردد ..

يا عرب .. أصبح الصبر تعب .. تشتهي الثورة لحظات الغضب !