هنيئا يا بشار الأسد

فالثورة سرقت ووضعت في جيبك قبل أن تبدأ

لقد اقتنعت أخيراً ن سورية تختلف عن ليبيا ومصر وتونس والجزائر والعراق!!؟؟

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

ليس هذا الاعتقاد نابع من قوة السلطان , ولا من أمنه وحرسه , ولا من الشعب السوري والمُعتقد أنه بعيد عن الإحساس بسبب البطش والقتل والتعذيب والفقر من نظام له عقود جاسم على صدره , فقد توارث هذا الوضع واستعاد عليه , كالذي يكون عبداً ويتزوج أمة مملوكة والنسل الناتج يتربى على هذه العبودية وتستمر الحياة هكذا ليكون هذا ينتمي للعبيد وذك للأسياد

وقبل أن أجيب على لكن :

لنستعرض ما لذي يدور في الظاهر والخفاء , حتى تفقد الثورة بريقها , وتصبح كأنها أثرا وهمياً تراء للبعض في حلم ليلة رومانسية من أيام الشتاء في غرفة دافئة مع حبيبة قلبه

تطوع عدد من الشباب في سورية لتقليد الثورة التونسية والمصرية ونادوا ليوم غضب مشابه للخروج من الحالة الكئيبة للشعب السوري والذي لم يترك النظام فيه بيتا إلا و أصابه بالسوء والقهر والحرمان , ولم يستثنى من ذلك حتى البعض ممن قام واتكأ عليه هذا النظام

لقد فشلت الدعوة الأولى بسبب أن ثورة مصر كانت في قمة الذروة وانتصر الشعب المصري وأصر القائمين على الحملة والانتقال ليوم آخر يكون مناسبا أكثر , ويتم خلالها توعية الشعب السوري بكل فئاته للحمة الوطنية , والتخلص من النظام الحاكم في وقت قد يطول أو يقصر

كل نظام مستبد له وجهان متناقضان , وجه مظهري جميل , وباطني بعيد عن كل ما يمت على الأخلاق الحسنة , وعليه يمكن تشبيه النظام المستبد ببناء هرمي الشكل يقف على خمسة أعمدة هذه , أربعة على الجوانب تمثل ركائز الحكم , والمرتبطة رأسيا بالعمود المركزي الخامس الوسطي والذي يكون أطول من الباقي ليمثل قمة الهرم وهو الحاكم المطلق , هذه الركائز الأربعة تمثل أسس استمرارية النظام , والمتمثلة في:

فساد الحاشية المؤدي بدوره لفساد الأخلاق عند العامة من نتائجها المباشرة تعطيل كل القوانين الملزمة للفرد سواء أكانت منها القوانين الأخلاقية والتي نشأت مع الإنسان والتي تعبر عن الأخلاق النابعة عن الضمير الإنساني , أو القوانين الأخلاقية  والموضوعة لتنظيم حركة المجتمع

تمركز جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقانونية والإعلام بشتى أصنافه , فهو السيد  الأوحد والحاكم المطلق

يترك الحاكم لهذه الحاشية الفاسدة حرية التصرف في الأموال الخاصة والعامة ويتقاسمان ثروة البلاد , مع ترك الفتات للشعب حتى يصبح همه الوحيد هو البحث عن سبل الحياة لكي تستمر حياته حتى النهاية , هذا البحث المستميت يؤدي بنتائجه المباشرة وغير المباشرة ليكون طوعا للنظام والحاشية وأن يكون الفساد همه الوحيد , ولا يوجد رادع لهذا الشخص الضعيف في أن يسعى بشتى الطرق القبيحة للحفاظ على حياته وحياة أسرته لتبلغ الأنانية الفردية أقصاها في نفسية الفرد , مما يجعل من تفكك المجتمع حقيقة حتمية لابد منها , في البحث عن الملذات الآنية , أو التفكك الأسري واللجوء للمخدرات , وزيادة الرزيلة والعهر في المجتمع ونزع الثقة من النفوس بحيث يكون كل فرد يخاف حتى من نفسه وعلى نفسه من أن يوشي فيها , ولذلك كثرت في سورية الرشوة والفساد وعصابات المافيا المرتبطة بأركان النظام مباشرة , وتركزت الثروة بأيدي النظام والأسرة الحاكمة , والحاشية الفاسدة

