الشعب السوري ما بينداس
بدأ العد التنازلي
الشعب السوري ما بينداس
محمد فاروق الإمام
[email protected]
في
ظاهرة هي الأولى من نوعها في عهد وريث أبيه بشار الأسد الآلاف تصدح حناجرهم بصوت
واحد (الشعب السوري ما بينداس)، حصل هذا في سوق الحريقة التجاري الموازي لسوق
الحميدية الشهير، رداً على تطاول شرطي سير، تخرج من مدرسة مافيا النظام السوري الذي
يحكم قبضته على سورية منذ العام 1963 في ظل قانون الطوارئ والأحكام العرفية
والمحاكم الاستثنائية والعسكرية والميدانية والقونين والمراسيم الجائرة والظالمة،
تطاول شرطي سير على مواطن سوري نعته بالحمار عندما قال له:
(امش يا حمار) وأبى ذلك الشاب السكوت على الضيم فرد على الشرطي بما يستحقه، وكادت
هذه الشتيمة أن تتحول إلى شرارة انتفاضة غاضبة، واستدعت حضور وزير الداخلية
السوري اللواء سعيد سمور، لتهدئة المحتجين على الإهانة التي لحقت بالمواطن السوري،
والتي تطورت إلى حالة اعتداء بالضرب قبل أن تتفاقم الأمور وتتسارع إلى اللحظة التي
استدعت تدخل وزير الداخلية وحضوره إلى المكان، حيث تجمع الغاضبون حول سيارة الوزير
والتي لم يتمكن من النزول من السيارة حيث بقي بابها موارباً وهو يرجو الجماهير
بالانفضاض والانصراف ملوحاً بأن تجمهرهم هذا يعني انهم يتظاهرون والمظاهرات ممنوعة،
فما كان من الجماهير الغاضبة إلا ان تعالى صوتها (الشعب السوري ما بينداس)، ولم
ينفض جمعهم ويخمد غضبهم إلا بعد تعهد الوزير بمعاقبة الشرطي.
من
شاهد الفديو الذي صور الحادثة بكل تفاصيلها يقدر مدى الاحتقان الذي وصل إليه الشعب
السوري المتبرم من حكامه الأجلاف الغلاظ الساديين، الذين يتعاملون مع الشعب السوري
وكأنه قطعان من الحيوانات في مزارعهم أو مجموعة حشرات في منازلهم، فلا كرامة
للمواطن السوري ولا حصانة تحول دون أن يداس بنعل رجل الأمن الذي تعود أن يسب ويشتم
ويضرب ويسحل وحتى يقتل على الهوية أو الانتماء، وهو دائماً صاحب الحق في كل ما
تقترفه يداه ويفوه به فمه تحميه حصانة القانون الذي سنه الرئيس الراحل حافظ الأسد.
ولكن هؤلاء السوقة وأسيادهم لم يتبادر إلى أذهانهم أن صبر الشعوب له حدود وأن بركان
الغضب لابد له من أن يمزق ثوب الظلم والجبروت، والشواهد حاضرة وماثلة نراها على
مدار الساعة عبر الفضائيات وقد اجتاحت الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه عواصف
التغيير تتساقط أمامها أعتى أنظمة الاستبداد والجبروت، سقط نظام زين العابدين بن
علي الاستبدادي في تونس، وسقط نظام حسني مبارك الديكتاتوري في مصر، وتحولت تلك
الأعاصير لتدك حصون أنظمة الاستبداد والبغي في عواصم عدد من الدول العربية التي كم
تبجح حكامها بأن بلدانهم عصية محصنة بما أقاموا من قلاع الأمن والحرس وما وضعوا
بأيديهم من أسلحة الفتك والإرهاب وما سنوا من قوانين تحميهم من المساءلة، وقد تغنت
من قبل أنظمة الاستبداد في تونس ومصر بمثل ما يتغنون به الآن، ونسوا أنه (إذا جاء
أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).