عندما يتحول الوطن إلى مزرعة خاصة

عندما يتحول الوطن إلى مزرعة خاصة

جميل السلحوت

[email protected]

 ما تنشره وسائل الاعلام عن عمليات نهب وسرقة أموال الشعب المصري من قبل عصابة اللصوص التي تحكمت بمقدرات مصر وشعبها ثلاثين عاما، يُسهل على المرء معرفة بعض الأسباب الكامنة خلف ثورة الشباب المصري المجيدة التي انطلقت في 25 يناير الماضي، بل ان السرقات سبقت الثلاثين عاما عندما كان الرئيس المخلوع يأخذ عمولة مالية كبيرة على مشتريات سلاح الجوّ المصري العسكرية عندما كان قائدا لهذا السلاح، أي انه خان الأمانة قبل وصوله للرئاسة، غير أن المقربين منه وعلى رأسهم ابنه جمال الذي كان يعد العدة لاستلام الرئاسة من بعده، ومجموعة من اللصوص وفي مقدمتهم أحمد عز الأمين العام للحزب الوطني الذي كان حاكما شرعوا في عمليات سرقة ضخمة وواسعة وشاملة، استهدفت تصفية القطاع العام لمصلحتهم الخاصة، فكدسوا المليارات عى حساب قوت شعبهم وكرامة وطنهم، ويبدو أن زعيم عصابة اللصوص المدعو أحمد عز وآخرين وبغطاء من جمال مبارك، لم يكتفوا بالسرقات المالية فقط، بل تعدوها الى سرقة ارادة الشعب في اختيار ممثليه في مجلس الشعب، فزيفوا الانتخابات لأنهم لا يريدون سماع أيّ صوت حقيقي للشعب، فطغوا وتجبروا واعتقلوا وعذبوا وقتلوا، وابتعدوا عن هموم الشعب، وخططوا وعملوا  لخلافة جمال مبارك لأبيه في الرئاسة، وكأن مصر الحضارة مزرعة خاصة لهؤلاء المارقين، مما أوصل الشعب الحر الأبي الى درجة الانفجار الذي أسقط النظام بثورة شعبية مجيدة ومظفرة، نالت اعجاب العالم.

 ولا يخفى على المراقب بأن القوى الامبريالية التي كانت تعتبر نظام مبارك"كنزا استراتيجيا"  والداعمة له بلا حدود كانت على علم مسبق بالفساد الذي مارسه النظام، وكانت سعيدة بهذا الفساد لتدمير مصر وابعادها عن دورها القيادي في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وتهميش دور هذا البلد العظيم، لما في ذلك من خدمة كبيرة لأهدافهم الاستعمارية في المنطقة، ولتأمين مصالحهم التي تتناقض ومصالح مصر وشعبها وأمتها، لذلك فانهم أصيبوا بالفزع عندما فاجأتهم ثورة الشعب المجيدة، وحاولوا التشبث بالنظام قدر المستطاع، ولما رأوا قوة الثورة وعنفوانها وتصميمها على تحقيق أهدافها باسقاط النظام، حاولوا ركوب الموجة باسترضاء الشعب المصري في محاولة منهم لمواصلة لعبة سياسة التضليل، حفاظا على مصالحهم، وفي محاولة منهم لامتصاص غضب الثائرين، واستبدال وجوه بأخرى مع الابقاء على النظام نفسه، وباصلاحات بسيطة لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة.

لكننا على ثقة بيقظة الشعب المصري العظيم، وحرصه على اقتلاع الفساد من جذوره، وبناء مصر الثورة التي يحلم بها شرفاء مصر والعرب، فمصر للمصريين، وهي قلعة العروبة عصر التاريخ، ولن تكون غير ذلك.