العدو الوهمي , لكي يستمر النظام بوجوده هذا عليه أن يخلق له عدوا حقيقيا أو وهميا , فالنظام السوري وجد ضالته في الكيان الصهيوني , بحيث وجود هذا العدو  يعطيه شرعية بقاء الأحكام العرفية , هذه الأحكام يتبعها قوانين قمعية تترك الوطن في حالة حرب دائمة يكون الشعب فيها خاضعا للمحاكم الأمنية والعسكرية , بحيث يزداد القمع وتكثر التصفيات الجسدية , ويتدخل الأمن بكل شاردة وواردة في الأمور الاجتماعية والثقافية وكل مفاصل الحياة يحتاج لتصريح أمني فيها ,  بعيداً عن المحاسبة القانونية فعنصر الأمن هو النظام وهو القانون وهو الحاكم , وحتى لو كان أمياً , فالأمن والعناصر الأمنية تحولت لمجرمين وفاسدين وقتلة وناهبين وسارقين , والقانون والدستور تحت أقدامهم بحجة الحفاظ على النظام الممانع والمقاوم للعدو الوهمي في ذاكرته وأفعاله والحقيقي في وجوده على الأرض كعدو للشعب وليس للنظام , لينعم الشعب السوري بعدوين فوق جسده النظام والعدو الخارجي , وكل شخص يعترض على هذا السلوك فالقضية جاهزة إنه عميل للكيان الصهيوني

فعندما تحرك بعض الشباب والذين يرون هذا البلاء العظيم وعليهم التخلص منه , واستخدموا وما زالوا يستخدمون الوسائل الالكترونية للوصول للحالة الثورية

فظهرت الثورة المضادة وهذه المرة لم تكن من النظام وإنما كانت من قبل الذين كانوا يريدون التغيير

هؤلاء يمسكون العصا من المنتصف يريدون الرقص فيها في حلقة معدة لعرس يتمايل فيها ذات اليمين وذات الشمال , أو كالذي يرفع قدمه ليخطو خطوة للأمام ولكنه يتلمس الأرض برأس أصابع قدمه , ولا يدري ما لذي سيأتي عن وضع ثقله في هذا المكان لذلك هو منتظر واقف حتى تنعم عليه السماء بعاصفة من الهواء لتلقي فيه إلى الوراء أو الأمام

والقسم الثاني يرجأ ذلك ويقول علينا التريث والتخطيط ورسم الخطط , بينما مضى عقود طويلة والتخطيط قائم ولا أعلم متى تنتهي رسم الخطة القاتلة , فقد قتل الشعب برمته منتظراً هذه الخطة ولم تكتمل بعد ولن تكتمل

القسم الثاني يطلب الإصلاح من الرئيس ويترجاه والرسائل المرسلة تتلاحق واحدة بعد أخرى , موهمين الناس أن الرئيس هو بعيد جداً عن الحالة وأنه يريد الإصلاح والتغيير

الرابع ينتظر تدخل دولي لفتح الحوار مع النظام والخروج من الحالة التي نحن عليها

وهنا لابد من تذكير أصحاب هذه الفئات الأربعة , أن كل محاولاتهم هذه ما هي إلا إنقاذ للنظام الحاكم لكي لا يكون مصيره كمصير نظام تونس ومصر , لأن مقومات النظام وأركانه تتمثل في الأربعة عناصر المذكورة سابقا , وإن الرئيس هو الذي يمسك بهذه العناصر كلها بيديه , وهي التي تسنده في بقائه , وإن تخليه عن أي واحدة منها بهدف الإصلاح سوف تؤدي لسقوطه الأبدي , كما يدعي هو ومؤيديه إلى الأبد

 فهل يمكن أو يعقل أن يقوم هذا النظام بالانتحار ؟

ولماذا يفعل ذلك ؟

فكما رأينا في تونس وفي مصر وعبر تاريخ الطغاة كيف أن النظام المستبد يفعل كل شيء في سبيل بقائه على العرش , والصورة واضحة لنا في ليبية الآن  , في أن النظام يستخدم المرتزقة لقتل شعبه في سبيل بقائه

لذلك أرجو من كل من يملك الإخلاص في نفسه وحبه لسورية وشعبها , أن ينحي بآرائه هذه جانبا والتي تفتت وتشتت فكر الشباب أمام حركة التاريخ المتغيرة في المنطقة , حتى لا تجعلوا سورية تكون حالة منفردة في الوطن العربي والشرق الأوسط كما هو وضع كوبا في أمريكا اللاتينية , فساندوهم بكل قوة وعزيمة فبناء الأمة المهدم لن يعلو مرة أخرى إلا على أيدي أبناه الشباب والذي عرف ما لذي يجب أن يعرف ويريد التطبيق.