لا نريد حكومة البنبوني
لا نريد حكومة البنبوني!
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
حكومة البنبوني هي حكومة الفريق أحمد شفيق الراهنة التي شكلها النظام البائد قبيل
سقوطه ، وهو رجل يبدو أن لديه كميات كبيرة من البنبوني والشيكولاته ، ولذا تصور أن
ثورة الشعب المصري هي مجرد هتافات مجموعة من الأطفال ، يتصايحون في هايد بارك على
الطريقة الإنجليزية ، ويمكن أن يسكتهم بالبنبوني حسب تعبيره !
لقد
أظهر الشعب أنه تجاوز مرحلة الطفولة ، وأن البنبوني لا يمثل هدفا من أهدافه ، لأنه
وصل إلى مرحلة الرجولة من زمن ليس بالقريب ، ولا يستسيغ معها تناول البنبوني
والشيكولاته ، فقد أرغم رأس النظام على الاختفاء ، وآن له أن يرغم جسم النظام على
الفرار ، بعد محاسبته ، البريء له حق الحرية والمشاركة ، والمذنب يلقى جزاءه وفق
القانون .. إذا المسألة لا يحلها البنبوني ، ولا تكفيها الشيكولاته !
حكومة البنوني تضم أعضاء ؛ بدءا من الفريق شفيق حتى وزير الأوقاف تمثل جسم النظام
وتنتمي إليه ، وجيناته تتحرك في دورته الدموية وخلاياه الجسدية بكل قوة ، فالفريق
شفيق ، من أحباب الرئيس وهذا حقه الإنساني ، ولكنه يمثل سياساته وهذا ليس من حقه ،
وتدور حول سيادته شبهات كثيرة تتعلق به ، وبمخالفة القانون والتستر على مخطئين ،
مما وزعته شبكة الانترنت على نطاق واسع في الأيام الماضية ، ويجب أن يدافع الفريق
شفيق عن نفسه ، وهو خارج السلطة ، وله الحق أن يختار التوجه الذي يريد بعد تبرئة
ساحته.
وزير الخارجية ،من أفشل وزراء الخارجية في العالم ، وهو فيما يبدو محب للعدو النازي
اليهودي الغاصب إلى درجة التوله والجوي ، ومعاد للفلسطينيين في قطاع غزة إلى درجة
كسر أرجلهم ، وقد فشل فشلا ذريعا في معالجة موضوع النيل ، وتقسيم السودان ،
والعمالة المصرية بالخارج ، ثم إن النظام الراحل سحب منه ملف القضية الفلسطينية
وملفات أخرى ، مما يعني إقرار النظام الراحل نفسه بفشل الوزير الهمام الذي يجب
تنحيته وتشييعه إلى حيث يستريح !
وزير الداخلية الجديد هو نسخة أخرى من سلفه الذي يحاكم الآن ، وهناك كلام كثير عن
ضحايا لسيادته ، وقد استمر بعد نجاح الثورة في القبض على الناشطين ، وتعذيبهم في
لاظوغلي ، مما يعني أن سيرته لا تختلف عن سيرة الوزير السابق ، في اعتماده على جهاز
السافاك ( أمن الدولة ) لإرهاب الشعب وترويعه ، وهذا الجهاز يجب إلغاؤه ، ومحاكمة
أفراده من الذين أجرموا في حق الناس قتلا وتعذيبا واعتقالا دون جريمة !
وزير البترول ، الذي باع الغاز الطبيعي للعدو الصهيوني بسعر التراب ، وخالف القانون
في الصفقات السرية المشتبه بها ، فضلا عن فساد تفوح رائحته في شتى أرجاء الوزارة ،
وارتباط بالنظام البائد مما يعنى ضرورة ترحيله ومحاسبته .
وزيرة الختان وتحديد النسل ، التي تنفق أموال الدولة فيما لا يفيد ، وهي تنفذ أجندة
خارجية ( هذه المرة الأجندة الخارجية حقيقة لا لبس فيها ) ، بتغريب الأسرة المسلمة
وتغيير أخلاقها بما يتفق مع ما يريده الغرب الاستعماري ، وكانت السيدة الأولي
المخلوعة تتولى تنفيذ هذه الأجندة ، وقطعت أشواطا كثيرة في تحقيقها ، وخاصة في مجال
قانون الأحوال الشخصية وما يسمى قانون الطفل ..
