تحية إلى ثورة مصر العظيمة
(1)
عصام العطار
أكتب هذه السطور العفوية السريعة مساء الجمعة 11/02/2011م عَقِبَ إعلان تخلّي محمد حسني مبارك عن رئاسة الجمهورية وتكليفِه المجلس الأعلى للقوات المسلّحة بإدارة شؤون البلاد
لقد انتصرت ثورةُ مصر الشعبية العظيمة انتصارَها الأولَ العظيم
هذه أعظمُ ثورة مصرية شعبية في تاريخ مصر القديم والحديث
هذه الثورة من أعظمِ الثورات التي عرفها العالَمُ كلُّ العالم -وأنا أدري تماماً ما أقول- وأكثرِها عدالةً ونظافةً وسلامةً ورقيّا
عشرات أو مئات أو ألوف من شباب مثقفين أطهار القلوب والنوايا يخاطرون بحياتهم في عمل جريء بصير من أجلِ رفع الظلم والضَّيْم عن ضحايا الظلم والحرمان والإرهاب والتعذيب من أبناء بلادهم، وفتحِ أبواب التغيير السلميّ البصير من أجل الحريّة والكرامة والعدالة والإصلاح الشامل والتقدم وحقوق الإنسان.. ويستجيب الشعبُ لهم، ويتحرّك بأكثريّته الكبرى معهم ذلكَ التحرّكَ السلميَّ الأخلاقيَّ الوطنيَّ الجامع لمختلف شرائحهم الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والمهنية
شعبٌ أعزلُ من كلّ سلاح إلاّ سلاحَ الحقّ والإيمان والإرادة والاستعداد للاستشهاد من أجل الحريّة والكرامة والعدالة وحقوقه الأوَّلية الأساسية المستباحة على توالي السنين.. شعبٌ أعزلُ أعزل يواجه جهازاً أمنيّاً كبيراً واسعاً من أعتى أجهزة القمع والبطش في العالم، وألوفاً من «البلطجيّة» المجرمين المحترفين المسخّرين الذين لا يستنكفون عن أيّ جريمةٍ من الجرائم الماديّة والمعنويّة، وحكماً دكتاتوريّاً مستكبراً مستبدّاً فاسداً لا يبالي بارتكاب أيّ جريمة من جرائم القمع والإرهاب في سبيل الحفاظ على سلطانه ومكاسبهِ الحلالِ والحرام
والعجيبُ العجيب أن هذه الأمواجَ البشريةَ الساخطة، والجموعَ الغفيرةَ الغاضبةَ الثائرة، التي خرجت في مختلف أنحاء القطر المصريّ بالألوف وعشرات الألوف ومئات الألوف والملايين.. قد حافظت على سلميّةِ تحرّكها، وضبطِ تصرفها في وجه كلِّ عدوان واستفزاز.. لم تقتل، ولم تهدم، ولم تسمح بسلب أو نهب أو عدوان؛ بل لقد حمت بأجساد أبنائها بعض المؤسسات الحيوية، والمواقع الثقافية والأثرية كالمتحف المصريّ في ميدان التحرير.. مما أثار دهشةَ العالم وإعجابه، وتقدير العدوّ والصديق
لقد انتصرتْ ثورة مصر الشعبية العظيمة انتصارها المبدئيّ العظيم
انتصرت بأصالتها وصدقها ووعيها وعدالة قضيتها والحاجة الماسة إليها في مصر والعالم العربيّ والإسلاميّ
وانتصرت بصبرها واستمرارها وثقة الشعب بها واستمساكها بهدفها الجذريّ الجوهريّ الحاسم: إزاحة الرئيس، وإسقاط النظام، ووضع أسس جديدة لنظام صالح جديد
أكتب هذه الكلمات السريعة، تحيةً سريعة لثورة مصر العظيمة، ولآثارها الإيجابية الكبيرة المنتظرة -إن شاء الله- في العالم العربيّ والإسلاميّ، وفي بعض سياسات العالم
ولا بدّ من الإشارة إلى أمر:
لقد تمّت مرحلة الثورة الأولى بسقوط دكتاتورية الظلم والفساد والاستغلال والتبعية الخارجية وانحسار الدور المصريّ التاريخيّ على الصعيد الإقليميّ والعالميّ، وهو انتصار عظيم وإنجاز عظيم، وأمام مصر الآن مراحلُ البناء المستقبلي الإيجابي الجديد المتين على كلّ صعيد، وأمامها أيضاً واجب اليقظةِ والحذر، وحمايةِ الثورة ومكتسباتها وأهدافها من كلّ خطر أو انحراف أو انتكاس .
![]()
دعوةُ التغيير والإصلاح
(2)
عصام العطار
1- دعوةُ التغييرِ والإصلاحِ في سورية وسائرِ البلادِ العربيةِ والإسلاميةِ ليستْ دعوةَ فردٍ أو أفراد ، وحزبٍ أو أحزاب ، ومعارضةٍ أو موالاة ؛ ولكنّها قبلَ كلِّ شيء : دعوةُ الحقِّ والواجب . دعوةُ الأمة والبلاد . دعوةُ الحاضرِ والمستقبل . دعوةُ الحياةِ نفسِها إن أردنا أن نَسْتَمِرَّ في الحياة
2- أدعو المواطنين السوريين الواعين الغيورين على مختلفِ انتماءاتِهم واجتهاداتِهم الدينيةِ والعِرْقِيةِ والاجتماعيةِ والسياسيةِ إلى التواصلِ والتحاورِ والتوافقِ على مبادئِ وجوانبِ التغييرِ والإصلاحِ المطلوب ، وعلى الخطواتِ الضروريةِ للوصولِ إليه ؛ فقضيّةُ التغييرِ والإصلاحِ إنّما هيَ قضيّةُ وطنِنَا كلِّه ، وشعبِنَا كلِّهِ دونَ استثناء
3- أُؤَكِّدُ أَشَدَّ تأكيدٍ على استقلاليّةِ التحرّكِ وسِلْميّتهِ وجماعيّتهِ ورعايتهِ لمصالحِ البلادِ العليا في كلِّ خطوةٍ من الخطوات ، وعلى مواجهتِه الحازمةِ لكلِّ استغلالٍ داخليٍّ أو خارجيّ
4- سأُذَكِّرُ في الأيام القادمة -إن شاء الله- ببعضِ مبادئِ التغييرِ المطلوبِ وأُسُسِهِ كما رأى ذلك عدد من أرباب الثقافة والفكر السوريين المناضلين من أجل تحرّرِ سوريةَ من الدكتاتوريّة والاستبداد والظلم والفساد ، وتطوّرها وتقدُّمِها في مختلفِ الميادين .. ليكون ذلك عوناً على حوارٍ أقْوَم ، ورؤيةٍ أكمل ، وتوافقٍ أوسع ، وتحرّكٍ أوعى ، واللهُ المستعان.
الأربعاء في 13 ربيع الأول 1432ﻫ
16/2/2011م
![]()