وزير الثقافة والآثار ، يدور حوله كلام كثير في مجال تهريب الآثار وخاصة في مرحلة
الوزير السابق الفاسد فاروق حسني ، وهو من أنصار الثقافة الأميركية بلا تحفظ أي
إنه معاد للثقافة العربية الإسلامية ؛ وهي ثقافتنا القومية ، أي إنه لا يختلف عن
فاروق حسني ، ولا عن خلفه الذي تمت إقالته ، وليس استقالته ، بعد أن تكاسل عن توقيع
بعض الأوراق مما أثار عليه مندوب المبيعات الذي كان وزيرا للإعلام ، وكان منافسا له
. وهيأ المجال لإقالته، دون التفات الاستقالة التي بعث بها بعد خروجه من مجلس
الوزراء !
وزير الأوقاف الجديد لا يختلف عن سلفه الفاسد ، فهما صناعة لاظوغلي ، ومن قبيلة
النظام البائد ، وتاريخه في رئاسة الجامعة مشين ، فقد دافع عن الأمن الفاجر الذي
ضرب طالبة على أبواب جامعة الأزهر في الزقازيق ، وحول كثيرا من الطلاب إلى مجالس
التأديب ، وتصريحاته التي كان يطلقها تأييدا للنظام البوليسي الفاشي لا تقل فجاجة
وسوءا عن أدائه الإداري ، والأولى له أن يتفرغ لمقاولاته في البناء والخرسانة
المسلحة وما شابه ، فهذا هو العمل الذي يجيده .
وزير التعليم العالي الذي أهان الأساتذة وأذلهم ، وفرق بينهم ، واتخذ من علاوة
الجودة وسيلة لوضعهم في أسوأ الأوضاع ، وهو يعلم أن زيادة الجودة مجرد ملء أوراق لا
قيمة لها ولا تأثير على أرض الواقع ، مما دفع كثيرا من الأساتذة الشرفاء لرفض
التوقيع على الاستمارات أو الاشتراك في هذه اللعبة المكشوفة التي تقوم على الكذب
والتزوير . إنه رجل مشغول بالنظام والنقاب وموالاة السافاك الذي دحرته الثورة
المباركة .
وزير الضمان الاجتماعي الذي يعيش الناس في عهده أسوأ فترات حياتهم وسقط ما يعرف
بقتلى طوابير الخبز ، وأكل الناس من القمح المسموم بالسوس والحشرات الضارة ، ولم
تتوقف مشكلات التموين أو تتراجع فضلا عن صلته الوطيدة بالنظام البائد وفلسفته
الاستعلائية المتغطرسة .
وزيرة القوي العاملة ، صاحبة القبلة الشهيرة على يد السيدة الأولى المخلوعة ، ولم
تخجل من الإعلان عن تشغيل المصريات خادمات في بلاد أخرى ، ولها مع زوجها صولات
وجولات في تأييد النظام الهالك ، لا تصلح هذه السيدة للعمل في نظام جديد يقوم على
الكرامة والعزة ..
وزير الاتصالات ، تلميذ أحمد نظيف ، وشقيقه رئيس جامعة القاهرة ، من صناعة النظام
ولاظوغلي ، ولا يصلح هو ولا شقيقه لقيادة مؤسسات ذات علاقة بالجمهور ، لأنهما
ينتميان إلى نظام يحتقر الجمهور ، ويعامله كما يعامل العبيد .
هؤلاء الوزراء وغيرهم من حكومة البونبوني لا يصلحون لإدارة شئون البلاد في الفترة
الانتقالية ، ولو كانت قصيرة ،لأن ولاءهم الحقيقي للنظام البائد ،وسوف يسمح بقاؤهم
في السلطة لرمز النظام الذي أطاحت الثورة برأسه أن تعيد تجميع صفوفها ، وأن تعود
أقوى مما كانت راعية للفساد والإفساد ، وتفرغ الثورة من مضمونها وغاياتها ، وهو ما
ينذر بكارثة كبرى لو عاد الصدام بين الشعب والسلطة .
لقد
سقط النظام فليرحل جميع رموزه بهدوء ، ولتكن هناك حكومة مؤقتة من المستقلين الذين
لم يلوثهم النظام ولم يتلوثوا ، بعيدين عن الشبهات ، يستطيعون قيادة البلاد إلى بر
الأمان حتى يتم انتخاب برلمان جديد وقيادة جديدة . أما حكومة البنبوني، فلسنا بحاجة
إليها .